قال رئيس مجلس النواب العراقي سيلم الجبوري، إن العالم يمر بمنعطف خطير تعود جذوره إلى نهاية الحرب الباردة التى أبقت العالم على سطح من التوجس والريبة، ما وفر ظروفا مثالية لعودة نزعات الحرب الباردة مع أول زلزال سياسي مر في منطقتنا متمثلا بثورات الربيع العربي، مضيفا: "ثورات الربيع العربي أنتجت خريطة سياسية تداخل فيها العنف وتحالفات متضادة وهواجس جنوح تستهدف إعادة انتاج خريطة سياسية جديدة للمنطقة".
ودعا الجبوري -خلال كلمة ألقاها في الاجتماع التشاوري للجنة العلاقات الخارجية النيابية مع سفراء الاتحاد الأوروبي ببغداد اليوم الأحد- إلى استثمار القواسم المشتركة من أجل بدء الحوار لتأسيس لبنة جديدة على طريقه وصولا إلى النتائج الإيجابية المتوخاة، محذرا من اليأس من نتائج أي حوار بشأن المشكلات الإقليمية أو الدولية.
وتابع: "أطلقت أمس دعوة إلى حوار إقليمي جامع لتحديد ملامح مرحلة ما بعد هزيمة تنظيم "داعش) الإرهابي ورسم معالمها وانعكاساتها".
ونوه إلى أن الحوار بصرف النظر عن نتائجه يمنح فرصة البناء ويبعد احتمالات الحروب التي تمثل أخطر الكوارث التي تشهدها الانسانية، لأن آية حرب مهما حجمت وحددت مساحتها عابرة حدودها إلى الآخر.
ولفت إلى أن الإرهاب تحول من مشكلة موضعية محددة في جغرافيتها وتاريخها ونظمها السياسية واتجاهاتها الدينية إلى مشكلة كونية عابرة للحدود والقارات والديانات والمذاهب والأمم والقوميات، وهي مشكلة قد توفر الحلول العسكرية فرصة لإخمادها لكنها لا توفر فرصا مبرمة للقضاء عليها الأمر الذي يدعو إلى البحث في أسباب الإرهاب وجذور أفكاره والسعي لإيجاد برنامج عالمي للحد من خطورته الراهنة وصولا إلى القضاء عليه مستقبلا.
وحذر من مخاطر الهوة السحيقة في مجالي الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا بين دول العالم، بسبب غياب البرامج العالمية التي تصنع جسورا تزيل بعض الفوارق من خلال الاستثمار الأمثل للموارد المالية والطبيعية والبشرية والسعي إلى إتاحة التكنولوجيا السلمية لمن يستثمرها لإسعاد شعوبه وليس لمن يجعلها مدخلا لإقامة قوة غاشمة يتم استغلالها لتهديد الشعوب والسلام والأمن في العالم.
ورأى أن العالم على أعتاب مرحلة جديدة من الانتصارات وكسر شوكة الإرهاب رغم أن الطريق ما زال طويلا في عملية البناء والاستقرار، وأضاف: إن الصفحة الأمنية تعقبها معالجة الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتي تحتاج منا مزيدا من الحكمة والتقاهم والجنوح إلى التعايش السلمي.
وتابع: "العراق تعرض لتحديات خطيرة أهمها تأثير التدخل الأجنبي والعنف المضاد والإرهاب والفساد ونزعات الميل إلى الفردية والديكتاتورية وإزدياد النعرات الطائفية والجهوية والحزبية، وهو ما ثبط بعض المسارات نحو دولة المؤسسات الدستورية لكنها لن تكون مثبطة مستقبلا".
وأكد أن الديمقراطية لا تتأتى إلا من خلال دولة مؤسسات دستورية نسعى إلى تأسيسها في العراق كي تكون وعاء كاملا وشاملا لسياسة العراق الداخلية والخارجية وعلى جميع الأصعدة، وقال : إننا ندرك أن الشعب الذي اختار الديمقراطية في ظروف بالغة الدقة والتعقيد وقدم التضحيات الجسام على مذبحها لن يتخلى عنها أبدا.
وأعرب عن شكره الدول التي شاركت العراق معركته ضد الإرهاب الوافد، داعيا إلى مواصلة الدعم لإعادة إعمار ما دمرته الحرب ومساندة بناء دولة المؤسسات الديمقراطية الدستورية.