واقع مرير يظهر في حديث المستثمرين عن معوقات الاستثمار في مصر، ومواقف أشبه بالطرائف والعجائب تدعو للضحك الممتزج بالحسرة على ما آل له حال الاستثمار، ويكشف زيف كافة الشعارات البراقة التى تروج لها الحكومة عند الحديث عن جذب الاستثمارات وتحقيق التنمية، حيث أن المشكلة ليست في حوافز ضريبية أو مناطق حرة خاصة، كما يحاول بعض الوزراء تصويرها، ولكنها في تركة عفنة من الفساد والبيروقراطية أصبح الموظف فيها عقبة في طريق التنمية.
من جانبه أكد رجل الأعمال علاء السقطي، رئيس جمعية مستثمري المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أن الأرض والتراخيص أبرز معوق يمكن أن يواجه المستثمر في مصر.
ووصف "السقطي" ما آل إليه وضع الاستثمار في مصر بالكوميدي- في مرارة وحسرة- حيث قال: "من أطرف الشروط عند الحصول على ترخيص أى مشروع صناعي هي موافقات البيئة، حيث كنت أقوم ببناء مصنع زيت بأحد المدن الجديدة، ومن نوادر قانون البيئة أنه يجب أن تجمع عدد حوالي 40 شخص ممثلين للسكان والمصانع المحيطة بك وممثلين عن جهاز المدينة وتقوم بعمل مؤتمر لهم وشرح فوائد وأضرار المشروع وتأخذ موافقتهم كشرط لموافقة البيئة على المشروع، وهو إجراء لا قيمة له على الأطلاق لأن رجل الأعمال يمكن أن يؤجر 40 شخص ويقوم بعمل كل ذلك بسهولة ولكن ما فائدته سواء للمشروع أو للبيئة، وهل الوزارة بخبرائها لا تستطيع تحديد مدى ملائمة المشروع للمعايير البيئية من عدمه، وهل 40 شخص قد يكون لهم مصلحة شخصية في قطعة الأرض الخاصة بالمشروع يوقفون مشروعًا قد يفيد البلد بأكمله قائلًا "ده كلام كوميدي".
وأوضح "السقطي"، أن استخراج ترخيص البناء يأخذ وقت طويل، قائلًا: "قعدت 6 أشهر في المجمعة العشرية عشان اخلص موضوع تافه كنت بابنى مول داخل تجمع سكنى فنشب خلاف بين مهندس المشروع وموظف المجمعة العشرية وتطاول عليه "شدو مع بعض"، فعمله خطاب ايقاف أعمال وأبلغ جهاز المدينة وطبعًا الجهاز اترعب واستمر العمل متوقف لمدة 6 اشهر حتى قمت باستخراج خطاب استمرار أعمال مرة اخرى".
وأضاف السقطي، أنه لا يوجد قانون يحاسب الموظف على الاهمال أو التقصير أو عدم اتمام العمل، قائلًا: "أنه إذا كانت الخيانة في السابق هي بالتجسس لصالح العدو فإن الخيانة اليوم انك تعطل الانتاج فلازم يكون في عقاب رادع وكل إجراء له زمن محدد، فأنا استطيع مكالمة الوزير والمسئولين فما بالك بالمستثمر الصغير ماذا يفعل؟، في الغالب بيدور على حد يخلصله شغله وهو ما يدعم الفساد".
ومن النوادر التى حكاها لنا "السقطي" أيضًا، أنه كان يقوم ببناء مجمع سكني أيام الثورة وكان هناك بعد بعض "المون" من حديد وإسمنت وطوب فخوفًا عليها من السرقة قام ببناء عمارة بها في المشروع في نفس مكانها في المخطط، ولكن لم يكن قد صدر لها ترخيص بعد، فما كان من الحي إلا أن أصدر لها قرارا إزالة وبعد مفاوضات تم وقف قرار الإزالة، ولكن إلى الأن لم يصدر لها ترخيص والسكان يحصلون على الكهرباء من العقار المجاور، ولا بتدفع ضرائب عقارية ولا رسوم وبيضيع حق الدولة.
فيما قال على عيسى، رجل أعمال: "إن عدم استقرار العملة من أهم مشاكل الاستثمار في مصر، الإضافة إلى أن الضرائب اصبحت مرتفعة جدا مقارنة بالدول المحيطة".
وأضاف: "إذا قمت بالتصنيع في الخليج أو السعودية يتم إعفاءك من الضرائب والجمارك سواء على التصدير أو استيراد مستلزمات الانتاج.
وأكد عيسى، أن قانون الاستثمار لا يقارن بالدول المحيطة، متسائلًا بعد تعديل القانون هل تستطيع الوزارة خلق قدرة تنافسية؟ هل يقدر على جذب الاستثمار مقارنة بالدول المحيطة بحيث يستثمر في مصر بدلًا من الاستثمار في الامارات أو السعودية.
وأشار إلى أن التصنيع في مصر مكلف، وهناك ندرة في الاراضى حتى العمالة في دول الخليج أرخص من العمالة المصرية الغير مدربة، والخدمات اللوجيستية من حيث البنية التحتية للنقل والمرافق لا تقارن بدول الخليج.
وأوضح عيسى، أن المشكلة ليس في انك تؤسس شركة ولكن في ضمان حياة الشركة نفسها لأنك تحتاج موافقات يومية من الحكومة، وتأخير أى موافقات يؤثر بشكل سلبى على المشروع.
واتفق معهم فتح الله فوزي، نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، في أن من أهم المعوقات هي عدم توافر الدولار وارتفاع سعره، والبيروقراطية، أيضا قانون الاستثمار، وعدم تطبيق مشروع الشباك الواحد لعدم وضوح الملامح، وتعدد جهات التراخيص، وندرة الأراضي.
وأضاف "فوزي"، نتمنى أن يتم تعديل قانون الاستثمار في أقرب وقت، مؤكدًا أن المجلس الاعلى للاستثمار سيكون له دور كبير في في تهيئة مناخ جاذب للاستثمار خلال الفترة المقبلة.
وعن الاستثمار في الصعيد يقول على حمزة، رئيس مجلس تنمية الصعيد بالاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، إن ترفيق المناطق الصناعية بالصعيد يعتبر من أهم معوقات الاستثمار هناك، حيث أن توقف ترفيقها يعوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة خاصة المشروعات الحرفية، التى لها دور فعال في تشغيل العمالة ووقف الهجرة الداخلية.
وأضاف أن من ضمن العراقيل أيضًا مسألة التمويل الممنوح للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والشروط "المعجزة" التى تضعها البنوك إلى جانب اشتراطات هيئة التنمية الصناعية بضرورة توافر معدات الحماية المدنية بموقع المشروع وهو ما يكلف المصنع بأعباء إضافية.