استبعد الدكتور اسماعيل صبري أستاذ العلوم السياسية، أن تكون التصريحات الأخيرة من قبل وزير الخارجية الإثيوبي حول دعم مصر للمعارضه الإثيوبية، جاءت دون مباركة قطرية سعودية مسبقة، أو دون تشجيع منهما لاثيوبيا لأن تنهج هذا النهج العدائي تجاه مصر.
وقال "صبري" في تصريح خاص إن الزيارات المريبة والمشبوهة التي قام بها مسئولون قطريون وسعوديون علي مستوي رفيع الي دولة اثيوبيا في الفترة الأخيرة، وتفقدهم لموقع سد النهضة محور أزمة العلاقات الاثيوبية المصرية، وتصريحاتهم المعلنة عن استعداد حكوماتهم للإسهام في تمويل مشاريع التنمية الزراعية والعمرانية في اثيوبيا، جاءت لتشكل نقطة تحول خطير في الموقف الراهن حول هذا النزاع.
وأضاف أنه يزيد من خطورة هذا التحرك القطري السعودي الأخير، الاتصالات غير المعلنة التي تدور بين هذه الأطراف الثلاثة عبر العديد من القنوات السرية أو الخفية بينهم، وهو ما يؤدي لا محالة إلى صب المزيد من الزيت علي النار واشعال الصراع.
واوضح أستاذ العلوم السياسية ان الهدف من هذه المحاولات محاصرة مصر من كل اتجاه مهما كان في دسهما وتحريضهما واستعدائهما لأثيوبيا علي مصر من اضرار شديدة بالأمن القومي المصري وتعريضه للخطر.
وكانت أولي ثمار هذا الدرس والتحريض الخفي، هي عودة رئيس وزراء اثيوبيا ديسالين الي تجديد اتهامه لمصر بدعم جماعات اثيوبية معارضة للأوضاع السياسية في بلاده، وهو ما يؤشر بانتقال أزمة العلاقات المصرية الاثيوبية الي مستوي أكبر وأخطر من التوتر والعداء والتربص، والذي قد يصل في مرحله القادمة الي تجميد العلاقات الثنائية أو تعليق الاتصالات والمشاورات بينهما لاغلاق كل منافذ الحل السلمي للأزمة، ووضع مصر امام خيارات صعبة للغاية.
ومن واقع هذا التشجيع القطري السعودي له وبفعل دعمهم لموقفه من خلال ما يجرونه معه من اتصالات، يتبع الآن استراتيجية في مواجهة مصر أساسها أن الهجوم هو أفضل أشكال الدفاع.
ويري أستاذ العلوم السياسية أن تضييق الخناق علي مصر هو الذي سوف يجردها مما قد يكون بيدها من أوراق للضغط حتي وان لم تكن كثيرة، وأنه هو الذي سوف يجمد التعامل مع هذا الملف الشائك الي أمد غير معلوم أو الي أن نصبح جميعا أمام أمر واقع جديد يستحيل علي أحد تغييره لأن تكلفة التغيير سوف تكون كارثية وخارج القدرة علي احتمال نتائجها المتوقعة بأي معيار.
واستطرد قائلا أن الفشل الخليجي الذريع والمتكرر في سوريا والعراق واليمن ولبنان بسبب التحالفات الاقليمية المتخبطة والتحركات الخاطئة والأدوار التي تصب لصالح الآخرين قبل أن تصب لصالح دول المنطقة العربية، هي التي تدفع هذه الدول الخليجية الي تكريس طاقاتها للعمل ضد مصر التي فشلوا في جرها وراءهم أو الدفع بها لتلقي مصير من سبقوها.
ولنكن علي ثقة من أن الشحن الخليجي لاثيوبيا سوف يستمر ولن يتوقف، وان علاقات مصر باثيوبيا سوف تزداد تدهورا، وان الاستعداد الذي سبق لمصر وأن أبدته للتعاون مع اثيوبيا في مشاريعها الانمائية سوف يفقد جدواه وتأثيره في تغيير موقف اثيوبيا من أزمة سد النهضة بفعل هذه المبادرات القطرية والسعودية الأخيرة.
وأكد "صبري" في نهاية حديثة: نحن في خطر حقيقي يشكله علينا الأشقاء قبل الأعداء بتحركاتهم التي تجاوزت معني المكايدة الي التآمر، وبقي علينا أن نعرف طريقنا الي التعامل مع هذا كله بالقدر المناسب من الجرأة والواقعية وعدم التردد.