"بنضارة سوداء وبقدم علي الأخري" استطاع أن يبصر وسط عتمة نهاره وألم بالعديد من العلوم، واليوم تحل ذكري رحيله وسط انحدار عام للثقافة وفراغ في عقول الشباب.
خلال رحلة حياته استطاع أن يثير الجدل بكتاباته، فكانت البداية منذ عام 1926 حين تلقي النائب العام العمومي آنذاك بلاغات تفيد بأنه تعدي علي الدين الإسلامي.
اتهمه الشيخ خليل حسين الطالب بالقسم العالي بالأزهر، بأنه ألف كتابًا اسماه "في الشعر الجاهلي" ونشره على الجمهور "وفي الكتاب طعن صريح في القرآن العظيم، حيث نسب الخرافة والكذب لهذا الكتاب السماوي"؛ وفي 5 يونيو أرسل شيخ الأزهر خطابًا يبلغ به تقريرًا رفعه علماء الأزهر عن كتاب طه حسين "الذي كذّب فيه القرآن صراحة، وطعن فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وأهاج بذلك ثائرة المتدينين"، وطلب تقديم طه حسين للمحاكمة.
وفي سبتمبر من نفس العام تقدم عبد الحميد البنان أفندي عضو مجلس النواب ببلاغ آخر ذكر فيه "أن الأستاذ طه حسين نشر ووزع وعرض للبيع كتابًا طعن وتعدى فيه على الدين الإسلامي.ولكن حفظت القضية علي يد محمد بك نور رئيس نيابة مصر علي الرغم من اختلافه مع ما جاء في الكتاب ومع طه حسين.
وفي عام 1945 اتهم "حسين" بمحاباة الحركة الصهيونية، عندما أصدر مجلة "الكاتب المصري" في أكتوبر عام 1945 بتمويل من شركة تملكها أسرة هراري اليهودية المصرية، وهي شركة تحمل اسم الكاتب المصري، وكانت متخصصة في الطباعة وبيع الآلات الكاتبة وأجهزة تصوير المستندات وغيرها ولكن توقفت في عام 1948."حسين" فقد بصره في السادسة من عمره ويعود ذلك الي فقر والجهل، كما حفظ القران كاملا الي ان رحل الي الازهر طالبا العلم.تتلمذ علي يد الامام عبده ولكنه طرد من الأزهر بعدما تعلم التمرد علي طريق الأتباعيين من ماشيخ الازهر.
في عام 1908 التحق بالجامعة وتلقي دروسًا في الحضارة الإسلامية، الحضارة المصرية القديمة، الجغرافيا، التاريخ، اللغات السامية، الفلك الأدب، والفلسفة على أيدى أساتذة مصريين وأجانب.كما قام باعداد اطروحة الدكتوراة الاولي في الآداب، والتي ناقشها في مايو 1914 عن أديبه المُفضل أبي العلاء المعري، والتي شهدت ضجة وجدل واسع.وفي عام 1914 رحل الي فرنسا والتحق بجامعة مونپلييه ويتلقى دروسا في التاريخ ثم في الاجتماع.صورة (4)أما عام 1919 حصل علي الدكتوراة عن ابن خلدون، ثم حصل في نفس العام على دبلوم الدراسات العليا في اللغة اللاتينية، وكان قد اقترن قبلها بعامين بفتاة فرنسية هي سوزان، والتي التي كانت لها أثر ضخم في حياته.عين أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني، ثم صدر له كتاب "في الشعر الجاهلي" ومن ثم اتهم بنقل الفكر المستشرق الإنجليزي مرجليوث، والتي صدرت في كتاب قبيل إصدار كتابه بنفس الأفكار.وفي عام 1950 عين وزيرا للمعارف بحكومة الوفد وعندما كان عميدا لكلية الاداب رفض الموافقة علي منح الدكتوراه الفخرية لكبار السياسيين، ووواجه هجوم أنصار الحكم الاستبدادي في البرلمان، ما أدى إلى طرده من الجامعة، والتي لم يعد إليها إلا بعد سقوط حكومة إسماعيل صدقي باشا.تولي عميد الأدب العربي العديد من المناصب الهامة كعضوية المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، وكان مقررا للجنة الترجمة والتبادل الثقافي بالمجلس منذ إنشائه عام 1958 وحتى وفاته.؛ وشغل منصب مدير الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية، ورئيس المجمع اللغوى بالقاهرة من عام 1963، كما كان عضوًا مراسلًا في الأكاديمية التاريخية الملكية بمدريد، والمجمع العلمى ببغداد، ورئيس نادي القصة، رئيس نادي الخريجين المصرى.له العديد من المؤلفات الهامة من بينها "طه حسين الكاتب والشاعر" لمحمد سيد كيلاني، و"مع طه حسين" للكاتب السوري الراحل سامي الكيالي، وقد أصدرت عنه مجلة "الأدب" التي كان يصدرها أمين الخولي عددًا خاصًا، كما أصدرت مجلة "الهلال" عددًا خاصا عنه، وخصّص له الأديب الراحل صلاح عبد الصبور فصلًا في كتابه "ماذا يبقى منهم للتاريخ؟"، وصدر عنه كتاب في العراق بعنوان "طه حسين بين أنصاره وخصومه"، وكذلك كتبت عنه مقالات ودراسات متفرقة في ثنايا كتب ودراسات أدبية بأقلام شوقي ضيف، على الراعي، عبد المحسن طه بدر، أحمد هيكل، محمد محمود شاكر، وغيرهم.كان عميد الادب العربي من مواليد المنيا عام 1889،وتوفي عقب حرب أكتوبر 1973.