التلوث يدمر مصادر البروتين في مصر
الصيد الجائر والتعديات ومصارف المصانع تهدد الثروة السمكية بالهلاك
تدهور شديد يصيب البحيرات السمكية المصرية وإنتاجها يتراجع لـ 170 ألف طن فقط
79 ألف فدان حجم التعديات على البحيرات السمكية في 3 أعوام فقط
نهر النيل يفقد 40 نوع نادر من الأسماك نتيجة تحوله مصبًا للمخلفات الصناعية والزراعية والصحية
20 ألف طن فقط حجم صادرات مصر من الأسماك للخارج.. و11 مليار جنيه قيمة الاستثمارات السمكية
قانون جديد لتجريم مخالفات الصيد بالعقوبة عامًا حبس وغرامة 300 ألف جنيه
5 آلاف تمساح يعيشوا ببحيرة ناصر وليس لهم خطورة على الثروة السمكية
تعتمد مصر على البحيرات الشمالية والداخلية، في الحصول على أسماك صحية، ومع مرور الزمن لحقت بهذه البحيرات مجموعة من العوامل، التي جعلت الأسماك بها ملوثة وغير صحية، ومن أهم هذه العوامل الصيد الجائر، والتعديات على تلك البحيرات، والصيد باستخدام الصواعق، الذي يقتل أجود أنواع الزريعة السمكية، التي تنتجها تلك بحيرات "إدكو، والبرلس، وناصر، والمنزلة، والبردويل، ومريوط، وقارون، والتمساح، والمرة، ونبع الحمراء".
ويؤكد مستشار وزير الزراعة السابق لشؤون الثروة السمكية، الدكتور محمد فتحي عثمان، أنه نتيجة لعوامل التلوث ومخالفات الصيد التي يتبعها أغلب الصيادين، تأثرت تلك البحيرات وتقلص إنتاجها من الأسماك، كما أصبحت كفاءة أسماكها مشكوك فيها.
مساحات البحيرات الشمالية والداخلية:
وأضاف عثمان، في تصريحات لـ«أهل مصر»، أن مساحة بحيرة ناصر تبلغ حوالي 5 آلاف كيلو مربع، وهي مساحة كبيرة للغاية، بينما تبلغ مساحة بحيرة المنزلة 118 ألف فدان، في الوقت الذي تبلغ فيه مساحة بحيرة البردويل حوالى 162 ألف فدان، وتنتج هذه البحيرة أجود أنواع الأسماك، وتبلغ مساحة بحيرة قارون 50 ألف فدان، وتبلغ مساحة بحيرة مريوط 12 ألف فدان، بينما تبلغ مساحة بحيرة إدكو 17 ألف فدان.
حجم إنتاج البحيرات:
وأكد عثمان، أنه برغم كبر حجم مساحات تلك البحيرات، التي تصل لآلاف الأفدنة، إلا أن حجم إنتاجها من الأسماك ضئيل جدًا، مقارنة بمساحتها الشاسعة، لافتًا إلى أن بحيرة ناصر تنتج 13 ألف طن سنويًا، مقارنة بمساحتها الشاسعة والتي تآكلت بسبب التعديات عليها، وبحيرة المنزلة تنتج 50 ألف طن، وبحيرة البردويل تنتج 2.2 آلاف طن، وتُعد أسماك البردويل من أجود وأنظف أسماك البحيرات كلها، وبحيرة البرلس تنتج 78 ألف طن، وبحيرة قارون تنتج 4 آلاف طن، وبحيرة ماريوط تنتج 6 آلاف طن، وبحيرة إدكو تنتج 14 ألف طن، وبحيرة المرة والتمساح تنتج 2.9 ألف طن، مؤكدا أن الناتج السمكي من كافة تلك البحيرات يساوي 13% فقط من إجمالي إنتاج مصر من الأسماك، بحيث يبلغ كامل إنتاجها 170 ألف طن، من إجمالي الإنتاج المحلي البالغ 1.5 مليون طن.
أهمية البحيرات السمكية:
ولفت عثمان إلى أن لتلك البحيرات أهمية اقتصادية بالغة، نظرًا لما تتميز به من أعماق ضحلة وحركة مياه هادئة وخصوبة عالية، بجانب أنها تعتبر مربى أسماك وحضانة طبيعية لمختلف أنواع الأسماك التجارية.
