اعلان
اعلان

باحث مصري: الفراعنة "لقب مدسوس على المصريين القدماء"

احمد سعد الدين

أحمد سعد الدين..قمت برحلات ميدانية إلى معظم محافظات وآثار مصر.. فرعون ذو الاوتاد يفضح إسرائيل.. هل يعقل أن يكون لقب البيت العالي هو اسم الملك؟.. غير صحيح أن ملوك البطالمة كانوا يسمون أنفسهم فراعنة..

أحمد محمد سعد الدين باحث وكاتب مصري تردد اسمه كثيرا في العامين الماضيين، تخرج من إدارة الأعمال وحصل على درجة الدبلوما في الدراسات العليا في إدارة الجودة الشاملة من الجامعة الأمريكية وماجستير في إدارة الأعمال ويعمل كاستشاري للجودة ونظم الإدارة الحديثة ..

صاحب أبحاث متنوعة في فروع التاريخ القديم المختلفة، يعد أول عمل مطبوع هو كتاب " فرعون ذو الأوتاد" إصدار دار الكتاب العربي 2015 والذي يعد باكورة أعمال المؤلف وهو بحث تاريخي موسع وموسوعي عن حقيقة وأصل فرعون وقومه، يدحض فيه تزويرات اليهود للتاريخ وجهود التهويد المختلفة عبر العصور السابقة.

- في البداية وقبل الخوض في الأسئلة التي تخص البحث ..ماذا عن مصادرة الكتاب من قبل إسرائيل في محاولة لمنعه من دخول الأراضي الفلسطينية؟

صدر الكتاب في مطلع عام 2015، وكان نشره يشكل مخاطرة لدار النشر، لما يتضمنه من حقائق كاشفة للتزوير التاريخي إضافة إلى أنه أول أعمالي وهو كتاب موسوعي ضخم ذو طابع أكاديمي رغم صياغته الأدبية، لكنه يسبح ضد التيار كما يعرف كل من قرأه، ومشحون بما يحمله من دلائل تاريخية وعقائدية تنفي جميع ما تزعمه إسرائيل حول أسطورة الأرض الموعودة، ولهذا فالهدف الرئيسي من الكتاب هو إعادة الحق إلى الفلسطينيين، ومساندة القضية الفلسطينية التي يدور حولها الكتاب بشكل مباشر، خاصة أن الكتاب يعتبر بحث تاريخي موسع يدحض الأساطير اليهودية بأدلة واضحة، ويثبت تبعية الأرض إلى الفلسطينيين تاريخيا وأثريا ودينيا، وقد استندت في أدلته على التاريخ والديانات، والوثائق، والتراث، حتى تكتمل أركان الأدلة جميعا.

ويبدو أن الكتاب قد أزعج ممثل السلطات الإسرائيلية المتواجد على أحد المعابر إذ تم إيقاف الشحنة على المعبر لمراجعتها، وعقب تصفح عينة مبدئية من الكتاب، صدرت الأوامر بنقل الشحنة بالكامل إلى المخازن ومصادرة شحنة الكتاب دون إبداء أي أسباب منطقية.

وقد قام الإسرائيليون بفحص الكتاب عند دخوله للأراضي الفلسطينية ، مما أسفر عن مصادرة الكمية وقتها وكان هذا في أغسطس من عام 2015، وقام المسئول عن المصنفات المتواجد بالمعبر وقتها بمراجعة الكتاب مراجعه سريعة، وبعد نصف ساعة من تصفح الكتاب قرر أن يصادر الكمية بالكامل خاصة بعد أن وصل للفصل السادس، الذي يكشف كل التزويرات التي تخص قصة بني إسرائيل وخروجهم من مصر، ودخل الكتاب المخازن، وقد حاول الشخص الذي كان يرافق الشحنة في طريقها إلى فلسطين حاول إخراج الشحنة وإعادتها من حيث أتت دون إتمام عملية الشحن، إلا أن القوات الإسرائيلية لم تتقبل الأمر، وأمرت بالمصادرة الفورية دون إبداء أي أسباب ، مما تسبب في وقوع خسائر مادية لدار النشر ، ولسبب ما قررت سلطات الكيان الصهيوني الافراج عن الكمية بعد تلك الواقعة بأربعة شهور، وفي اعتقادي أن الكتاب قد وصل بمحتواه لعمق معين هم يرفضون وصوله لعرب الداخل، وﻻ يرغبون أن تعرف الأجيال القادمة هذا الكلام، ولو استطاعوا منعه عن العالم كله لفعلوا ذلك ﻷنه يفضحهم ويفضح تزويرهم ، لكن تلك الواقعة كانت نقطة تحول في رحلة الكتاب وانتشاره.

