يبدو أن الأجواء متوترة بين الجانبين الإسرائيلي والمصري، فبعد أن استدعت إسرائيل السفير المصريمن أجل "التوبيخ" بحسب ما ذكرت وسائل إعلام محلية، خرجت تقارير اسرائيلية تتحدث حول علاقة مصر بحركة حماس، وخطر ذلك على الكيان الإسرائيلي.
إذاعة صوت إسرائيل، الناطقة باللغة العربية، قالت إن مصر أدخلت لقطاع غزة خلال العامين الماضيين نحو 100.000 طن من الأسمنت، وعشرات الأطنان من مواد البناء الأخرى، ويأتي هذا وسط مخاوف من أن تمتد التعاملات بين مصر وجماس خارج نطاق سلطة الجيش الاسرائيلي وبعيدًا عن التنسيق معه.
وأوضحت الإذاعة أن إسرائيل وبعد العدوان على غزة، أو ما تعرف بعملية "الجرف الصامد" يوليو 2014، أقامت بالتعاون مع الأمم المتحدة وتحت إشرافها آلية رقابية لإدخال مواد البناء للقطاع من أجل إعادة الإعمار، وأنه تم إدخال معظم مواد البناء للقطاع عبر معبر رفح في أقل من 100 يوم كان المعبر مفتوحا خلالها في العامين الماضيين، كذلك وباستثناء الأسمنت، أدخلت مصر الحديد المسلح والأخشاب والزلط المستخدم في البناء.
وكان "أمير بوحبوت" المحلل الإسرائيلي للشؤون العسكرية بموقع "walla” الإسرائيلي، قال إن المخاوف تتصاعد في منظومة الأمن الإسرائيلية، خوفا من أن يعصف توجه القاهرة بالسياسة التي تنتهجها تل أبيب المتعلقة بإضعاف حركة حماس.
وأضاف "بوحبوت" توجه القاهرة يأتي لـ"الانتقام" من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الذي رفض عرضًا مصريًا بالمصالحة مع غريمه السياسي محمد دحلان المفصول من حركة فتح، لذلك قررت مصر تغيير سياستها مع الحركة التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007.
وتعليقًا على فتح معبر رفح أمام البضائع، قال :”تعارض هذه الخطوة بشكل كامل سياسة إسرائيل، التي تميز جيدًا بين قطاع غزة والضفة، بهدف الإضرار بمكانة حكومة حماس أمام السلطة الفلسطينية.. فعلى سبيل المثال، كانت عملية إدخال مواد البناء والبضائع من إسرائيل للقطاع تتم فقط بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية وتحت رقابة الجيش الإسرائيلي والأمم المتحدة، بهدف الحيلولة دون وصولها للجناح العسكري لحماس، الآن يتخوفون في منظومة الأمن من أن تساعد الخطوة المصرية حماس بشكل غير مباشر في تحسين مكانتها بالمنطقة، ودفع تصنيع الأسلحة وحفر الأنفاق باستخدام المواد المنقولة للقطاع".
الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال إن التعامل بين مصر وحماس يأتي في إطار تغير كامل في رؤية مصر تجاه قطاع غزة، وهو ما تم ترجمته في مؤتمرين عقدا في مصر برعاية المخابرات العامة، من أجل تقديم تسهيلات في فتح معبر رفح من أجل إدخال المساعدات الغنسانية للفلسطينيين، وكذلك تطوير المعبر وآليات عمله.
وأضاف "فهمي، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" إن اتجاه مصر وحماس، يهدف بشكل أساسي إلى تحويل التجارة بين مصر وقطاع غزة، إلى "فوق الأرض" بدلًا من الانفاق، وتسهيلها، وهذه تعد إحدى مشكلات إسرائيل لانها بذلك ستفقد التجارة مع قطاع غزةكما أن تل أبيب لديها مخاوف من تنامي دور مصر في عملية إعمار القطاع، لأن ذلك سيعجل من إنجاز الإعمار بشكل أسرع، وكذلك مخاوف من أن تعجل برفع الحصار، وأن تعيد تدوير حركة حماس عربيًا ودوريًا بعد أن كانت تعتبرها حركة إرهابية.
وأكد الخبير السياسي، أن العلاقات المصرية مع حماس، شهدت تحسنًا كبيرًا خلال الفترة الأخيرة، خاصة وأنه كان هناك زيارة منذ وقت قصير للقيادي يوسف أبو مرزوق لمصر وكان مرحب به جدًا - ومن المتوقع أن يكون "المرزوقي" بديلًا لـ"خالد مشعل" في الفترة المقبلة.
وأكد "فهمي" أن العلاقة بين مصر وحماس، يحركها الأمن القومي المصري بشكل مباشر، وذلك لعدم ترك حماس لاستغلال دول مثل قطر وتركيا أو إيران تحت مسمى "مشروع إعمار القطاع"، واستبعد "فهمي" أن تكرث مصر لسياسة "فيدرالية" فلسطين بمعنى أن هناك سلطتين، فمصر لا تعتبر حماس سلطة شرعية، فهي مازالت في يد حركة فتح.
الباحث في الشأن الإسرائيلي، عمرو الصيفي، قال إن التعامل بين مصر وحماس أمر أمني بحث، تديره المخابرات المصرية وفقًا للمصلحة الامنية للبلاد، خاصة في سيناء، فحماس يمكنها السيطرة وبسط نفوذها على الجماعات المتطرفة التي توغلت في القطاع، وكذلك عناصر داعش.
وأضاف "الصيفي" في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" إن التعامل بين مصر وحماس لا يؤثر بالسلب على القضية الفلسطينية، لكن ما يؤثر في القضية ويضعفها مع الوقت، هو الخلافات داخل حركة فتح - السلطة الشرعية المعترف بها في فلسطين - فهناك صراعات بين القيادات الكبرى خاصة "دحلان ومحمود عباس" والقيادات الصغيرى التي تحاول كسب ظهور إعلامي.