أحد مقاهي دمشق، ومنذ وجوده، لم يقتصر دور المقاهي على تقديم المشروبات، فدائمًا ترد أسماء مقاهي خلال الكلام عن الحياة السياسية والاجتماعية، في البلاد، حيث يقصدها الناس للتداول في الأخبار اليومية وتبادل الآراء والأفكار.
واستقطبت المقاهي، آنذاك، الكثير من الكتاب والمفكرين والصحافيين والرسامين والشعراء، كما شهدت، منذ بداياتها، أنشطة ترفيهية ثم أنشطة ثقافية وفنية وفنانين معروفين وصاعدين؛ ففي دمشق مثلًا، ثم في مدنٍ أخرى، بدأت المقاهي منذ أوائل القرن السابع عشر بتقديم ألعاب النرد والورق والشطرنج لروادها ثم ما لبثت أن استقطبت الموسيقيين الذين اتخذوها مكانًا لتقديم وصلاتهم الموسيقية والغنائية بشكلٍ دائم.
كما تميزت مقاهي دمشق، وتبعتها إلى ذلك مقاهي القدس، بتقديم القصص والسير من خلال عروض "الحكواتي والكركوز"، حيث يُقال إن أشهر من قدم هذه العروض في القدس، هو محمود الحكواتي، وهو من مدينة طرابلس، فتذكر بعض المراجع أنه كان يقضي شهر رمضان في القدس، حيث كان يقسم عروضه كل ليلة إلى فصول، يبدأها بعد الإفطار بعرضٍ في مقهى معين، ثم يذهب إلى مقهًى ثانٍ ليستكمل عرضه ثم إلى مقهًى ثالث ورابع فيتابع وصلاته طيلة الليل حتى وقت السحور.