"وإيه يعني" هو عرض مسرحي شبابي، ربما يشعرك الاسم ببساطة العمل، لكن ما إن تشاهده، حتى تغير رأيك تماما، حقيقةً هو عرض رائع وومتع وتجربة ثرية، تملأ المتلقي بالبهجة والدهشة والأسي فى آن، ليخرج بعد أن تغلق الستار غير نادم على الوقت الذي قضياه فى متابعة أبطالها.
العرض، هو إعداد درامي لرائعة الكاتب المسرحي الكبير ألفريد فرج "على جناح التبريزي وتابعه قفة"، تؤديه فرقة "أبيض فى أسود" المسرحية، فقد نجح المخرج موريس عدلي أن يوصلنا إلى رؤيته الفلسفية ويعرض أمامنا الواقع المرير الذي نعيشه ونصطدم به كل يوم فى قالب كوميدي.
العرض يستمر حوالي 3 ساعات ونيف، لكن الجهد المبذول من المخرج الكبير موريس عدلي وكتيبته استغرق من عمرهم حوالي عام ونصف، حيث بدأت البروفة الأولى للمسرحية في 15 أبريل 2015.
وبالحديث عن موريس عدلي، فإننا بالطبع نتحدث عن موهبة مسرحية تعتبر امتدادًا لمدرسة الأستاذ فؤاد المهندس المسرحية، وفى تجربته "وإيه يعني" دليل دامغ على عبقريته الفذة وفنه، خاصة أنه هو كاتب ومصمم الديكور ومخرج العرض .
وعن أداء أبطال العرض، فلا تتسع الكلمات لوصف كم النشاط والياة التى يطلقها كل فرد منهم- رغم اختلاف وتباين حجم أدوارهم-، فالمشاهد يشعر أن كل الممثلين أدوارهم مؤثرة وعميقة، وكأنهم مجموعة لبنات في جدارية ماهرة تتشكل وتبني على المسرح كلما تطور وتصاعد الحدث الدرامي.
إن خبرة المخرج موريس عدلي وجهد طاقم العمل والفلسفة الاجتماعية في العرض، وحتى الاستعراضات التي يؤديها ممثلي العرض أنفسهم، والديكورات التي صممها المخرج، مثلت رسالة واضحة بأن صناعة المسرح لم تمت، وأن الضجة الإعلامية والشو الإعلامي ليست دليلا على الموهبة، فنحن أمام حالة خاصة من مجموعة من الشباب الذين يمتلكون موهبة حقيقية، ولا يشغلهم سوى أداء دورهم برغبة وعشق صادقين.
"وإيه يعني" بادرة أمل للمسرح المصري، أبو الفنون كما يصفه النقاد، إنها عمل فني يحمل رسالة يعبر عنها الممثلون طوال العرض، ويلخصها الأبطال في مشهد الختام.
يقول المخرج موريس عدلي، فى حديثه لـ"أهل مصر": مسرحية "وإيه يعني" كانت مخاطرة في موضعها، رغم أن البعض قد يشعر أن الاسم لا يتناسب مع القيمة الفلسفية للعمل، لكنه أوضح أن الكلمة في حد ذاتها لها وقعها على الأذن، لاسيما أننا نستخدمها في العديد من الأمور الحياتية.
ويضيف: إن رسالة "وإيه يعني" هي تبيان كيف أن الاستهتار واللامبالاة والتكاسل عن مساعدة الغير، من الممكن، بل من المؤكد لكل هذه الكوارث أن تكون مقدمة لخراب يدمر بلدان وليس أشخاص".
ويجدر بنا أن نقول للنقاد والمهتمون بالإبداع، الذين يطالبون أهل الفن بأعمال تثري المشاهد وتحارب الظواهر السلبية في المجتمع، أنه يوجد هذا الفن القيم والغني، وأنه من واجبهم أن يثروا تجربتهم النقدية بعرض "وإيه يعني" ويضيفون لأنفسهم متعة مشاهدة مسرحية أبطالها شباب مبدع وواعد، فالعرض سيواصل لياليه في رابع أيام العيد على مسرح الفلكي بحرم الجامعة الأمريكية، بوسط القاهرة.