- بدأت رحلة البحث في مرحلة مبكرة من حياتك، حدثنا عن أهم محطات رحلة البحث وكيف استفدت من تلك النشأة؟ ومن أين نبعت فكرة البحث؟

نشأت نشأة خاصة جداً من حيث الاهتمام بالتاريخ فمنذ عمر مبكر كنت أذهب إلى المتاحف والمواقع الأثرية، وبيتنا كان زاخرا بالكتب والموسوعات عن التاريخ القديم والآثار والتي كنت مهتما بها غاية الاهتمام حتى بلغت سن الـ 20 ودرست التاريخ والآثار دراسة غير نظامية مما جعلني أحصل على معلومات ضخمة وهو من أحد الأسباب التي جعلتني لم التحق بكلية الآثار فمجال الدراسة مختلف تماما ويقتل الشغف والاهتمام والموهبة وفضلت أن أحتفظ بكل هذا الإقبال والشغف تجاه الآثار.

وبعد العشرين انطلقت في رحلة البحث فعليا والتي استمرت لمدة 17 عاما كاملة حتى ظهر كتابي للنور، ربما كانت تلك الرحلة متقطعة بكل تأكيد يتخللها فترات من الانشغال بمشاغل الحياة ، لكن منذ تلك الفترة العمرية وأنا منكب على دراسة الموضوع دراسة شبه أكاديمية رغم عدم تخصصي ، بالإضافة للأبحاث الميدانية التي أجريتها بنفسي في زيارة المواقع الأثرية والمتاحف والمقابر الملكية والمعابد المصرية القديمة في شرق مصر وغربها ، وكان لوالدي رحمه الله دور كبير في تلك الرحلة البحثية ، فقد كان إلى جانب درايته الكبيرة مثقفا كبيرا وجمع جمعا غفيرا من الكتب والموسوعات والمراجع والأبحاث في التاريخ المصري القديم وتاريخ الشرق بوجه عام مما كان له أكبر الأثر على انطلاقي في سن مبكر في رحلة البحث المرتجلة هذه والتي لم تكن في الحسبان.

كان عندي علامات استفهام كبيرة عن كل الآثار المصرية ولم أترك مكانا إلا وذهبت إليه وقررت البحث ميدانيا ودخلت جميع الأماكن الأثرية حتى المغلقة منها والتي لم يكن بالإمكان دخولها وبدأت أبحث في جميع أرجاء مصر لأرى القطع الأثرية والمواقع بنفسي. ولم أترك موقع أثري دون أن أدخله بسبب حماسة الشباب والطاقة التي كانت بداخلي في هذه الفترة العمرية. الخطوة التي حدثت بعد ذلك من أجل الوصول للحقيقة والتي لم أستطع أن أحصل عليها من الكتب وهي القصة التي وردت في جميع الكتب المقدسة سواء اليهودية أو المسيحية أو الإسلامية والصراع الذي حدث بين بني إسرائيل من جهة وفرعون وقومه من جهة أخرى.

