"الصحفيين " تعلن ملاحظاتها على مشروعي قانوني الإعلام

عقد اليوم الأربعاء، مجلس نقابة الصحفيين اجتماعا طارئ، لمناقشة تطورات أزمة القانون الموحد للصحافة والإعلام، وبحث القانون المقدم من الحكومة للبرلمان.

وكان المجلس الأعلى للصحافة، عقد الجلسة الثانية التي يستضيفها بمقره؛ للتواصل والنقاش حول مشروع القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام، والذي عُقدت جلسته الأولى في نقابة الصحفيين، الأسبوع الماضي،والجلسة الثانية أمس الثلاثاء بمجلس الأعلى الصحافة بمشاركة شيوخ المهنة ووعدد من نواب البرلمان

وننشر ملامح الملاحظات التى تناقشها مجلس النقابة وهى كلاتى

بعد قراءة مشروعي قانوني الإعلام (قانون تنظيم الصحافة والإعلام ومشروع قانون التنظيم المؤسسي ) اللذين تم تقديمهما للبرلمان بديلا لقانون الموحد للإعلام الموحد بعد تقسيمه ومسخه والتلاعب بفلسفته القائمة على الحرية والمسئولية والاستقلال.. فإن الملاحظ على المشروعين في صورتهما الأخيرة أنهما فتحا الباب لهيمنة السلطة التنفيذية ورئيس الجمهورية على الإعلام وذلك من خلال مواد تشكيل المجالس الثلاثة حيث خرج المشروعان عن الفلسفة الرئيسية التي قام عليها المشروع الموحد وهي تحرير الصحافة والإعلام من هيمنة السلطة التنفيذية تنفيذا لروح الدستور والمادة 72 منه والتي تنص على «تلتزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها بما يكفل حيادها وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص فى مخاطبة الرأى العام».

كما أن المشروعين أعادا الحبس الاحتياطي في قضايا النشر في سابقة غريبة رغم إلغائها منذ عهد المخلوع مبارك، هذا فضلا عن وجود اتجاه لتأجيل مشروع القانون الخاص بمنع الحبس في قضايا النشر بدعاوى الحاجة لتدقيقه، وفي هذا الإطار أرى ضرورة التوصية بالعودة للقانون الموحد والتأكيد على ذلك، وكذلك ضرورة إصدار قانون منع الحبس في قضايا النشر بالتوازي مع إصدار القانون، وفي أسوأ الأحوال ضرورة تضمين النص الدستوري الخاص بمنع الحبس في قضايا النشر كما ورد في المادة 71 من الدستور والتي تنص على «يحظر بأى وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الاعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها فى زَمن الحرب أو التعبئة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون».

وهذه بعض الملاحظات على المشروعين:

أولا: مشروع (تنظيم الصحافة والإعلام)

1- فتحت المادة الرابعة من المشروع الباب لمصادرة المطبوعات الخارجية بدعوى احتوائها على مواد إباحية بل جعلت الأمر وجوبيا دون تحديد ماهية هذه المادة وطبيعة الوسيلة التي تنقلها، حيث تم إدخال تعديل في المشروع الجديد على الفقرة لتنص: "وعلى المجلس الأعلى أن يمنع بدلا من ويجوز للمجلس الأعلى أن يمنع».

والمقترح ضرورة العودة للنص الموجود في القانون الموحد والذي يجعل المنع جوازيًا وليس وجوبيا، خاصة أن البعض يتعامل مع بعض المواد الطبية باعتبارها إباحية أو بعض أنواع الفن.

2- كما فتحت نفس المادة 4 في نهايتها باب الحسبة على مصراعيه حيث تم إدخال تعديل آخر على متن المادة في نهايتها لتصبح «ولكل ذي شأن الطعن في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري» بدلا من « يجوز لصاحب الشأن أن يلجا للقضاء» في المشروع الموحد وهو تعديل يفتح باب الحسبة في هذه القضايا بالمخالفة لنصوص دستورية في باب الحقوق والحريات بالدستور خاصة مواد حرية الرأي والتعبير.