أسباب تدهور البحيرات:
وأرجع مستشار وزير الزراعة السابق، أسباب تدهور تلك البحيرات إلى كبر حجم التلوث الناتج عن المصارف الزراعية والصناعية والصحية، التي تقتل الأسماك وتهدد حياة المواطنين بالسموم، بخلاف ظاهرة التعدي على مساحات تلك البحيرات والقيام بردم أجزاء منها للبناء عليه، الأمر الذي أدى لتقلص مساحات جميع البحيرات، وظهر أثر تلك التعديات في بحيرة ناصر، التي كانت تتراوح مساحتها 750 ألف فدان في عام 2009، وانتشرت التعديات عليها لتصل الآن مساحتها 160 ألف فدان فقط الآن، كما يعتبر عامل الصيد الجائر والصيد عن طريق استخدام الصواعق الكهربائية التي تقتل الأسماك والزريعة من أخطر الأسباب التي أدت إلى تدهور تلك البحيرات.
حجم التعديات على البحيرات
وقال عثمان، إنه تم رصد حوالي 79 ألف فدان تعديات على تلك البحيرات، منذ أول 2014 حتى الآن، وأنه لم يتم إزالة سوى 45 ألف فدان فقط، لافتًا إلى أنه رصد لثلاث سنوات فقط، مقارنة بمشكلة التعديات التي تعود لعشرات الأعوام، مؤكدًا أنه تم الاستعانة بجهاز «GBS»، للتمكن من تصوير وتحديد جميع اتجاهات البحيرات، بعدما تم تسجيل جميع مساحاتهم، لتسهيل عمليات الإزالة بمطابقة التصوير بحجم المساحة.
خطط وزارة الزراعة لتطوير البحيرات:
وأكد عثمان، أن هناك خطة لتنمية وتطوير بحيرة البرلس، تستهدف زيادة إنتاجيتها من الأسماك إلى 78 ألف طن سنويًا، بإجمالي مبلغ مليار و170 مليون جنيه، مؤكدًا أن الحكومة والقيادة السياسية في مصر حريصة على الاهتمام بالبحيرات المصرية وتنميتها، لتعظيم الناتج القومي منها وتحسين مستوى العاملين بمهنة الصيد، لافتًا إلى أن وزارة الزراعة ممثلة في الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية قامت بإجراءات لتنمية وتطوير بحيرة البرلس وباقي البحيرات، ووفرت كافة المعدات البحرية اللازمة لتطويرها، كما أنها بعمل كافة الإصلاحات وصيانة المعدات والطلمبات الخاصة بمشروع مرويط لخدمة المزارع السمكية، وذلك كخطوة استباقية لمواجهة السيول، وتحسبًا لحدوث أي أزمات تؤثر على الإنتاج.
أسماك نهر النيل:
وأضاف عثمان، أن نهر النيل يعيش به 6 أنواع فقط من الأسماك، على رأسهم القراميط والبلطي، لافتًا إلى أن أسماك نهر النيل بلغت 6 أنواع، بعدما كان يعيش بها أكثر من 40 نوع نادر، من الأسماك منذ عدة سنوات، مرجعًا ذلك إلى زيادة التلوث في فترة السدة الشتوية، بخلاف تحول نهر النيل إلى للمخلفات الصناعية والزراعية والصحية من المدن والقرى.
صادرات مصر من الأسماك:
وأشار عثمان، إلى أن مصر تُصدر حوالي 20 ألف طن فقط من إجمالي إنتاجها من الأسماك والذي يبلغ 1.4 مليون طن سنويًا، مؤكدا أن هناك خطط تسعى الدولة لتنفيذها تهدف إلى زيادة الصادرات المصرية لدول الاتحاد الأوروبي إلى 100 ألف طن أسماك مصرية متنوعة خلال الـ 5 سنوات القادمة، من خلال التوسع في إنشاء المفرخات السمكية والحفاظ على الزريعة وزيادة أعدادها.