في البداية سألت المتخصصين في الآثار والتاريخ عن القصة، وكانت الإجابة دائما هي أنه لا يوجد للقصة أثر يذكر! وبالفعل لم أترك أي مصدر أثري ولا مصدر تاريخي إلا وبحثت فيه، كان هناك صراع بداخلي لاكتشاف الحقيقة وهذا ما ألزمني أن أنتقل لنقطة أخرى.

كان الواقع والشواهد التاريخية تقول أن هذه القصة لم تحدث بالضرورة نهائيا أو أن هناك أدلة قد تم إتلافها لذلك اتجه الملحدين لإنكار هذه القصة بالكلية وأنا أميل إلى أن هناك بعض الأدلة قد تم إخفائها حتى ينكر الناس القصة بالكلية أو أن تتجه أنظارهم إلى اتجاه خاطئ ويصدقون التزويرات اليهودية وهو ما حدث بالفعل. لقد لخص والدي رحمه الله أطراف الموضوع بالكامل بعبارة رائعة لازلت أذكرها من سنوات طويلة قال فيها : ” فرعون كان حاكماً تربع على عرش مصر في العصور القديمة لم يؤمن بالله أو بالآخرة هو وقومه وأسرته الحاكمة، وأمر ببناء صرح من الطين المحروق ليكون بوابة -حسب ظنه- يتطلع منها إلى إله السماء ليتأكد من وجوده، واحتفل بعيد شرقي عتيق اسمه "يوم الزينة" جاءوا به من بلاد الشرق الأدنى القديم، كان يقتل بالصلب ويعذب خصومه بالأوتاد ويقطع الأطراف وكان لديه هاجس الخروج والطرد من الأرض مع قومه اتصف هو وقومه بالفروسية والجندية وقد ادعى أنه الرب الأعلى والإله الأوحد ولم يبق له أو لقومه آثار ولا صناعة ولا شيء مُنشأ على وجه الأرض وكان أبتراً وليس له وريث أو ولي للعهد غرق هو وجنوده وأسرته الملكية أجمعين ، وكان هو الوحيد في التاريخ الذي حمل هذا الاسم في التاريخ القديم ، هذا الحاكم كان اسمه فرعون وكان لقبه ذو الأوتاد!” وبعد سنوات من عبارة والدي التي لخصت الموضوع بالكامل اكتشفت أن هذه الصفات لا يمكن أن تنطبق على ملك مصري من ملوك مصر القديمة لتتداعى الحقائق بعد ذلك وتظهر الأدلة ويتبلور البحث بالكامل في صورة كتابي الموسوعي ذو الألف صفحة والذي ظهر للنور في بداية العام الماضي.

- كيف جاءت فكرة أن فرعون هو اسم وليس لقب؟ مع أن هذه النظرية تنفي فكرة الفراعنة كليةً؟

الأدلة على أن كلمة "فرعون" هي اسم وليست لقب كثيرة جدا، لكن توجد إشكالية نوعية الأدلة، فبعض المتمسكين بمبدأ الفصل بين الدين والتاريخ ، يرون عدم اقحام الدين في المسألة من وجهة نظرهم ، أما المؤمنين بالرسالات فيرون أن التاريخ والدين لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض، لأنهما يكملان الصورة معا، لكن يمكننا تقسيم الأدلة من حيث النوع إلى أدلة من الكتب المقدسة وأدلة أخرى من التاريخ والآثار، فعلى سبيل المثال لا الحصر الأدلة التي نراها في الآثار أكثرها وضوحا أنه بعد أن تكشفت حروف الكتابة الهيروغليفية التي أعلنها "شامبليون" من خلال استقرائه لحجر رشيد ثلاثي الكتابة ، بدأ علماء المصريات الغربيون رحلتهم الطويلة في محاولة العثور على قصة الخروج التوراتية من الآثار المصرية ، وكانوا على أمل كبير أن يجدوا بغيتهم وأن يحققوا هدفهم لكن البحث استمر طويلا دون طائل ، عشرات من البرديات والرسائل والجداريات قد تم ترجمتها، العديد من الأحداث التي جرت في مصر القديمة قد تكشفت للباحثين ، الصورة العامة للحياة اليومية لقدماء القبط المصريين أصبحت معروفة ومسجلة، العديد والعديد من التفاصيل والأحداث فيما يخص التجارة والصناعة والزراعة والعبادة والدين وكل شيء يخص حياتهم أصبح معروفا ومسجلا ، لكن لم يجد أحدهم شيئا يُذكر عن قصة خروج بني إسرائيل من مصر وصراع موسى عليه السلام مع فرعون ، ولا حتى طرفا صغيرا من القصة أو جانب واحد من الأحداث ... لا شيء البتة!!! ..

