ظاهرة اجتاحت قرى الصعيد، انتشرت على مر العصور، لم ينهها مستوى تعليمي أو مستوى اجتماعي." الثأر" من أخطر الظواهر الاجتماعية التي عانت منها المجتمعات البشرية، وهي قديمة قِدَمَ الوجود البشري على سطح البسيطة، والتي تعتبر من أخطر ما يهدد سلامة وأمن وسكينة المجتمعات، كما تعتبر العدو الأول للتنمية والتطوير.
"ثأر من الجاهلية"
تعد ظاهرة الثأر من العادات السيئة، وهي من بقايا الجاهلية التي كانت منتشرة في الناس قبل الإسلام، فلما أشرق الإسلام بتعاليمه، قضى على هذه الظاهرة وشرع القصاص، حيث يطبق بالعدل، ويقوم به ولي الأمر، وليس آحاد الناس حتى لا تكون الحياة فوضى.
وتنتشر هذه الظاهرة في المجتمعات القَبَلِيَّة، والتي تتميز بقوة العصبية القبلية فيها، ومن هذه المجتمعات القبائل العربية عمومًا، والمنتشرة في جميع أراضي الوطن العربي الكبير، وتزداد هذه الظاهرة كلما ازدادت مظاهر وجود القبيلة، ومن النماذج الأكثر وضوحًا في هذا المجال: المجتمع اليمني، ومجتمع صعيد مصر.
"الثأر بالرصاص"مجازر تهدر الأرواح، ما بين السلاح الأبيض والأسلحة الآلي، التي يحصل عليها العائلات، بينها خلافات متوارثة بين العائلات - بعيدًا عن اختلاف أسبابها- أشهرها مجزرة قبيلتى الـ"الهلايل" و"الدابودية" بأسوان، والتي راح ضحيتها 23 قتيلا، واحترق فيها 16 منزلا، كما أصيب عشرات الأشخاص، وفي مدينة قوص بمحافظة قنا، منذ عشرات السنين ارتدى 6 أشخاص من إحدى العائلات ملابس النساء، ونزلوا إلى السوق فى وسط النهار بعد أن أخفوا البنادق الآلية فى ملابسهم، وقتلوا 13 شخصًا من عائلة خصومهم، فما كان من العائلة الأخرى إلا أن قتلتهم قبل أن يخرجوا من السوق.
وفي محافظة المنيا، اختلفت عائلتان حول منصب لعمودية، لتستمر العداوة حتى 75 عامًا، حيث بدأ الصراع بطعنة سددها أحد أفراد العائلة لشاب آخر بسبب مزاح بين شابين، تطورت إلى طعن أحدهما الآخر، ورغم حبس الجاني سنة، إلا أن الصراع ظل ممتدًا بين الطرفين، وفشلت وسائل الصلح بين الطرفين، وسقط على إثر ذلك 12 قتيلا من العائلتين.
"هل ينتهي عصر الأسلحة في الثأر"طريقة جديدة اتبعها المصريون في الأخذ بالثأر، لا يحتاج فيها أحد الطرفين إلى السلاح أو العراك، وهي "قميص النوم".أقدمت عائلة "أبو شناف" بمركز يوسف الصديق في الفيوم، على خطف شيخ البلد وابن عمه من عائلة اللاهوني، وقاموا بتجريدهما من ملابسهما، اليوم، وأجبروهما على ارتداء قمصان نوم حريمي، وطافوا بهما في شوارع قريتي حمزاوي وشعلان، ثم سلموهما للعمدة بعد تصويرهما بقميص النوم، على طريقة محمد رمضان في مسلسل "الأسطورة"، الذي تم عرضه في رمضان الماضي.
جاء ذلك ردًا على ما حدث من قبل بعض أفراد عائلة اللاهوني، في رمضان الماضي، بتجريد أحد الأفراد من عائلة اللاهوني من ملابسه، وتصويره بالفيديو، بسبب خلافات مع زوجته.
"فتش عن المرأة"تلعب المرأة الصعيدية دورا مهما فى الأخذ بالثأر، فالمرأة ربما تكون مقهورة ومحملة بالكثير من الهموم والأعباء، لكنها تلعب دور الحارس على تلك التقاليد، وعلى رأسها الثأر، فالمرأة تكاد توهب حياتها بالكامل للثأر لأب أو زوج أو أخ أو ابن قتل غدرا، وتتصدى لأي محاولة من أفراد أسرتها للتهرب من "الدم"، وكثيرا ما تقدم على "حلق شعرها" بالكامل لتستحث الرجال على أخذ الثأر، وفي هذه الطريقة الجديدة، تحضر المراة أيضًا في المشهد بـ"قميص وم" يعود بشكل أو آخر لإحدى سيدات العائلتين.