فى بداية أكتوبر الماضي قامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ممثلة في الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ببيع رخص الجيل الرابع للاتصالات لشركات المحمول الثلاثة العاملة في مصر وهي: "فودافون، أورانج، اتصالات"، وذكر الجهاز في عقد الترخيص القيمة المتفق عليها ثمن للرخصة بالدولار على ان تدفع الشركات جزء منها بالجنيه بحد أقصى ٥٠٪، على ان يحسب القيمة المعادلة بالجنيه على أساس سعر البنك المركزى في نفس يوم السداد، وعليه قامت الشركات بسداد الجزء الاول بالجنيه المصري في اليوم التالي لتوقيع الاتفاق.
وفي يوم ٣ نوفمبر الجارى اصدر البنك المركزى المصري قرار تحرير سعر صرف العملة الذي ضاعف قيمة الدولار بالبنوك من ٨.٨٨ الى ١٦ جنيه، وهو ما ضيع على خزانة الدولة وفقًا للتقديرات المبدئية ما يقرب من ٣ مليارات جنيه.
وكان النائب عمرو الجوهرى وكيل لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، تقدم بطلب إحاطة لكل من المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، وياسر القاضى وزير الاتصالات، حول توقيعهما عقود بيع شبكة الجيل الرابع إلى ثلاث شركات بمبلغ حوالى مليار ومائة مليون دولار.
وأوضح وكيل اللجنة الاقتصادية، أنه تقدم بالطلب للدكتور على عبد العال رئيس المجلس، لافتًا إلى أنه إعمالا لحكم المادة 134 من الدستور والمادة 212 من اللائحة الداخلية للمجلس، برجاء التفضل بتوجيه طلب الإحاطة إلى كل من رئيس الوزراء ووزير الاتصالات، اللذان قاما بتحصيل مبلغ عقود الجيل الرابع للمحمول بواقع نصف المبلغ بالدولار، والنصف الآخر بالجنيه المصرى، وقد تم حساب النصف المصر بسعر الدولار البنكى المنخفض فى ذلك الوقت، وهو 8.88، حيث إن توقيع هذا العقد فى ذلك الوقت قد أضاع على الدولة أكثر من 3 مليارات جنيه مصرى إذا تم حساب سعر البنك بعد تخفيض قيمة الجنيه.
وتساءل الجوهرى: "لماذا تم توقيع الاتفاق قبل مرور أقل من أسبوعين على قرار تخفيض الجنيه؟".
ورغم الظروف والملابسات التى أحاطت بترخيص شبكات الجيل الرابع ورفض الشركات في البداية ثم هرولتها لتوقيع العقد، ورغم ان النص القانوني يبرء الوزير ورئيس الحكومة الا ان هناك عدد من الاسئلة التى تطرح نفسها بقوة وهي: مادامت الحكومة وضعت برنامجًا للإصلاح الاقتصادي تضمن تعويم الجنيه (تحرير سعر صرف العملة)، لماذا لم تنتظر والكرة في ملعبها بعد رفض الشركات حتى إصدار القرار؟، ولماذا لم تصر على تحصيل كامل القيمة بالدولار او طرحها في مزايدة دولية كما أعلن من جانب الحكومة بعد رفض الشركات لشروط الترخيص في البداية؟، ولماذا لم تشترط سداد القيمة الدولارية اولًا؟، كلها تساؤلات مشروعة تبحث عن اجابة خصوصًا ان تأخير خدمات الجيل لن يقتل المواطن المصرى ولكنها خدمة كان يجب ان تستفيد منها الحكومة لأقصى درجة في دعم الخزنة العامة للدولة في ظل العجز الكبير الذى نعاني منه الان ويدفع ثمنه المواطن البسيط محدود الدخل من ارتفاع أسعار وتقص في كافة السلع بالأسواق.
من جانبه كشف مسئول بارز بأحد شركات المحمول ان الشركات كان عندها تخوف كبير من عدم حصولها على الرخصة قبل قرار تعويم الجنيه، مؤكدًا ان كان هناك دراسات وافية جوهذا القرار منذ فترة وآثاره على ميزانية الشركات وثمن الرخصة، لذلك سارعت الشركات لدفع القيمة بالجنيه المصري فور توقيع العقد لتفويت الزيادة المبالغ فيها التى قد تترتب على القرار على حد وصفه.
وعلق الدكتور خالد شريف مساعد وزير الاتصالات السابق، ان النص القانوني واضح ويبرئ ساحة الوزارة، مؤكدًا أن القرار أوضح بشكل لا يدع مجال للشك أن الحكومة تعمل في جزر منعزلة، مشيرًا الى ان التنسي بين الوزارات هو مهمة المهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء.
واضاف في تصريح خاص، أن الحكومة أهدرت جهود وزارة الاتصالات، والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الذين قدموا أقصى ما استطاعوا تقديمه على حد معلوماتهم.