دعت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل التي تواجه انتقادات في بلادها بسبب سياستها حول الهجرة، السبت اوروبا الى توقيع اتفاقات مع دول اخرى تتيح ترحيل المهاجرين الذين لا يحق لهم طلب اللجوء.
وبعد عام من أسوأ أزمة هجرة تشهدها أوروبا منذ 1945، انتهت سياسة الأبواب المفتوحة التي اعتمدها الأوروبيون لفترة ويجري حاليا بحث خيارات اخرى.
وقالت ميركل إثر اجتماع اقليمي في فيينا ضم ممثلي عشر دول تقع على طريق البلقان التي يسلكها المهاجرون "نريد وقف الهجرة غير الشرعية وان نكون ايضا بمستوى مسؤولياتنا الانسانية".
واضافت "من الضروري توقيع اتفاقات مع دول اخرى، وخصوصا في افريقيا وايضا مع باكستان وافغانستان، بحيث يكون واضحا ان من لا يحق لهم البقاء في اوروبا سيرحلون الى بلدانهم الام".
وحتى مارس، سلك عشرات الاف المهاجرين "طريق البلقان" انطلاقا من اليونان في اتجاه غرب اوروبا. ولا يزال مئات منهم يحاولون يوميا عبور الحدود التي تخضع لرقابة مشددة وصولا الى اغلاق اجزاء منها باسلاك شائكة.
وفي الشهر نفسه وقع اتفاق بين الاتحاد الاوروبي وتركيا التي تستقبل اكثر من ثلاثة ملايين مهاجر، وعدت بموجبه انقرة بوقف تدفق المهاجرين الى اوروبا مقابل مساعدات ضخمة ومحفزات اخرى.
وبحسب المفوضية العليا للاجئين، عبر اكثر من 300 الف مهاجر ولاجىء البحر المتوسط في 2016 بهدف الوصول الى اوروبا وخصوصا الى ايطاليا، وهو عدد ادنى مما سجل في الاشهر التسعة الاولى من 2015 (520 الفا) لكنه يتجاوز مجموع الوافدين في العام 2014 (216 الفا و54 مهاجرا).
وتراجع عدد الوافدين عبر المتوسط بعد اغلاق طريق البلقان وتوقيع الاتفاق بين الاتحاد الاوروبي وتركيا.
اليونان تحت الضغط
ودعا رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس الذي شارك في اجتماع فيينا الى مزيد من التضامن الاوروبي مع بلاده التي تستضيف نحو ستين الف طالب لجوء منذ مارس.
وفي هذا الصدد، اسفت ميركل لكون نظام اعادة توزيع اللاجئين في أوروبا انطلاقا من اليونان وايطاليا "بطيئا جدا".
وطلب تسيبراس مزيدا من العنصر البشري الأوروبي لتعزيز أجهزة اللجوء اليونانية، الامر الذي كانت وعدت به الدول الاعضاء في الاشهر الاخيرة.
وشدد على وجوب "ان يفي الاتحاد الاوروبي بالتزاماته حيال تركيا"، وخصوصا عبر تحرير التأشيرات للمواطنين الاتراك.
ويخشى تسيبراس ان يؤدي وقف تنفيذ الاتفاق مع انقرة الى تدفق المهاجرين مجددا على الجزر اليونانية.
وقال تسيبراس في فيينا بحسب ما نقلت عنه وكالة الانباء اليونانية "من غير المقبول ان تتحمل الدول التي تستقبل (المهاجرين) اولا، العبء" مضيفا ان هذه المسالة يجب ان تكون معنية بها ايضا الدول التي يرغب المهاجرون في بلوغها.
وتستقبل بلغاريا، افقر دول الاتحاد الاوروبي، نحو عشرة الاف مهاجر عالقين على اراضيها رغم ان بروكسل وعدت صوفيا بمزيد من الدعم بما يشمل المساعدة من قوة حدود جديدة للاتحاد الاوروبي اعتبارا من 6 أكتوبر.
وتحولت مسألة استقبال اللاجئين الى مصدر للتوتر في أوساط الرأي العام في اوروبا. كما انها تغذي اندفاعة الاحزاب السياسية الشعبوية من اليمين المتطرف في النمسا والمانيا وفرنسا.
تجنب الفوضى
وقد أقرت ميركل مؤخرا بأنها ارتكبت خطأ في سياسة الهجرة في أعقاب نكستين انتخابيتين كبدها إياها اليمين الشعبوي. وبدا واضحا أن الناخبين جعلوها تدفع ثمن انفتاحها على استقبال اللاجئين.
واعتبر رئيس الوزراء المجري فيكتور اوربان، احد منتقدي سياسة الاستقبال التي تجسدها المستشارة والآلية الاوروبية لاعادة توطين اللاجئين، السبت ان على الاتحاد الاوروبي ان يعيد مهاجرين الى مصر وليبيا ودول اخرى.
وقد رفض اوربن استقبال اي مهاجر بموجب الاتفاق الاوروبي لتقاسم عبء المهاجرين. وسينظم استفتاء حول هذه الآلية في بلاده في الثاني من اكتوبر المقبل.
وتعهدت ميركل مؤخرا القيام بكل ما يلزم لتجنب فوضى جديدة مماثلة لما حدث في خريف عام 2015 عندما "فقدت السيطرة" على الحدود بشكل جزئي.
وشاركت في الاجتماع ايضا رومانيا وكرواتيا وسلوفينيا وكذلك مقدونيا والبانيا، وهما من خارج الاتحاد الاوروبي، كما صربيا.
وبموجب الاتفاق التركي الاوروبي الذي وقع في مارس الماضي، تشدد أنقرة الرقابة على حدودها لمنع تسلل مهاجرين وتحصل على مساعدات لإعادة مهاجرين انطلقوا من أراضيها.
الا ان الاتفاق مع انقرة والتحكم في تدفق المهاجرين مهددان بالفشل اذا لم يتم إعفاء الاتراك من تأشيرة الدخول الى فضاء شنغن في اكتوبر، وهو أمر طالبت به أنقرة خلال المفاوضات، وتنقسم إزاءه الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي.
وتعرب المفوضية عن القلق حيال عدد المراكب التي تقل مهاجرين وتتحطم في البحر. فقد غرق زورق صيد كان يقل المئات الى ايطاليا الاربعاء قبالة مدينة رشيد المصرية ما أدى الى مقتل 162 شخصا.