في ظل الجدل الثائر حول التداعيات السلبية لقرار رفع أسعار الدواء بنسبة 50% للأدوية التي تباع بسعر من 1 إلى 50 جنيها، و40% للأدوية التي تباع بسعر يتراوح بين 50 و100 جنيها، و30% على الأدوية المستوردة والتي تباع بسعر يزيد عن 100 جنيها، هناك أصحاب المصالح والمستفيدين من هذا القرار، والمستفيد المباشر هو شركات الدواء في مصر، والمخازن التي تتعامل معها، ولكن هناك مستفيد ثالث من أباطرة الدواء في مصر، وهي سلاسل الصيدليات، وهو الأمر الذي فطنت له نقابة الصيادلة منذ البداية، وعملت على مواجهته، وتقف بشراسة ضد قرار زيادة أسعار الدواء بشكل عشوائي ومبالغ فيه بما يثقل كاهل الغلابة.
ويرجع السبب إلى أن الصيدلية الواحدة يمكنها التعامل فيما يزيد على 5 آلاف صنف دواء، بينما يتراوح عدد الأصناف داخل الصيدليات الصغيرة بين 300 و500 صنف دوائي، حيث عدم قدرة الصيدليات الصغيرة على توفير الـ 12 مثيل للدواء الأصلي وبدائله، وهو ما يتوافر لدى السلاسل الصيدلية، كما أنه حسب تصريحات د. محي الدين عبيد نقيب صيادلة مصر، أكد على أن السلسلة الصيدلية الواحدة تضر ما يتراوح بين 12 و15 صيدلية مجاورة لها، ويتسبب شخص واحد فى غلق ما يقرب من ٣ آلاف صيدلية، حيث يتجه المرضى للشراء منها بدعوى توافر الأدوية بها، وهو الأمر الذي تفتقده باقي الصيدليات الصغيرة، ويمتلك بعض أباطرة صناعة وتوزيع الدواء في مصر عدد من السلاسل الصيدلية، وكانوا سببا في رفع سعر الدواء، والضغط على الحكومة.
ويؤثر قرار رفع الأسعار سلبًا على المرضى، ويثقل كاهلهم بشكل كبير، ويضيف من الأعباء المرضية عليهم، وهو قرار يتسبب في جشع التجار وشركات الأدوية التي رفضت التوريد للصيدليات انتظارًا لتنفيذ رفع السعر وتحقيق مكاسب كثيرة؛ وتسببها في زيادة نواقص الدواء في السوق، رغم أن تحريك الأسعار كان من المطالب الأساسية لنقابة الصيادلة، بل وكانت النقابة فى مقدمة الجهات التى تبنت الأمر، بهدف حماية الصناعة الوطنية وتوفير الدواء الفعال والآمن للمريض المصرى بسعر مناسب، فالدواء المستورد سعره غالٍ جدا، والدواء المصرى رخيص، ورغم أن ظاهر القرار هو استفادة الصيدلي من رفع السعر، إلا أن في باطنه أزمة كرى، حيث يتطلب من الصيادلة رفع رؤوس أموال الصيدليات، وهو أمر غير متوافر لديهم نظرا لنزيف الخسائر التي يتكبدونها.
ولأن الدواء من الضرورات الأساسية، والمريض لو لم يجده يضطر فى كل الأحوال للجوء إلى البديل المستورد الذى يباع بأسعار مضاعفة، ويتوافر في السلاسل الصيدلية، في الوقت الذي ينزعج فيه الصيدلي من عدم توافر أدويه عنده عندما يطلبها منها لمريض، ولذلك فإن السلاسل ظاهرة تدمر مهنة الصيدلة – حسب النقابة -، لأنها تجعل المهنة فى أيدى بعض الأشخاص بالمخالفة لقانون مهنة الصيدلة، حيث يحتكرون سوق الدواء، وتهتم شركات التوزيع بالسلاسل أكثر من مالك الصيدلية الواحدة.
بخلاف أن السلاسل تبيع الأدوية المهربة والمجهولة المصدر، لذلك تستدعي النقابة صاحب السلسلة والمدير وتحقق معه، وتم إسقاط عضوية البعض، ثم مخاطبة الجهات المعنية بإجراء غلق إدارى للمكان من وزارة الصحة والمحافظة وأى جهات أخرى.
