اعلان

كريمة محمد تكتب: مصر إلى أين (2)؟

صورة تعبيرية
كتب :

قال لى وكله فخر حصلت على تأشيرة للخارج تؤهلنى للحصول على الجنسية الكندية وساستقر هناك وأصبح إنسانا، فسألته أولم لم تكن إنسان هنا فى بلدك مصر؟ فأجاب على الفور طبعا عمرى ماتعاملت معاملة آدمية، فأنا أول دفعتى فى كلية العلوم قسم ذره لى من الأبحاث ما أن ظهر إلى النور مايجعلنى نجم الإعلام وأستاذ الأساتذة، ولأننى مواطن عادى وأبى يأكل القديد فقد سبقنى فى التعيين من يأكل أبوه "المارون جلاسية" ومن يتقلد المناصب الجامعية، وسرقت أبحاثى جهرا ونسبت إليه وعندما حاولت أن أحمى نفسى وأحصل على حقى توعدنى عميد الجامعة ورئيس القسم ولما لجأت إلى الشرطة اذاقنى المر ونصحنى العارفين ببواطن الأمور بأن اتنازل عن كل اتهاماتى لمن اخذوا مكانى في التعيين ونهبوا أبحاثى، وقد كان.

تجردت من كل أمالى وتقوقعت فى بيت أبى وأمى وعشت عالة عليهم وعندما بكت أمى على حالى لم اتحمل دموعها وخرجت من عزلتى ونزلت إلى الشارع كى أبحث عن فوجدت أن أحسن الوحش أما أن أعمل مدرس علوم أو مندوب مبيعات ولان دائرة اختياراتى كانت مغلقة فاخترت الأخيرة وأصبحت أنا من يحمل أعلى التخصصات وأندرها مندوب يطرق الأبواب عله يجد من يشترى منه.

ومضت بنا الأيام وأوشكت على الأربعين ولم أتزوج لأنى لا أريد أن أزيد من ويلاتى بأرواح جديدة لم أوفر لها ما ابتغيته أنا لنفسى فما بالك بمن ينتمون إلى، وفى زخم حياتى المملة ظهرت لى فرصة الهجرة ولم أتوان أوأتردد وعلى الفور تقدمت بأوراقى ودرجاتى العلمية وأبحاثى وتصوراتى عن المستقبل العلمى ورحبوا بى ترحيبا شديدا، وها أنا الآن استعد لمغادرة مصر إلى الأبد ولن أعود إليها حتى ميتا فسادفن هناك فى بلاد تحترم آدمية الإنسان.

ونظر إلى عله يجد عندى مايثنيه عما ينتوى إلا أننى آثرت الصمت في انتظار ماستحمله تجربته من حقائق قد تكون مغايرة لما رسمه لمستقبله لأننى على قناعة بأنه مهما كانت قسوة الأم فهى أخف ألف مرة من مرارة وغلظة زوجة الاب.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً