قالت وزارة البترول والثروة المعدنية أن انتاج الغاز الطبيعي وصل إلى حوالى 45ر4 مليار قدم مكعب غاز يوميًا من خلال الإسراع بتنمية إكتشافات الغاز الطبيعى الجديدة بالبحر المتوسط، وتم تدشين اكبر مجمعين صناعيين للبتروكيماويات فى دمياط والأسكندرية.
وتم خلال عام 2016 طرح مزايدتين عالميتين لكل من هيئة البترول وشركة جنوب الوادى المصرية القابضة للبترول لجذب استثمارات جديدة لتكثيف عمليات البحث عن البترول والغاز وزيادة إنتاجهما، وتم الإعلان عن نتيجة المزايدة العالمية التى طرحتها هيئة البترول لعام 2016 للبحث عن البترول والغاز الطبيعى بالمناطق المطروحة بخليج السويس والصحراء الغربية، والتى أسفرت عن قبول 6 عروض فى 6 مناطق بإجمالى استثمارات حدها الأدنى 200 مليون دولار ومنح توقيع 2ر68 مليون دولار، وجارى حاليا تلقى العروض للبحث عن البترول والغاز فى مناطق المزايدة التى طرحتها شركة جنوب الوادى.
مع تكرار إعلان وزارة البترول عن توقيع اتفاقيات مع شركات عالمية للبحث والاستكشاف والتنقيب عن البترول والغاز، اقترب عددها لنحو الـ80 اتفاقية، ومع تكرار الاكتشافات المبشرة خلال السنة الماضية والتي وصلت إلى 4 اكتشافات مبشرة خاصة حقل ظُهر، ثار السؤال، مصر إلى أين في مجال البترول والغاز ؟ وهل تتحول قريبا لدولة بترولية كبرى؟
وزير البترول والثروة المعدنية الأسبق المهندس عبدالله غراب، والذي عمل كمهندس في الحقول لفترات طويلة، يؤكد تفاؤله بمزيد من الاكتشافات من زيت البترول، والغاز الطبيعي، قال إننا لم نكتشف الثروة البترولية المصرية بعد، خاصة الغاز، "لم نصل بعد للمناطق الصعبة وكنا دائما نلجأ للمناطق السهلة " بحسب قول عبدالله غراب.
أضاف، أننا أخيرا عملنا بالمياه الإقليمية بالبحر المتوسط وجاء أول اكتشاف بحقل ظُهر، ولازال البحث متواصل بـ8 مناطق أخرى أتوقع ان يتحقق بها مزيدا من الاكتشافات، أضاف الوزير الأسبق.
من جانبه قال المهندس عبدالله غراب أن انتاج مصر حاليا من الزيت الخام 7آلاف برميل يوميا يضاف إليها حاليا ألف برميل من حقل نورس، (السعودية تنتج نحو 10.6مليون برميل يوميا)، ووصلت مصر في انتاج الغاز الطبيعي لـ6 مليارات قدم غاز مكعب يوميا في 2011، وتناقصت هذه الكميات من الغاز إلى 4.2 مليار قدم مكعب غاز يوميا بسبب عدم الاستقرار السياسي وتوقف عمليات البحث والاستكشاف خلال السنوات التي شهدت تقلبات سياسية ضخمة بالبلاد، مشددا على أن الاستقرار هو أهم عوامل الاستثمار في البترول.
وقال غراب إن هذه الكميات من الزيت والغاز تكفي ثلثي استهلاك مصر من البترول والغاز، ونستورد الثلث الباقي من الخارج، مضيفا أن التناقص الطبيعي فى إنتاج الآبار يصل لنحو 15% سنويا وهو ما يحتاج تنمية الآبار المنتجة أصلا (تطوير الآبار) لتعويض معدل التناقص الطبيعي السنوي.
كما أكد على أن الاستقرار ووضوح الرؤيا بالنسبة للشركاء الأجانب أهم عامل لجذب الاستثمارات خاصة في إطار التسعير، لابد أن نكف عن وضع أسعار رخيصة للمنتجات البترولية، فقطاع البترول يجب أن ينفق هو على الدولة، وليس العكس، وذلك لن يتم إلا باستخدام أسعار حقيقية، وسيكون ذلك أكبر جاذب للاستثمارات، مشددا على أن تكنولوجيا صناعة البترول والغاز تكنولوجيات واستثمارات عالمية لا غنى فيها عن الشركاء الأجانب.