3-المادة 15 من المشروع الأول وهو مشروع قانون تنظيم الصحافة تفتح الباب للفصل علي مصراعيه وتهدد الاستقرار بالمؤسسات الصحفية والاعلامية، وقد جاءت صياغتها متراجعة عن النص الذي تم التوافق عليه مع الحكومة في آخر نسخة من القانون الموحد، فضلا عن أن بها تراجع عن النص الحالي في المادة 17 من قانون تنظيم الصحافة، حيث أن المادة 15 من القانون الحالي قلصت مدة التوفيق بين الصحفي والمؤسسة لثلاثة أشهر بينما تركت المادة 17 من القانون الحالي مدة التوفيق مفتوحة وهو تراجع جديد يؤثر على علاقات العمل المختلة من الاساس في ظل انتشار ظاهرة الفصل التعسفي داخل المؤسسات.

حيث جاء نص المادة في المشروع الأول « لا يجوز فصل الصحفي أو الاعلامي إلا بعد إخطار النقابة المعنية بمبررات الفصل وانقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ هذا الاخطار، تقوم خلالها النقابة بالتوفيق بين الصحفي أو الاعلامي وجهة عمله ولا يجوز وقف راتب الصحفي أو الاعلامي أو ملحقاته خلال مدة التوفيق».

يحدث هذا رغم أن صياغة المادة على هذا النحو كان مرتبطا في المشروع الموحد الذي أعدته لجنة الخمسين بمادة أخرى خاصة بالتحكيم إذا فشل التوفيق، والتي كانت تمد فترة التوفيق والتحكيم إلى 8 شهور يستحق الصحفي خلالها كامل أجره وهذا ما لم يؤخذ به واقترح إما العودة للأخذ بالتسوية على مرحلتين مع توفير الضمانات الدستورية لذلك.. أو العودة للنص القديم في قانون الصحافة رقم 96 لسنة 96 او تعديل النص كالاتي:

«لا يجوز فصل الصحفي أو الاعلامي الا بعد اخطار النقابة المعنية بمبررات الفصل لتقوم بالتوفيق بين الصحفي أو الاعلامي وجهة عمله.. ولا يجوز وقف راتب الصحفي أو الاعلامي أو ملحقاته خلال فترة التوفيق.

4-جاءت المادة 28 من المشروع الأول الخاص بتنظيم الصحافة والإعلام لتعيد الحبس الاحتياطي في قضايا النشر في سابقة غريبة رغم إلغائها منذ عهد المخلوع مبارك حيث تم تعديل المادة في مشروع الحكومة الأخير لتصبح "لا يجوز الحبس الاحتياطي أو الإفراج بكفالة في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية. فيما عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز أو الطعن في الأعراض.

بدلا من النص في آخر نسخة تم التوافق عليه بين لجنة الخمسين والحكومة والذي كان ينص على أنه:

"لا يجوز الحبس الاحتياطي، أو الإفراج بكفالة في الجرائم التي تقع بواسطة الصحفيين أو الأعلاميين المتعلقة بممارسة عملهم".

وتعديل المادة بهذه الطريقة يعيد الحبس الاحتياطي في قضايا النشر بما يعد تراجعا عن الوضع الحالي، وما كفلته القوانين الحالية وتعديلاتها بإلغاء الحبس الإحتياطي في جميع الجرائم الخاصة بالنشر كإحدى ضمانات حرية الصحافة والنشر والتعبير، حتى لا يتحول لعقوبة ويساء استخدامه لتقييد هذه الحرية.

فعلى الرغم من أن القوانين الحالية تنص على جواز الحبس فى أكثر من 60 مادة تتعلق بالنشر بالقوانين المختلفة، فقد تم منع الحبس الاحتياطي تماما بها، ولذلك لا يجوز العودة لفتح الباب للحبس الاحتياطى فى الوقت الذى لا يسمح فيه الدستور بالحبس إلا فى ثلاثة مواد فقط.

ويلاحظ على هذه المادة أنها تخلط بين جواز الحبس في بعض الاتهامات وبين موجبات الحبس الاحتياطي ومبرراته، التي لا تتوافر في قضايا النشر، طبقا للمادة 134 من قانون الاجراءات الجنائية والتي حددت موجبات الحبس الإحتياطي.

