اتهمت منظمة العفو الدولية القوات السودانية باستخدام أسلحة كيميائية في هجمات على قرى في إقليم دارفور المضطرب مما تسبب في مقتل أكثر من مئتي مدني بينهم أطفال، وذلك بين يناير وسبتمبر 2016م.
وقالت المنظمة الحقوقية في تقرير لها نشر الخميس: "إن الهجمات الكيميائية تمت كجزء من الحملة المكثفة للقوات الحكومية ضد متمردي حركة تحرير السودان، جناح عبد الواحد نور، في منطقة جبل مرة خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر2016م".
وأوردت في تقريرها: "جمع محققو منظمة العفو أدلة على استخدام متكرر لما يرجح أنه أسلحة كيميائية ضد المدنيين بمن فيهم الأطفال بواسطة قوات الحكومة السودانية في واحدة من المناطق النائية بإقليم دارفور خلال الأشهر الثمانية الماضية".
وقدرت أن "ما بين 200 و250 شخصا قد يكونوا قد ماتوا نتيجة لانفجار الأسلحة الكيميائية أغلبهم أطفال".
وتضمن التقرير صورا لأطفال أصيبوا في الهجمات وصورا بالأقمار الصناعية لقرى دمرت، ومدنيين فروا من منازلهم إضافة إلى مقابلات مع خبراء أسلحة كيميائية.
وأكدت المنظمة أن الهجوم على جبل مرة كان جزءً من العملية العسكرية للحكومة ضد متمردي حركة تحرير السودان، جناح عبد الواحد نور، التي تتهمها الحكومة بنصب الكمائن لقواتها ومهاجمة المدنيين".
جرائم حرب
قال مدير أبحاث الأزمات في المنظمة، تيرانا حسن، في التقرير: "إن عشرات الآلاف أجبروا على الفرار من جبل مرة منذ أن بدأت الحملة الجوية والأرضية في يناير".
وأضاف: "الأدلة التي جمعناها موثقة، كما أن النظام يشن هجمات ضد السكان المدنيين في دارفور بدون خوف من العقاب الدولي".
وأوضحت المنظمة أن الهجمات على جبل مرة ترقى إلى "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من خلال التسبب بعمليات النزوح الكبيرة وقتل المدنيين".
وأكد حسن أن القوات الحكومية استخدمت نوعا من الأسلحة الكيميائية في هجماتها على 32 قرية بجبل مرة، وكانت هجمات وحشية وصادمة، كما أن العديد من الصور الفوتوغرافية تظهر أجساد أطفال صغار مغطاة بالبثور، وبعضهم لا يستطيعون التنفس ويتقيأون دما".
وقالت خبيرة الأسلحة الكيميائية، جنيفر كاناك، في تسجيل مصور أرفقته المنظمة مع التقرير: "هناك حروقا مروعة وإذا لمست أي جزء من الجلد يسقط منه جزءا كبيرا، وهذا يشير إلى استخدام أكثر من نوع واحد من الأسلحة الكيميائية".
وذكر التقرير أن عشرات من الناجين عانوا من أمراض على مدى أيام بسبب انفجار الأسلحة الكيميائية، ونقل عن إحدى النساء الناجيات برفقة طفلها: "عندما تسقط القنبلة يكون هناك لهب ومن ثم ظلام ودخان، وتصاب فورا بالقيء وتحس أن جلدك ليس طبيعيا".
وأوردت ناجية أخرى أن اطفالها مرضوا يوم الهجوم وهم يتقيأون مذاك وأصيبوا بالإسهال، ولديهم سعال وباتت أجسادهم سوداء كأنها أصيبت بحريق".
أرض محروقة
طالبت منظمة العفو الخرطوم بالسماح لقوات حفظ السلام بالوصول إلى جبل مرة، وقال حسن: "أرض محروقة واغتصاب جماعي وقتل وقصف، إنها الجرائم نفسها التي ارتكبت في دارفور عام 2004م، والإقليم الذي تستمر فيه دورة العنف منذ أكثر من 13 عاما لم يتغير فيه شيء باستثناء توقف العالم عن مراقبة الأمر".
والسودان الذي تفرض عليه الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية منذ عام 1997م، وتنتشر فيه قوة حفظ سلام دولية منذ 2007م هو إحدى الدول الموقعة على اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيميائية.
واندلع القتال في إقليم دارفور بغرب البلاد عندما حملت السلاح مجموعات تنتمي إلى أقليات إفريقية ضد حكومة الرئيس عمر البشير عام 2003م، وردا على ذلك أطلق البشير حملة عسكرية للقضاء على المتمردين.
وقتل جراء النزاع 300 ألف شخص وهجر 2،5 مليون آخرون وفق تقديرات الأمم المتحدة.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق البشير العامين 2009 و2010م بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة في دارفور.
من جهتها، تشدد الخرطوم على أن النزاع في دارفور انتهى.