قال غراب "أن مصر مازال أمامها الكثير والكثير في مجال البترول والغاز، لم نبدأ بعد في اكتشاف الغاز..سنين طويلة بنشتغل في الغاز والزيت السهل والرخيص ومشكلتنا في التكلفة والتسعير،ل ابد من استخدام التكلفة الحقيقية لعمليات الاستخراج، واستخدام أسعار بيع حقيقية، فلم يعد هناك غاز بـ2 دولار (للمليون وحدة حرارية بريطانية وحدة قياس الغاز)..مازال أمانا الكثير ولم نستكشف بعد المناطق الصعبة، ولابد أن نتجاوب مع الطبيعة والصناعة..ومشكلتنا غننا نريد كل حاجة رخيصة" وتوقع عبدالله غراب أن تحقق مصر مزيدا من الاكتشافات في البحر المتوسط، والبحر الأحمر خاصة أن السعودية حققت ذلك في مياهها الاقليمية، وكذلك توقع اكتشافات في مناطق الصعيد بالإضافة للمزيد بخليج السويس وسيناء والصحراء الغربية.وختم كلامه بتأكيده "مصر لم تنتج الغاز والزيت بعد".
الاستثمار والاهدار
المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق والخبير في صناعة البتروكيماويات، تساءل ما فائدة الاكتشافات وزيادة الانتاج في ظل الاستغلال السيء والإدارة السيئة؟ وطالب، نحتاج للإعادة هيكلة للطاقة في مصر.
انتقد الوزير الأسبق استهلاك محطات توليد الكهرباء 60% من انتاج مصر من الغاز الطبيعي مشيرا أننا نستورد نحور مليار قدم مكعب غاز يوميا لأن انتاجنا حاليا لا يكفي خاصة طوال أيام الصيف، والغريب أنه في نفس الوقت الذي تستهلك فيه محطات الكهرباء غاز طبيعي بنحو 3 مليارات جنيه شهريا، فوزارة الكهرباء تدفع منهم 500 ألف جنيه شهريا فقط كمبلغ ثابت وهذا إهدار مٌضاعف.
قال كمال، إن سياسة الطاقة في مصر تحتاج لتغيير شامل، مطالبا بزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة خاصة وأن مصر تستطيع إنتاج 200 ألف ميجاوات من الطاقة الشمسية (انتاجنا حاليا من كافة المصادر نحو 38 ألف ميجاوات )، مطالبا بالاستفادة بكل ما هو متاح، وإدخال منظومات توفير الطاقة في المنشآت مثل الفنادق والمصانع والشركات ومنها تكنولوجيا الحساسات التي تعمل على وجود الاشخاص في الغرفة وبمجرد خروج الشخص من الغرفة تنطفئ الانارة ذاتية بواسطة تلك الحساسات، وهذه تكنولوجيا تقدمها بعض الشركات بدون تكلفة حيث تحصلها من فارق التوفير في فاتورة الكهرباء لمدة محددة ثم يستفيد صاحب المنشأة من انخفاض فاتورة الكهرباء بعد ذلك.
الأهم عند المهندس أسامة كمال، هو الاستثمار تعظيم القيمة المضافة خاصة في صناعة الغاز مشيرا أن طن الغاز الطبيعي ثمنه 150 - 200دولار، وعند تحويله لإيثان وهو المادة الخام لصناعات البتروكيماويات يكون ثمن الطن 350 دولار، وبتحويله لإيثيلين يصل الطن لـ 800 دولار، وبالتحويل إلى البولي إيثيلين يصل الطن لـ1400 دولار، والمرحلة الأخيرة بتحويله للبلاستيك الذي تنتج منه كثير المنتجات ويدخل في كثير من الصناعات بداية من لعب الاطفال وحتى دعامة القلب، فإن الطن يصل لما بين 3 -15 ألف دولار.
أشار كمال أن هذه العمليات السابقة ليست أحدث تكنولوجيا في هذا المجال ويكفي أننا من خلالها نستخلص هذه المواد من الغاز ونحصل في النهاية على الغاز الصافي ويستخدم كوقود بشكل طبيعي جدا، وهناك حاليا التكنولوجيا الأحدث وهي تكنولوجيا تحويل الغاز الطبيعي إلى أوليفينات، وهي سلسلة البلاستيكات مثل الميثانول وإيثيلين والبولي ايثيلين وهي تحول الغاز بالكامل.
ويوضح كمال، أن لدينا في مجال الاستخلاص من الغاز مصنع سيدي كرير، إسيدكو بدمياط الذي افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ شهور، ومصنع البتروكيماويات المصرية للبروبلين في بورسعيد.
وأما التكنولوجيا الأحدث فأشار كمال إننا لدينا الآن نصف خطوة فيها وهي مصنع الميثانول بدمياط.
وختم كمال كلامه بالتشديد على تنظيم الطاقة في مصر، مستخدما المثل الشعبي أو الحكمة القائلة "بيت الهامل بيخرب قبل بيت الظالم" متسائلا، هل يجوز يكون لدينا مثل هذه القدرات ونجد انارة الشوارع مضاءة نهارا.