وأصاب علماء المصريات الإحباط الشديد، وبدأ بعض العلماء الذين يميلون لإنكار القصص المقدسة إلى التكذيب الكامل بقصة موسى وفرعون وتحدث الكثير عن أنها قد تكون مجرد خرافة توراتية أخرى.

بل ولم يجدوا مجرد أي ذكر للفظة "فرعون" داخل أي نص من نصوص الآثار المصرية بطولها وعرضها.

وقد تسببت خيبة الأمل تلك في محاولة هؤلاء العلماء وخاصة أصحاب الخلفيات التوراتية منهم لمحاولة تقريب أي لفظ من الألفاظ أو الألقاب التي وجدوها بالآثار والنصوص المصرية مع لفظ "فرعون" حتى وجدوا بغيتهم في أحد التراكيب الذي ظهر في أوان الدولة الحديثة ثم منذ بداية عصور الاضمحلال في مصر القديمة وهو تركيب "بر-عا" والذي يعني " البيت العالي " ومن ثم بدأوا في تعميم هذا اللفظ على جميع ملوك مصر القديمة على أنه لقب من الألقاب الملكية الرسمية لحكام مصر ، وقد استطاعوا في تحقيق هذا الهدف إلى حد بعيد لدرجة أن جميع العالم قد اعقد مثلما ادعوا من أن لفظ "فرعون" هو لقب لملوك مصر وأن "بر-عا" هي بعينها المصدر اللغوي الذي اشتق منه لفظ "فرعون" وهو الوهم الكبير الذي استطاعوا بيعه للناس على أنه حقيقة ، مع أن ثقاة علماء المصريات وعلى رأسهم السير ألان جاردنر في كتابه النحو المصري ، والسير آرثر ايفانز، والعالم ألن شورتر ، والعديد غيرهم قد أجمعوا على أن كلمة ( بر – عا) المعتقد إنها اًصل كلمة فرعون باللغة المصرية ، معناها الحرفي البيت الكبير أو القصر وليس لها أي علاقة بشخص الملك أو اسمه.

- ما رأيك في قول د يوسف زيدان بأن بر_عا تعني فرعون ؟

اجتهد الدكتور يوسف زيدان في محاولة المقاربة بين التركيب المصري القديم "بر_عا" وبين لفظة "فرعون" لكنه وقع في ما وقع فيه من سبقه، لكننا في المقابل لا نجد دليلا في خرطوش واحد من الخراطيش الملكية التي تحمل أسماء الملوك في مصر القديمة يشير إلى ذلك اللقب " بر-عا "، ويظهر من ذلك محاولة هؤلاء العلماء الغربيين للتوفيق بين الآثار والتاريخ وبين ما ورد في التوراة، حيث اشارت التوراة في سفري التكوين والخروج لملوك مصر بلقب "فرعون" ،غير أن التوراة لم تفرق في ذلك اللقب بين الملوك الثلاثة الذين كانوا يحكمون مصر وقتها والذين عاصروا أنبياء الله إبراهيم ويوسف وموسى عليهم السلام على الترتيب، بل عممت التسمية على كل من حكم مصر، وفي هذا محل نظر.

