ربما ليست المرة الأولى، التي تقف فيها صاحبة الجلالة وجهًا إلى وجه للسلطة الحاكمة في مصر، ولكنها الأصعب والأقوى حيث انتهت بالحكم على نقيب الصحفيين، وعدد من قيادات مجلسهم.
"سلم الصحفيين"
في الآونة الأخيرة لم يكن هناك في مصر مساحة آمنة غير سلم الصحفيين، يلجأ إليه النشطاء والمحتجون إلى التظاهر، في مواقف وقفت فيها صاحبة الجلالة مع الشعب المصري في احتجاجاته لأنها هي حصان الحريات.
"أزمة تيران وصنافير".. فجرت تلك القضية أزمة بين الجماعة الصحفية والسلطة، حيث احتج جموع المصريين وأعلنوا التظاهر على سلم الصحفيين في الجمعة المعروفة إعلاميا بـ "جمعة الأرض".
لم يقف ذلك الموضوع عند هذا الحد، وصلت الأزمة إلى ذروتها عندما لجأ الكاتب الصحفي عمرو بدر ومحمود السقا ب بوابة إلى النقابة لطلب الحماية من الشرطة التي وجهت لهم تهم نشر أخبار كاذبة تخص تيران وصنافير.
اقتحام النقابة
في الأول من شهر مايو الماضي أو "مايو الأسود" كما يطلق عليه زملاؤنا في المهنة، اقتحمت قوات الأمن مقر نقابة 'الصحفيين وألقت القبض على كلًا من عمرو بدر ومحمود السقا، وتسبب ذلك في غصب جموع الصحفيين واتجاه إلى النقابة.
اعتصام الصحفيين وحصار صاحبة الجلالة
وفي رد فعل سريع اعتصم الصحفيين داخل مقر النقابة لمنع حدوث اقتحام، وتضامنًا من الزملاء فيما حاصرت قوات الأمن محيط "الصحفيين" ومنعت مرور السيارات، بل وفرضت كردونًا امنيًا حول النقابة.
الاعتذار الرئاسي والوزير نيجاتيف
توصل مجلس نقابة الصحفيين إلى عدة مطالب بإجماع أعضاءه في مقدمتها رفع حظر النشر عن قضية تيران وصنافير ووضع شريط أسود على الجرائد، ووضع وشاح أسود على النقابة، وتقديم اعتذار رسمي من قبل الرئاسة على اقتحام النقابة، ومقاطعة أخبار وزارة الداخلية ونشر صورة الوزير بـ "النيجاتيف".
ضبط وإحضار
لم تتوقف الأزمة عند حد الاقتحام، بل تفاقمت بعد إصدار النيابة العامة قرارًا بإحالة نقيب الصحفيين يحيى قلاش وجمال عبد الرحيم السكرتير العام للنقابة وخالد البلشي، وكيل النقابة إلى المحاكمة الجنائية العاجلة أمام محكمة الجنح، وذلك لاتهامهم بإيواء شخصين صادر بحقهم أمر قضائي بالضبط والإحضار.
وأمام الضغط من قبل الصحفيين، أصدرت النيابة العامة قرارا بالإفراج عن الصحفيين الثلاثة بكفالة مالية قدرها عشرة آلاف جنيه لكل منهم، مع استمرار التحقيقات إلا أن الصحفيين الثلاثة رفضوا دفع الكفالة، قائلين إن الاحتجاز غير قانوني من الأساس، معتبرين أن الاتهامات تتعلق بالنشر "ولا يجوز قانونا فرض كفالة بموجبها"، فيما تم دفع الكفالات من قبل عضو مجلس النقابة واستمرت جلسات القضية.
حكم جائر
أقرت محكمة جنح قصر النيل بحبس كلا من نقيب الصحفيين يحيى قلاش، وعضوي المجلس خالد البلشي، وجمال عبدالرحيم سنتين وإلزامهم بدفع غرامة قدرها عشرة آلاف جنيه.
جمع تبرعات لدفع الكفالات
بدأ الصحفيون في التوافد على مقر النقابة، بعد صدور الحكم على النقيب، وردوا بشكل كوميدي من خلال جمع الكفالة بعملات معدنية فئة الجنيه.
رد قلاش
قال يحيى قلاش، نقيب الصحفيين إننا نحترم أحكام القضاء، ولن أعلق على الحكم القضائي لأنه تحصيل حاصل، ومنذ أول لحظة قلنا لو أن ثمن دفاعنا عن الكيان النقابي تعرضنا للحبس، فهو ثمن بخس.
وأضاف "قلاش" خلال تصريحات صحفية بمقر النقابة: نحن على استعداد ان ندفع المزيد من التضحيات من أجل النقابة ولم نرتكب جريمة لندافع عنها، وذهبنا الي النيابة ثم الي المحكمة وتعاملنا مع القضية بالإجراءات القانونية اللائقة، لأننا مؤسسة.
وتابع "النقيب": "هذا حكم جنح أول درجة، سنتخذ كل الاجراءات لمواجهة هذا الحكم، ونتعامل على أساس أننا اصحاب حق واعتدي علينا، وهذا الكيان النقابي دافعنا عنه، وإذا كنا ثلاثة قدمنا للمحاكمة فالمستهدف الصحافة كاملة، والاجراءات التصعيدية تحت المناقشة مع مجلس النقابة".
تعليق أعضاء النقابة
وصف جمال عبد الرحيم، سكرتير عام النقابة حكم المحكمة بـ "المفاجئ"، وغير متوقع وقاسي على حد قوله، وأن الحكم اليوم ضد الصحافة وحرية الرأي والتعبير.
وأضاف "عبد الرحيم" في تصريحات صحفية أن القضية ملفقة، وأوراق القضية لم تتضمن وقائع وأثبات ضد نقيب الصحفيين وعضوي مجلس النقابة.
وأوضح أن المحكمة اعتمدت على أقوال شهود زور، ادعوا أننا كنا برفقة عمرو بدر ومحمود السقا، مؤكدا: كنا خارج البلاد لحضور مؤتمر الصحفيين العرب بالمغرب في ذلك الوقت.
وأشار عبد الرحيم أن يصدر هذا الحكم لم يصدر بحق رجال مبارك الذين أفسدوا الحياة السياسية، ورغم هذا نحترم أحكام القضاء، ونسلك كل الطرق القانونية المشروعة دفاع عن النقابة.