"انتهى زمن المكابرة.. علينا الاعتراف بأننا بحاجة إلى السلام" هكذا رفع الإخوان المسلمون الراية البيضاء، أمام النظام المصري، حيث دعا نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إبراهيم منير، من وصفهم بحكماء الشعب المصري أو "حكماء الدنيا" إلى رسم صورة واضحة للمصالحة بين أطراف الأزمة في مصر، من أجل تحقيق السلم والأمن لكافة طوائف الشعب من دون مداهنة أو خداع أو كذب.
وأضاف منير: "نقول ونحن جادون فليأتنا من حكماء شعبنا أو من حكماء الدنيا من يرسم لنا صورة واضحة للمصالحة، التي يعلقها البعض في رقبة الجماعة ورقاب الفصائل الشريفة المعارضة للانقلاب التي تحقق السلم والأمن بكل الأمة المصرية، دون مداهنة أو خداع أو كذب على الناس.. وعندها تكون ردود الفعل".
وأثيرت في يونيو الماضي، قضية المصالحة مع الإخوان، وقال وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، مجدي العجاتي، إن هناك شروطًا للمصالحة، تتضمن عدم تلوث أيدي المنضوين في المصالحة بالدماء، بالإضافة إلى إدانتهم للعنف.
وشدد العجاتي على أهمية توفر "نيات صادقة"، لدى الجماعة بعيدا عن المناورة، وأن يعترفوا بأخطائهم، ويدينوا الهجمات الأخيرة التي وقعت في مصر.
كما أكد العجاتي على الأخذ بعين الاعتبار عددا من المحاذير خلال تطبيق قانون العدالة الانتقالية فيما يتعلق بالمصالحة مع الإخوان، قائلًا: "إن الدستور يريد إنهاء تلك المسألة الخلافية (التصالح مع الإخوان)، وأن نعود نسيجا واحدا، ليس هناك إخوان وغير إخوان، ومرسي وغير مرسي، وممكن نتصالح مع الإخواني إذا لم تلوث يده بالدم، لأنه مواطن في النهاية".
وحول تأثير تلك الدعوات، يرى متابعون لحركة جماعة الإخوان خلال الفترة الأخيرة، أن الجماعة كانت تستقوي بعدد من المؤثرات الخارجية، وتحاول الوقوف على أرضية صلبة، وكذك الخوف من انقلاب شباب الجماعة على القيادات -بما يسمونه خذلان الشباب- إلا ان الأمر تغير كثيرًا.
ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، سامح عيد، إن ما يطرح على السطح من نقاشات وجس النبض أقل كثيرًا مما يدور في الكواليس، فكل التحركات ومنها تصريحات "السناوي" كانت تؤكد وجود تدخلات للوساطة بين الإخوان والقيادة السياسية، كما لوحظ أن هناك تهدئة من حيث الملاحقات الأمنية لأعضاء الإخوان.
وأضاف "عيد" في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" أنه بعد تخفيف الأحكام عن قيادات الإخوان، جعل الأمر يبدو أسهل للإخوان، كذلك خروج عدد من القيادات، والشباب المحبوسين، فبعد مرور 3 سنوات منذ 2013، فإن أغلب المحبوسين على ذمة قضايا أتموا فترة عقابهم أو شارفوا على إنهائها، فربما تكون هذه فرصة لتهدئة شباب الجماعة.
وأكد "عيد" أن السلطة والجماعة، غير قادرين على إعلان المصالحة "صراحة" ولكن ربما يكون هناك "تسوية" على مستوى العمل والواقع وليس على مستوى التصريحات المعلنة، كالسماح للإخوان بالتواجد في العمل السياسي ولو بشكل فردي، وليس تحت غطاء الجماعة، وتسهيل الزيارات لأعضاء الجماعة المحبوسين، وتخفيف إجراءات الرقابة على الإخوان.
وعن البعد الدولي، بعد فوز دونالد ترمب - الذي صرح بانه سينظر في تصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية- بعد خسارة هيلاري كلينتون المعروفة بدعمها للإخوان المسلمين للانتخابات الرئاسية الأمريكية، قال الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، إن الوضع في الولايات المتحدة لا يسير وفقًا لتصريحات "شخص" وإن كان الرئيس.
وأكد سامح عيد، إن الإدارة الأمركية تدير ملف الإخوان منذ 70 عامًا، فالأمور أكثر تعقيدًا من مجرد تصريحات ترمب، وأن هناك إدارة داخل CIA تسمى الإخوان المسلمين، ولكن الاتجاه نحو المصالحة مع النظام السياسي المصري، سيعمل على تهدئة أوضاع كثيرة خارجيًا، خاصة مع الدول التي لها علاقات مع إخوان ليبيا واليمن وتونس والاردن، وسوريا والجزائر.