استثمارات القطاع السمكي:
وأكد عثمان، أنه تقلص حجم الاستثمار في القطاع السمكي الآن عن عامين مضيا، لافتًا إلى أنه بلغ حجم الاستثمار حاليا 11 مليار جنيه، بدلًا من 15 مليار جنيه في عام 2014، مؤكدًا أنه سيتم اتباع مجموعة من الخطط لتطوير سلالات الزريعة الخاصة بالبورى وزيادة إنتاجها.
قانون الصيد:
وأضاف أن وزارة الزراعة انتهت من إعداد قانون جديد يعاقب على مخالفات الصيد وقتل الزريعة بالصواعق الكهربائية، وغيرها من العوامل التي تهدد الثروة السمكية المصرية بالخطر، لافتًا إلى أن العقوبة تصل فيه إلى الحبس من 6 أشهر لعام، وغرامة مالية تصل إلى 300 ألف جنيه، مضيفًا أن القانون يحتوى على 74 مادة، منها الإعلان عن الصيد داخل المياه الإقليمية، وجرم القانون إلقاء مخلفات الصرف الصناعي والصحي على المياه التي يتم إنتاج الأسماك فيها.
خطورة التماسيح على بحيرة ناصر:
ومن جانبه، أكد خبير المياه الدولي، الدكتور نادر نور الدين، أن التماسيح الموجودة ببحيرة ناصر تحافظ شئ ما على التوازن البيئي، كما أنها ليس لها تأثير على الثروة السمكية، لافتًا إلى أن إنتاج مصر من الأسماك يتماشى حاليًا مع المعدلات الدولية، وهي 70% مزارع و30% إنتاج البحيرات ونهر النيل والبحرين الأحمر والمتوسط، مضيفًا أن نمو الأسماك يكون في المناطق التي تعتمد على وجود التيارات البحرية الدافئة التي تجلب معها الأسماك وهذه تتوافر عند ملتقى البحار مع المحيطات، مشيرًا إلى أن البحار والمحيطات مليئة بالقروش المفترسة والحيتان والكائنات الضخمة، وكلها تأكل الأسماك الأقل منها في الحجم ومع ذلك لم تنضب الأسماك ولم يطالب أحد بقتل القروش والحيتان والأخطبوط وأبو سيف وغيرها، مضيفًا أن عدد التماسيح ببحيرة ناصر بلغ 5 آلاف تمساح.
طرق الحفاظ على البحيرات:
ولفت نور الدين، إلى أنه يجب اتخاذ مجموعة من الخطوات للحفاظ على تلك البحيرات، وحمايتها من الأخطار والتهديدات والحد من تلوثها عن طريق إعادة تأهيلها من خلال إزالة السدود والأحواش المتواجدة ببعض البحيرات، حتى يتم انسياب المياه إلى أطراف البحيرات وتجديدها بصورة طبيعية، ويعيد تأهيل مياهها، مضيفًا أنه يجب الاستعانة بعمل شرطة المسطحات المائية ونشرهم على كافة البحيرات لرصد أي حالات تعديات أو مخالفات تتم أو عمليات صيد جائر، ومنها سيتم وقف كل العادات غير القانونية مباشرة، بعد إحكام شرطة المسطحات المائية قبضتها على جميع البحيرات، مضيفًا أنه يجب أيضًا إلزام جميع المصانع التي تطل على تلك البحيرات بصب مخلفاتها بعيدًا عن مصدر غذاء المصريين، عن طريق معالجة مخلفاتها والالتزام بمعايير اللائحة التنفيذية للقانون 48 لسنة 1982، وإقامة مشروعات معالجة لمياه الصرف بالمصارف قبل وصولها إلى البحيرة.
دور «الزراعة» و«الري» في حماية البحيرات:
وأشار نور الدين، إلى أن اختلاط وزارتي الزراعة والري في الشئون السمكية وعدم تحديد دور لكلًا منهما، أدى إلى تجاهل الوزارتين للبحيرات، مما ترتب عليه زيادة التعديات على البحيرات الشمالية، لعدم التعاون من أجل القضاء على ظاهرة التعديات التي ستدمر الإنتاج السمكي في مصر، لافتًا إلى أن هذه الخلافات ستدفع القطاع الخاص إلى تقليص إنتاجه، نتيجة أن تكلفة الإنتاج أصبحت عالية للغاية، ما سينتج عنه ارتفاع مشهود في أسعار الأسماك الفترة المقبلة.