وهي موجبات لا تتوافر في جرائم النشر خاصة التي يتم ارتكابها بواسطة الصحف حيث إن الجريمة تكون معلنة ومكتملة، لا يمكن طمس معالمها أو تغييرها فضلا عن أن صاحبها معروف ومعلوم للكافة، فضلا عن أن النقابة تدخل كطرف وضامن في قضايا النشر فهي تخطر ويحضر ممثل عنها التحقيقات، وتتعهد وتلتزم بإحضار المتهم وقت طلبه، وهو ما يسقط كل مبررات الحبس الاحتياطي عن الصحفي ولا يجوز أن يكون من أسباب الحبس الاحتياطى مجرد الحديث عن جسامة الجريمة المنسوب ارتكابها للمتهم باستثنائها في الدستور خاصة أن القاعدة القانونية «الأصل فى الانسان البراءة تجد أقصى تطبيق لها فى مرحلة المحاكمة حيث يفسر الشك لمصلحة المتهم» بدلا من عقابة على جرم لم يرتكبه خاصة في ظل انتفاء مبررات الحبس الاحتياطي عنه كما أوردنا سابقًا.

هذا فضلا عن أن الدستور الحالي في المادة 54 ألزم المشرع بتنظيم حالات التعويض الذي تلتزم به الدولة عن حالات الحبس الاحتياطي إذا صدر حكم بات بإلغائه. وهذا يضيف مبررا جديدا لخطورة فتح باب الحبس الاحتياطي في قضايا النشر إضافة إلى أن الدستور لم يجعل الحبس في هذه الجرائم المشار إليها وجوبيا بل ترك تقديرعقوبتها للمشرع.. إلخ.

5-فرقت المادة 76 في المشروع الحالي للحكومة المعنون بـ «تنظيم الصحافة والإعلام» بين العاملين في الصحف الخاصة والقومية، فيما يتعلق بالاحالة للمعاش.. فبينما جعل مشروع الإعلام الموحد الذي أعدته لجنة الخمسين وتم التوافق عليه مع الحكومة، المد للصحفيين في الصحف الخاصة والحزبية والقومية وجوبيا حتى سن الـ 65 فإن المشروع الأخير المقدم من الحكومة ألغى هذه الميزة بالنسبة للعاملين في الصحف الحزبية والخاصة، فيما جعل المد حتى الـ 65 جوازيا في الصحف القومية من الهيئة الوطنية للصحافة فيما عدا من صدرت ضده في آخر ثلاث سنوات عقوبة تأديبية.

حيث تم الغاء المادة الخاصة بالصحف الحزبية والخاصة فيما تم تعديل المادة الخاصة بالصحف القومية ليصبح المد جوازيا بقرار من الهيئة الوطنية للصحافة، وهو ما لن ينطبق على الصحف الحزبية والخاصة في ظل اختلاف الوضع القانوني لها وعدم خضوعها للهيئة وعدم وجود مجالس إدارة في بعضها.

والاقتراح هو العودة للنص المتفق عليه سابقا والذي ينص على

« يكون سن الاحالة للمعاش للصحفيين والادرايين والعمال بالمؤسسات الصحفية ستون عاما ويستمر الصحفيون حتي سن الخامسة والستين فيما عدا من لم يمر علي عضويته بالنقابة خمسة عشر عاما أو صدرت ضده عقوبة تأديبية من النقابة في آخر ثلاث سنوات »

فالنص عام وينطبق على كل الصحف ويتجاوز العيب الخاص بعدم وجود ولايه للهيئة الوطنية للصحافة علي الصحف الحزبية أو الخاصة ولذلك من الأفضل العودة لهذا النص الذي تم التوافق عليه مع الحكومة في مشروع قانون الإعلام الموحد وأن يكون المد وجوبيا وليس جوازيا.

ثانيا: مشروع التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام

6-الملاحظة الرئيسة على المشروع تتعلق بمواد تشكيل الهيئات الثلاثة المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام. حيث يلاحظ على مواد التشكيل الثلاثة إنه جرى تقليل عدد الأعضاء عن المتفق عليه في القانون الموحد للاعلام، والذي كان يهدف لتمثيل المجتمع بشكل موسع فيها، وفي الوقت الذي تم تخفيض عدد الأعضاء في تشكيل كل لجنة فقد تم زيادة عدد الأعضاء الذين يختارهم الرئيس فيما جاء ذلك على حساب ممثلي الجماعتين الصحفية والإعلامية الذين تختارهم نقابتي الصحفيين والإعلاميين.. وهو ما يعطي ثقلا لممثلى السلطة التنفيذية على حساب الهيئات النقابية والمجتمع خاصة أن الثلاثة أعضاء الذين يختارهم الرئيس في المجلس والهيئتين أصبح من بينهم الرؤساء الثلاثة وهوما يخالف فلسفة المشروع الأساسي المقدم من اللجنة الوطنية لوضع التشريعات الصحفية والذي جرى حوله التوافق مع الحكومة والذي حصر اختيارات الرئيس في رؤساء الهيئات فقط.

