هل يمكن أن تزدهر الأغنية العاطفية الراقية في مجتمع مقهور ومأزوم ويحكمه طاغية؟
إن من يتأمل تطور الأغنية العاطفية ورقيها في زمن ناصر (1952/ 1970) سيكتشف أنها بلغت مستويات غير مسبوقة، ولا ملحوقة، ولك أن تعرف أن الغالبية العظمى من أغنيات حليم وشادية ونجاة وفايزة وصباح ووردة وقنديل والعطار والتلباني ورشدي ومحرم فؤاد وعبد المطلب وكارم محمود وعبد العزيز محمود، ولن أقول أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد، قد ظهرت في زمن ناصر.
لاحظ أنني لم أتحدث عن الأغنية الوطنية، حتى لا يقول بعضهم (إنهم نفذوها بالأمر)، كما أرجو أن تلاحظ أن عبقرية الموجي والطويل وبليغ ومرسي جميل عزيز والابنودي وعبد الرحيم منصور وحسين السيد وفتحي قورة وأبو السعود الأبياري قد تجلت في ذلك الزمن. وإذا قال أحدهم إن هؤلاء المبدعين العظام قد ولدوا في العهد الملكي، وتشربوا التجربة (الليبرالية) فأبدعوا، فلنا أن نسألهم، لو كانت مصر الخمسينيات والستينيات بائسة ومقهورة، فكيف يمكن لهم أن يبدعوا وينتجوا لنا آلاف الأغنيات العاطفية الرائعة؟
ولن أتكلم عن المنجزات المدهشة في السينما والمسرح في زمن ناصر.
هذه كلمة في حق رجل أحب الناس الغلابة، وما أكثرهم في مصر المحروسة!