على امتداد أمتارًا طويلة، مخلفات وقمامة تتراكم على جنباتها، وفي داخلها تزدحم الحشرات، تزداد كثافتها حتى تحولت إلى تلال تحجب حركة تيار المياه، يحلق فوقها البَعوض والحشرات والفئران، وتطوف بداخلها حيوانات نافقة، هي مجموعة المشاهد "المقذذة" التي لا تراها إلا في ترعة قرية زرقان التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية.
أرسل أهالي المنطقة عشرات الإستغاثات لمحافظة المنوفية، ومديرية الري لسرعة التحرك، وتغطية الترعة، حتى يتمكنوا من استخدامها فى الري وسقاية أراضيهم، ولكن دون فائدة.
يقول الشيخ إبراهيم عطية أحد أهالي المنطقة: في 18 مايو 2014 حضرت لجنة من معاينة الري الى مقر الترعة المراد تغطيتها، بناءً على خطاب هندسة ري الشهداء الوارد تحت رقم 1352، وأقرت اللجنة في تقرير المعاينة بضرورة تغطية الترعة بطول 300 مترًا نظرا لوقوعها بين كتلة سكنية كبيرة، على أن يتم التنفيذ بمعرفة مديرية الري بالمنوفية، ومرت الأيام والسنين دون تطبيق.
ويضيف "عطية" فى نبرة سخط: "بقالنا 13 سنة بنحاول وبنبعت شكاوى للمحافظة، علشان نغطي الترعة، ومفيش لا حس ولا خبر"، منوهًا بأن الترعة أضحت حفرة كبيرة جافة لتربية القوارض والثعابين والفئران فقط، وأن الأهالي تقدموا بأكثر من شكوى للجهات المختصة يشكون فيها من عدم وصول المياه لنهايات الترع بعد انسدادها بمخلفات المنازل لإلقاء الأهالي مخلفاتهم بها.
ويوضح "عطية": "الري" وافق على تغطيتها منذ 2013 وجاءنا إخطار بذلك، وأرسلنا أكثر من شكوى للمحافظة، ودائما ما تقابل بالرفض من قبل المسئولين بحجة عدم وجود مخصصات مالية كافية، أو التجاهل من الأساس وعدم الرد، متساءلًا لماذ لم يتم حتي الآن إدارجها للتغطية؟!.
أبو السعود فراج، موظف بالأوقاف وأحد أهالي المنطقة، قال إن المنطقة بها ما يزيد على 30 منزلًا، متضررين من وجود الترعة، لما فيها من مخلفات تتسبب في تلوث البيئة المحيطة، إلى جانب انبعاث الروائح الكريهة، بسبب القوارض والحشرات.
ويكمل "فراج": لجأنا إلى دق ماكينات "معين" لسقاية الأرض وهو ما يكلفنا الكثير من الأموال، نظرا لعدم وصول المياه لنهايات الترع بعد انسدادها بمخلفات المنازل، حتى إن أصبحنا لا نعرف لمياه الرى سبيل بسبب زيادة تكاليف غاز الماكينات.
بينما يقول محمد عبد الرحمن، أحد سكان المنطقة: تقدمنا بطلب لتغطية 300 متر من الترعة، وتمت الموافقة على 100 متر فقط، وفوجئنا بقدوم مجموعة من موظفين الري لعمل المعاينة اللازمة، وبالفعل وافقنا على هذه المساحة البسيطة، وقررنا جمع الأموال من أهالي القرية لتغطية الباقي، ولكن حتى الآن لم نراهم مرة أخرى وكأن شيئا لم يكن.
ويؤكد "عبد الرحمن" أن الأطفال عرضة لخطر الانزلاق والغرق في الترعة أثناء لهوهم بجوارها في غياب ملاحظة الأهالي، مشيرًا إلى أن تطهير الترعة لم يحدث منذ فترة طويلة، مما جعل القمامة تتراكم فيها باستمرار، لدرجة أن الأهالي يجمعون المال كل عام ويقومون بتطهيرها من القمامة والنفايات على نفقتهم الخاصة، حتى يستطيعوا سقاية الأرض، مطالبًا المسئولين فى نهاية حديثة بضرورة التحرك لتغطية الترعة بعد مرور مواسير لتتلاشى معها مأساتهم اليومية.
وانتقد أهالي المنطقة فى ختام حديثهم صمت المحافظة على المأساة التي يتعرضون لها، مطالبين بضرورة العمل على تغطية الترعة خاصة أنها تعرض حياة الأطفال للخطر، وتبعث إليهم الكثير من المشكلات بداية من القمامة والمخلفات حتى انتشار الأمراض والأوبئة الضارة.