وفي الوقت الذي تم فيه زيادة الأعضاء الذين يختارهم الرئيس فقد جاء ذلك أيضا على حساب ممثلي المجتمع حيث تم حذف أستاذ إعلام يختاره المجلس الأعلى للجامعات، وحذف ممثل للرأي العام.

وجاءت التعديلات كالآتي على المواد الثلاثة في المشروع الأخير للحكومة:

فيما تم زيادة الأعضاء الذين يختارهم الرئيس في المجلس والهيئتين إلى ثلاثة بينهم رئيس كل هيئة في المشروع، فقد تم استبعاد عضو تختاره نقابة الصحفيين وعضو تختاره نقابة الاعلاميين، من المجلس الأعلى للأعلام وبذلك تكون الهيمنة على المجلس للسلطة التنفيذية وممثليها وهو ما ينال من استقلال المجلس ويجعل الصحف ووسائل الاعلام الخاضعة له تحت سطوة الهيمنة الحكومية.

كما تم استبعاد عضوين تختارهما نقابة الصحفيين من الهيئة الوطنية للصحافة ليتم النزول بعدد الاعضاء المختارين من النقابة إلى 2 بدلا من 4.. كانت فلسفة النص في المشروع الأصلي اختيار أربعة ممثلين عن الصحف القومية المختلفة، يختارهم مجلس النقابة من غير أعضائه، وهذه ميزة مهمة في الهيئة لأنها تؤكد توسيع المشاركة والخبرات في اتخاذ القرار، خاصة في الهيئة الوطنية المتعلقة بإدارة العمل والملكية في الصحف القومية.

وعلى نفس النحو تم استبعاد عضوين تختارهما نقابة الاعلاميين من الهيئة الوطنية للاعلام رغم أن الفلسفة الحاكمة للنص كانت واحدة، وبذلك تم تخفيض عدد الاعضاء الذين تختارهما النقابات المهنية فى المجلس والهيئتين، وهو ما يشير لرغبة السلطة التنفيذية في الهيمنة على وسائل الاعلام بالمخالفة لنصوص الدستور التي تنص على استقلالها، حيث أن عدد الاعضاء الذين يختارهم الرئيس يفوق عدد الاعضاء الذين ستختارهم نقابتي الصحفيين والاعلاميين مجتمعتين كما تم استبعاد ممثلي المجتمع، لصالح ممثلي السلطة التنفيذية

والمطلوب:

وأرى ضرورة العودة بالتشكيل إلى النص الأصلي المتفق عليها مع الحكومة في آخر نسخ القانون والذي يتيح للرئيس اختيار رئيس كل هيئة فقط، وعودة الإعداد التى تختارها النقابات المهنية كما سبق التوافق عليها وهى 4 بالهيئة الوطنية للصحافة تختارهم نقابة الصحفيين و4 بالهيئة الوطنية للاعلام تختارهم نقابة الاعلاميين و6 بالمجلس الاعلى للإعلام تختار كل نقابة ثلاثة منهم وذلك حرصا على روح النص الدستوري والتي تنص على ضرورة أن يتمتع المجلس والهيئتين بالاستقلال بحكم المادة 72 من الدستور، خاصة وأن النقابات المهنية هي كيانات مستقلة، فضلا عن أنها تضم أبناء وخبرات المهنة، ويتم تجديد عضوية مجالسها عبر انتخابات حرة كل عامين فقط،

كما لابد من زيادة عدد الأعضاء لإتاحة الفرصة لمشاركة المجتمع في عضوية المجلس والهيئتين من خلال عودة ممثلي المجتمع المدني والمتخصصين.

توصيات إضافية:

- العودة للقانون الموحد باعتباره كل متكامل، والعودة للنصوص المتفق عليها مع الحكومة في آخر تفاوض بين ممثلي لجنة الـ 50 وممثلي الحكومة بما يضمن التوازن بين الحقوق والواجبات.

-ضرورة إصدار قانون منع الحبس في قضايا النشر بالتوازي مع إصدار القانون الحالي، وكحد أدنى ضرورة تضمين النص الدستوري الخاص بمنع الحبس في قضايا النشر كما ورد في المادة 71 من الدستور، بالقانون الحالي لحين الانتهاء من تدقيق قانون منع الحبس في قضايا النشر، حتى لا يتم تأجيل القانون تحت أي مزاعم.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً