تمر اليوم ذكري ميلاد رفاعة الطهطاوي مؤسس عهد التنوير والنهضة العلمية فى مصر، الذي التحق بالأزهر وهو فى عمر السادسة وتتلمذ على يد عدد من علماء الأزهر العظام كان من بينهم من تولى مشيخة الجامع الأزهر؛ وبعد أن أمضى "رفاعة" فى الأزهر ست سنوات، جلس للتدريس فيه وهو فى الحادية والعشرين من عمره، والتف حوله الطلبة يتلقون عنه علوم المنطق والحديث والبلاغة والعروض، وكانت له طريقة آسرة فى الشرح جعلت الطلبة يتعلقون به ويقبلون على درسه، ثم ترك التدريس بعد عامين والتحق بالجيش النظامى الذى أنشأه محمد على إمامًا وواعظًا لإحدى فرقه، واستفاد من هذه الفترة الدقة والنظام.
يصل نسبه إلي الحسين ابن علي عليه السلام، فتح له محمد على باشا أبواب العلم، فقاد مع آخرين النهضة العلمية التى صنعت مصر الحديثة، ورغم الانتكاسات التى واجهها مشروعه التنويرى فى عهدى الخديو عباس والخديو سعيد، إلا أنه أكمل دوره كصاحب رسالة تتعلم منه الأجيال حتى اليوم.
وفى عام 1826 كان الطهطاوى ضمن بعثة الإيفاد التى أرسلتها الحكومة المصرية إلى فرنسا، حيث رشحه الشيخ حسن العطار لكى يقوم بوعظ وإرشاد طلابها، وليؤمهم فى الصلاة، لكن الواعظ الشاب لم يكتفِ بذلك.
تعلم اللغة الفرنسية وأجاد فيها، وانضم إلى البعثة كدارس للترجمة وبعد سنوات خمسٍ حافلة قدَّم مخطوطة كتابه الذى نال بعد ذلك شهرة واسعة "تَخْلِيصُ الإِبْرِيزِ فىِ تَلْخِيصِ بَارِيز"، ليعود بعدها إلى القاهرة عام 1832، وكانت قد سبقته إلى محمد على تقارير أساتذته فى فرنسا تحكى تفوقه وامتيازه وتعلق عليه الآمال فى مجال الترجمة، فكانت أولى الوظائف التى تولاها بعد عودته مترجم بمدرسة الطب، وكان أول مصرى يُعّين فى مثل هذا العمل، ثُم انتقل إلى مدرسة الطوبجية –المدفعية- كى يعمل مترجمًا للعلوم الهندسية والفنون العسكرية.
افتتحت أول مدرسة للغة على يديه عام 1835 التى أطلق عليها عقب ذلك مدرسة الالسن، كما أنشأ متحفًا للآثار فى تاريخ مصر، وأول مؤسس لصحيفة أخبار، حيث قام بتغيير شكل جريدة "الوقائع المصرية" -التى صدر عددها الأول فى 3 ديسمبر 1828 عندما كان فى باريس- بعد أن تولى الإشراف عليها، وكانت تصدر باللغتين العربية والتركية، فجعل الأخبار المصرية المادة الأساسية بدلًا من التركية، وأول من أحيا المقال السياسى عبر افتتاحيته فى جريدة الوقائع، وأصبح للجريدة فى عهده محررون من الكتاب كان من أبرزهم أحمد فارس الشدياق، والسيد شهاب الدين.
كا أصدر أول مجلة ثقافية فى تاريخ مصر "روضة المدارِس"، وكتب فى التاريخ "أَنْوارُ تَوْفِيقِ الجَلِيل فِى أَخْبَارِ مِصْرَ وتَوْثِيقِ بَنىِ إِسْمَاعِيل"، وفى التربية والتعليم "مَبَاهِجُ الأَلْبَابِ المِصْرِيَّةِ فِى مَنَاهِج الآدَابِ العَصْرِيَّةِ.. المُرْشِدُ الأَمِينِ للبَنَاتِ والبنَينِ"، وفى السيرة النبوية "نِهَايَةُ الإِيجَازِ فِى تَارِيخِ سَاكِنِ الحِجَازِ".
جدير بالذكر أن "الطهطاوي" ولد في محافظة سوهاج عام 1801، فى 27 مايو 1873 عن عمر يناهز الثانية والسبعين.