في ذكري ميلاد زعيم الاقتصاد المصري ومؤسس بنك مصر..طلعت حرب جمع بين الاقتصاد والسياسة والفن في وعاء واحد..وأجبر على الإستقالة

"لكى يتم الاستقلال الاقتصادى علينا أن نرسى دعائم اقتصادية وطنية يستطيع الوطن أن يواجه بها الاحتياجات التى سوف يجتازها فى مراحل نضاله مع الاستعمار تغذى كفاحه وتدعمه وتمنحه الصلابة وقوة الصمود"، "لا يعمل الأجنبى لصالح البلاد مهما تكن حسن نيته، ومهما تكن قوته المالية وإخلاصه أكثر من ابن البلد، وأن هدفه الأول والأخير إفادة نفسه"، "الأمم لا تحيا إلا بإحياء مرافقها الاقتصادية، وأن البلد الذى يتهاون فيها يقضى على نفسه بالفناء" هذه أهم أقوال زعيم الاقتصاد المصري ومؤسس "بنك مصر" طلعت حرب.

وعلى الرغم من انشغال طلعت حرب بالجانب الاقتصادي والأمور المالية، لكن كان له نشاط ملحوظ وواضح فى الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، فكان من ضمن الذين أيدوا الزعيم الراحل مصطفى كامل مؤسس الحزب الوطنى، لكنه ما لبث أن مال تجاه "المعتدلين" من تلاميذ الشيخ محمد عبده، وكانت له كتابات يعالج فيها القضايا الاقتصادية والاجتماعية على حد السواء، كما أن له مساجلات مع قاسم أمين عارض فيها دعواه لتحرير المرأة، فجمع بذلك بين الانتماء إلى المحافظين اجتماعيًا على الرغم من أفكاره المتقدمة، كما كان يتمتع بدرجة عالية من الوعى السياسى والحس الوطنى تجلت فى أقواله الشهيرة.

وقال حرب أن الهدف من إنشاء بنك مصر هو أن يكون هناك بنك وطنى لإدخال التصنيع إلى مصر، وبالتالى فهو يختلف عن كل البنوك التجارية التى ترفض أن تقدم قروضًا لأى مشروع صناعى مصرى، كما ساهم أيضًا في إنشاء عدة شركات صناعية وتجارية وزراعية.

وقد تطلع الملك عبدالعزيز ابن سعود لزيارة طلعت حرب إلى الأراضى الحجازية ليدرس المشروعات الاقتصادية التى يمكن تنفيذها فيها، بما له من خبرة ودراية، فقد أسهم طلعت حرب بجهود كبيرة فى تنمية المملكة العربية السعودية وأهداه الملك عبدالعزيز أجزاء من كسوة الكعبة المشرفة، كما شملت جهوده العراق والسودان وليبيا.

وكان لطلعت حرب نصيب في الحياة الفنية فقد ساهم في تأسيس الحركة الفنية في مصر من خلال إنشاءه لشركة "مصر للتمثيل والسينما"، التي كانت بمثابة النافذة التي يطل منها "بنك مصر" على العالم الخارجي، فكانت بمثابة القناة الاعلامية لبنك مصر وأيضا يتصرف البنك من خلالها على أحدث التطورات الفنية والتكنولوجية بالخارج فيسارع باقتنائها والاستفادة منها.

كما تفرغ "حرب" لبناء الاقتصاد المصري حتى أصبح واحدًا من كبار المفكرين والكتاب العرب، وله كتاب فند فيه دعاوى إنجلترا وفرنسا لتمديد امتياز قناة السويس لأربعين عامًا بعد سنوات الامتياز، ولما انتهت الحرب العالمية الأولى ولم تنل مصر استقلالها واندلعت ثورة ١٩١٩ اجتمع أعيان البلاد وكبرائها وقرروا بوجوب إنشاء بنك مصرى، واكتتب ١٢٦مصريًا وبلغت قيمة الاكتتاب ٨٠ ألف جنيه.

وبتاريخ 7 مايو ١٩٢٠، احتفل حرب بتأسيس "بنك مصر" في دار الأوبرا السلطانية، وبعدها بعامين تتابع مولد الشركات التي أسسها ومنها "شركة للغزل والنسيج بالمحلة" و"مصنع لحلج القطن" و"شركة لأعمال الأسمنت المسلح" و"وشركة للصباغة" و"شركة للمناجم والمحاجر" و"شركة للتجارة وتصنيع الزيوت" و"شركة مصر للتأمين" و"مصر للطيران" و"استديو مصر"، وقد تعرض بنك مصر لأزمة مالية كبيرة بسبب سحب آلاف المودعين أموالهم ورفض البنك الأهلي أن يقرضه، ولجأ حرب لوزير المالية حسين سرى فكانت الاستقالة هي الشرط فقدم حرب استقالته قائلًا: "فليذهب طلعت حرب وليبق بنك مصر" إلى أن توفى في ١٣ أغسطس 1941.

يذكر أنه في الذكري الستين لتأسيس "بنك مصر" عام 1980 تم تكريم اسم طلعت حرب، حيث قام الرئيس الراحل محمد أنور السادات بمنح طلعت حرب قلادة النيل العظمى تكريمًا لجهوده العظيمة في الاقتصاد المصري، كما تم إطلاق اسم طلعت حرب على أهم وأشهر الميادين بوسط القاهرة "ميدان طلعت حرب"، وله شارع بوسط القاهرة يحمل اسمه، هذا بالإضافة إلى وجود مركز ثقافي يحمل اسمه ايضًا، وله ميدان بأسمه في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، وأطلق اسمه على العديد من المدارس الحكومية، كما قامت مصلحة البريد بإصدار طابع بريد تخليدا لذكراه.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بث مباشر مباراة مانشستر يونايتد وأستون فيلا في الدوري الإنجليزي (لحظة بلحظة) | التشكيل