ولم يفلح علماء المصريات التوراتيين في إيجاد كلمة فرعون داخل أي خرطوش من الخراطيش الملكية في كتابات مصر القديمة ولم يعرف أيضا كلقب لملوك وادي النيل القبط وهو ما يمثل أكبر دليل على عدم مصرية فرعون وعدم انتماؤه لملوك القبط ولم يتحقق أن أطلق الاسم على أي ملك أو رجل مصري لأن فرعون ببساطة لم يكن رجلا مصريا.

ونفهم من ذلك أن كلمة "فرعون" لم تستعمل في أي وقت من أوقات التاريخ المصري كلقب حقيقي رسمي للملك، ويؤكد ذلك جميع علماء الآثار والمصريات دون استثناء، أن هذا الاسم لم يستعمل طوال التاريخ المصري إلا خلال فترة حكم الهكسوس لمصر، ويزعم بعضهم أنه ومنذ هذا الوقت - فقط منذ هذا الوقت - أصبح هذا الاصطلاح لقباً ثانوياً من ألقاب ملوك مصر.

إن محاولة القول بأن كلمة فرعون هي كلمة بر-عا المزعومة ومعناها البيت الكبير والتي اختلقوا منها إشاعة أنها تطابق لفظ فرعون يتيح لليهود إلصاق الهوية "الفرعونية" بآثار مصر القديمة، وقد علمنا الآن أن الحضارة المصرية القديمة ليست "فرعونية" كما يزعم اليهود وكما أشيع بين الناس، والزعم فيما بعد ان هذا اللقب "البيت الكبير" يعني فرعون وأنه يمثل (لقب للملوك) هو تزوير واضح وكذبة كبري في تاريخ مصر القديم لذلك فمن الخطأ الكبير أن نسير على نهج اليهود وأن نتبنى مزاعمهم حتى لا نؤكد على تزويراتهم بشأن التاريخ المصري القديم.

ولكن هل البيت الكبير يصح أن يكون لقب ملك؟ ، هل البيت الأبيض لقب؟ هل الكرملين لقب؟ هذه الأقوال اختلقتها العقول اليهودية من أجل الأجندة الصهيونية وللأسف نحن نعيش أكبر كذبة في تاريخ مصر والمنطقة بأسرها حين نجاريهم فيما ادعوه ونطلق على أنفسنا "فراعنة"، لقد ادعى لنا اليهود تاريخا افتراضيا، وأشاعوا أن هذه الكلمة "بر-عا" مرت بمراحل تطور من اليونانية والقبطية واللاتينية إلى أن أصبحت بالإنجليزية (pharaoh) وهي "فرعون" بالعربي، فهل هذا كلام يعقل!!

- هل ورد لفظ فرعون في المصادر التاريخية القديمة؟

لم يرد اسم فرعون في كتابات "مانيتون السمنودي" وهو أقدم مؤرخ مصري، وهو الذي أخذ عنه المؤرخون قوائم ملوك مصر ، وتقسيمها إلى 30 اسرة ، ولم يستخدم لفظ "فرعون" ، وغير صحيح أن ملوك البطالمة كانوا يسمون أنفسهم فراعنة، كانوا يقلدون ملوك مصر في وجود عدد من الأسماء الحورية ، كلها داخل خراطيش، مما يعني أنه اسم ملكي، وبعضهم فقط جعل من ضمن اسمائه اسم "بر عا" الذي يميل بعضنا لاعتباره اصل لفظ "فرعون" دون أن يكون ذلك مؤكداً، في المقابل أن قوائم أسماء الأسر الهكسوسية فيها اسم أقرب ما يكون لاسم "فرعون"، قد يكون ذلك تحريف وتقليد سيء للقب الملكي المصري "بر عا" إلا أنه يبقى اسم شخص هكسوسي، وليس صفة أو مصطلح ملكي لكن الثقافة العبرانية فرضت إرادتها على معظم كتابات المؤرخين، لما أصبحت تلك الثقافة هي مصدر الديانات السماوية الثلاث ، والتزم الكتاب المنتمين لتلك الديانات بإطلاق مصطلح "فرعون" على كل من حكم مصر، دون أي دليل أثري أو تاريخي محايد، وعندنا وثيقتان محايدتان بين الملك المصري "تحتمس الثالث" وملك السوريين ، بعد قهر السوريين في معركة "مجدو" ، وكذلك اتفاقية السلام الشهيرة بين رمسيس الثاني والحيثيين، بعد معركة "قادش" ، لم يستخدم أي منهما لفظ "فرعون"، حتى مكاتبات "إخناتون" لحكام الولايات الشرقية، لا يوجد فيها لفظ "فرعون"، إذن الموضوع هو فرض الثقافة، الإسرائيلية على ثقافة العالم.

