أكدت رباب عبده المحامية ومسئول ملف المرأة بالجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، أنه مازال هناك العديد من القوانين التمييزية والإقصائية التى تقف ضد التمكين الفعلي للمرأة بداية من قانون الأحوال الشخصية لما به من عدة إشكاليات يجب تسليط الضوء عليها ومعالجتها وإعادة صياغتها بنصوص تشريعية موائمة لمواد الدستور وتضمن للمرأة عدم الإقصاء والتمييز، ومن ضمن هذه الإشكاليات التى يجب معالجتها أيضًا مشكلة الطلاق فوفقا للقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ يحق للزوج أن يطلق زوجته بمجرد قول أنها طالق سواء مرة أو اثنين أو حتى ثلاثة.
وتضيف عبده: "إلا أن المرأة فى المقابل تبذل جهد كبير في الحصول على الطلاق نظرا لطول إجراءات التقاضى مثلما يحدث فى حالات الطلاق للضرر وصعوبة إثبات هذا الضرر الواقع عليها مثل المرض العقلي كالصرع والعجز الجنسي أوعدم الإنفاق عليها والعنف الجسدي والنفسي أوسوء المعاملة واستحالة العشرة، وكل هذه الإشكاليات يصعب على المرأة إثباتها وبالتالي تطول إجراءات التقاضى، ومن أهم الإشكاليات أيضا حضانة الطفل ومسكن الحضانة، فبموجب النص القانوني تُمنح الأم حق حضانة أطفالها والعيش معهم حتى بلوغ سن ١٥ سنة أو حتى تتزوج الأم بزوج آخر، وهناك الكثيرات اللائي يفضلن البقاء بجانب أولادهن وعدم التفكير بالزواج حتى لا تذهب حضانة الأولاد ولكن الاشكالية هنا تكمن عند بلوغ سن ١٥ سنة فتنتهى حضانة الأم بأولادها ويكون القرار أن يخير الأولاد بالبقاء مع الأم أم الأب وفي الغالب يفضّل الأولاد البقاء مع الأم فيصبح الوضع أن الأم أصبحت مع الأولاد ولكن بدون منزل نظرا لانتهاء فترة الحضانة، مشيرة إلى أنه حتى المقترح الجديد الذي طرح من البرلمان جاء مخيب للأمال ولايصلح، إنه من شأنه حرمان الأم الحاضنة من حقها فى الزواج مرة أخرى بعد فشل الزيجة الأولى لأى سبب كان، وهو ما يعتبر تمييزًا شديدًا جدًا ضدها ومخالفة لمبادئ المساواة التى أكد عليها الدستور المصرى المعدل فى ٢٠١٤.
فالمقترح هنا يتبنى فكرة إعطاء الحق للأب بنزع حضانة ابنه من الأم بحجة أنها لم تعد مؤهلة لتربيته تربية سوية، وإعطاء الحق فى الحضانة وتربية هذا الإبن لامرأة أخرى سواء كانت هذه المرأة زوجة الأب، أو العمة، وبالمخالفة لترتيب الحاضانات من النساء، ودونما أدنى نظر واعتبار لمفهوم تحقيق المصلحة الفضلى للطفل".
وتنوه عبده:" من الإشكاليات الهامة أيضا المواريث فمازال هناك تمييز وإقصاء واضح في حرمان المرأة من ميراثها الشرعى كما يحدث فى وضع المرأة بالصعيد والأماكن الريفية بالرغم من نص القانون ٧٧ لسنة ١٩٤٣، وهنا التحدى بات أصعب لأننا بصدد موروثات وعادات وتقاليد باليه تقف بالمرصاد ضد المرأة حال مطالبتها بحقوقها فى الميراث وفقآ للشرع والقانون".
وتوضح:" أيضًا إشكالية ( الشهادة ) للمرأة بالرغم من الاعتراف بشهادتها وفق قانون العقوبات ألا أن الوضع يختلف في قانون الأحوال الشخصية فإن اثنين من الإناث يعادلان شاهد ذكر واحد فيعد هذا أيضا نوع من التمييز فى حقها ".
وتأكد عبده أيضًا يمارس ضد المرأة تمييزا وإقصاءا لها في حرية التنقل فالبرغم من نص صريح من المحكمة الدستورية صادر سنة ٢٠٠٠ يتيح لها حرية السفر دون الحصول على إذن مسبق من الزوج والأب إلا إنه مازال إجراء شكلى فقط لم يأخذ حيّز التفعيل فبمجرد طلب أحد أفراد الأسرة الذكور ورفعه أمام قاضى الأمور المستعجلة تمنع المرأة من السفر".
وتشير إلى أن هناك نوع آخر من التمييز الجسيم الذى يمارس ضد المرأة وهو وضع المرأة فى قانون العقوبات، كجرائم الشرف خاصة في المواد التى تتحدث عن الزنا فعقوبة الرجل ليست كالمرأة فالتمييز واضح هنا في حالة تفاجأ الزوج بخيانة زوجته مع آخر وقام بقتلها فيعاقب بعقوبة مخففة، أما العكس في حالة تلبس الزوج بالخيانة وقامت الزوجه بقتله فتعاقب عقوبة مشددة، أما في حالة ثبوت الزنا عليها فتعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين ويحق للزوج توقيف تنفيذ العقوبة برضائه، أما الزوج في حالة ثبوت الزنا عليه يعاقب بالحبس بمدة لا تتجاوز ستة أشهر ولا يحق للزوجة توقيف تنفيذه.
من تعدد أوجه القصور التشريعي فى العديد من القوانين، والتى نرى إن تعديلها آمر سهل ويسير جدا فى ظل تشكيل مجلس النواب الجديد، إلا أن التحدى الأكبر من وجهة نظرنا هو كيفية جعل المساواة بين الرجل والمرأة واقع مجتمعى وثقافة يتبناها المجتمع ويحرص على تطبيقها فى كافة مناحى الحياة، بل يجعلها اُسلوب حياة.