- دلل موريس بوكاي على فرعنة رمسيس بزعم العثور على بقايا الملح بجلد المومياء، ما هو رد أحمد سعد الدين؟

من أطرف الادعاءات التي خدع بها الطبيب موريس بوكاي غير المتخصصين ممن قرأوا كتابه أو سمعوا بنظريته هو ادعاءه أن فحص مومياوتا رمسيس الثاني و مرنبتاح ابنه قد أثبت أن المومياوتان فيهما آثار وبقايا ملح وهذا -بحسب ادعاءه- يثبت أنه " رمسيس" أو ابنه "مرنبتاح" قد غرق في البحر، وهذا ادعاء ساذج جدا أستعجب كيف انطلى على كل من قرأ كتاب "بوكاي" أو سمع هذا الادعاء وصدق هذا الكلام المثير للسخرية، فأي طالب آثار مبتدئ يمكنه أن يفنده، بل أي إنسان غير متخصص يمكنه أن ينفي ذلك بعقله ومنطقه، لأنه وببساطة أن أي جسم عضوي تعرض للتحنيط علي الطريقة المصرية القديمة "بما في ذلك مومياوات الطيور و الحيوانات المقدسة عند المصريين القدماء" يجب أن تحتوي علي الملح و بنسبة كبيرة جدا، فأهم وأطول مراحل التحنيط على الإطلاق هي مرحلة دفن المومياء في الملح وغمرها بالكامل داخل حجرة مليئة بملح النطرون الجاف خلال فترة التحنيط التي تستغرق أربعين يوما لتجفيف الجسم تماما من كل السوائل الموجودة بداخله لتجنب تعفن الجسم قبل أن تبدأ باقي المراحل الأخرى الخاصة بالتحنيط ، ومن هنا يتبين لنا كيف أن جميع المومياوات تحمل بقايا الملح في جلدها وداخل انسجتها حيث حدث للأنسجة عملية استبدال خلوي للملح بدلا من السوائل التي كانت تحتويها، وعلى ذلك فإن بلورات الملح الموجودة على مومياء رمسيس الثاني هي من ضرورات التحنيط و ليست نتيجة الغرق، و لو أنه غرق في البحر المالح لكانت رئته هي التي امتلأت ببلورات الملح داخل حويصلاتها و لكن المصريون كانوا ينزعون الأحشاء الداخلية كلها من البدن عند التحنيط و يضعونها في أوعية كانوبية جنائزية، و لم نسمع أن رئتي رمسيس الثانى قد ثبت أن بهما آثار لملح البحر، فالغرقى لا يتيبسون، و لو انتشلوا بعد غرقهم مباشرة، و قصة الدفاع بدرعه ضد المياه قصة طفولية جدا، ولكى يتكسر العظم نتيجة لضغط الماء فهذا يعنى أن الجثة كانت على عمق سحيق و لا يستقيم هذا مع علمنا أن رمسيس الثاني قد تم تحنيطه بعد موته مباشرة، و لو أن كل جنوده كانوا قد غرقوا معه فمن الذى انتشل جثته و أوصلها لتحنط بالسرعة المزعومة؟.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
التنظيم والإدارة: مسابقة 18 ألف معلم مادة في يونيو المقبل