ومؤخرا طالب الدكتور محي عبيد، نقيب الصيادلة، بإلغاء تسجيل أدوية الشركات التي تمتنع عن تصنيع الأدوية بغرض احتكاري، مشيرًا إلى أن الصيدليات أوشك رصيدها الدوائي علي النفاذ، بسبب تنفيذ شركات الأدوية لإضراب فعلي عن تصنيع الدواء أو إعطائه لشركات التوزيع، وأن عدًا من شركات توزيع الأدوية بدأوا تنفيذ خطة خفافيش الظلام بتقليل الإنتاج للضغط علي الدولة لرفع أسعار الأدوية والضحية هو المريض، فقد تم زيادة الأدوية بنسبة 20% في مايو الماضي والآن تسعي مافيا الأدوية إلي إقرار زيادة جديدة 50% بإجمالي زيادة 70% في 6 شهور فقط.
وشدد نقيب الصيادلة على ضرورة مراجعة حساب تكلفة إنتاج الأدوية علي الشركات ومراجعة المواد الخام الموجودة لدي كل شركة والمثبتة في كشوف التفتيش الصيدلي لمعرفة لماذا يتم تعطيش السوق رغم وجود رصيد كافي لديهم من الأدوية.
وأوضح أن قرار النقابة بتعليق العمل بالصيدليات 15 يناير المقبل من أجل المريض المصري والمطالبة بتوفير الأدوية في الصيدليات وإلزام الشركات بالتصنيع وإقرار تسعيرة عادلة لا عشوائية، إضافة إلى إصدار قرار بسحب الأدوية منتهية الصلاحية إنقاذا للمريض من إعادة تدويرها بمصانع بير السلم وحفاظا علي اقتصاديات الصيادلة بتطبيق قرار 499 علي جميع الأدوية.
وأعلن عن تشكيل لجنة نقابية تسمى "اللجنة النقابية للحق في الدواء"، حرصًا من النقابة العامة لصيادلة مصر علي توفير الدواء للمواطنين، وستكون أحد واجباتها الأساسية الدفاع عن حق المريض في وجود دواء آمن وفعال، كما ستكون اللجنة معبرة عن أزمات الدواء لعدم ترك الفرصة لغير الصيادلة للحديث عن الدواء.
وأعلن الدكتور أحمد عماد الدين راضي وزير الصحة والسكان أن هناك 474 شركة قدموا قوائم للأدوية لتطبيق الزيادة عليهم، مشيرا إلى أن القوائم تم إعدادها طبقا للنسب المحددة مسبقا وهي 15% من الأدوية المحلية و20 % من المستوردة، وأكد أن زيادة الأسعار لن تشمل أدوية الأمراض المزمنة والتى ليس لها بديل أو مثيل، لافتا إلى أن أعمال اللجنة سوف تنتهي في موعدها المحدد 12 يناير الحالي، على أن يتم استلام القوائم الجديدة للأسعار في نفس يوم انتهاء أعمال اللجنة للبدء في التطبيق، وهذه الزيادة ستطبق على الأدوية التي سيتم إنتاجها بعد تاريخ صدور القرار، مشيرا إلى أن جميع الأدوية المنتجة قبل صدور القرار لن يطبق عليها زيادة الأسعار.
وأكدت نقابة الصيادلة أن قرار الجمعية العمومية الطارئة الخاص بالغلق الجزئي الصيدليات بدءً من 15 يناير المقبل ولمدة أسبوعين من 9 صباحًا وحتى 3 عصرًا، هو من أجل توفير الدواء للمرضى واعتراضًا على سياسة تسعيرة الأدوية العشوائية غير المدروسة، وأن قرار زيادة الأسعار لن يساعد على توفير الأدوية الناقصة، بسبب تدخل الشركات في قوائم مستحضراتها الدوائية، التي سيطبق عليها قرار تحريك أسعار الأدوية، ومتوقع أن تختار أصناف أدوية محددة هي الأكثر مبيعًا لديها بهدف تحقيق أرباح على حساب المواطن.
وأضافت النقابة أن شركات الأدوية والمخازن امتنعت عن توزيع الأدوية على الصيدليات انتظارًا للزيادة المقرر لها شهر فبراير المقبل، لذا قبل موعد تطبيق القرار ستصبح الصيدليات خاوية من الأدوية، وستقوم النقابة في هذا الصدد بتقديم بلاغ للنائب العام ضد احتكار شركات الأدوية، وشددت على رفضها لقرار تحريك أسعار الأدوية دون تضمنه إلزام الشركات بسحب الأدوية منتهية الصلاحية من الصيدليات والتي تهدد صحة المرضى بسبب إعادة تدويرها بمصانع بير السلم.
ونفت ما تردد حول مطالبتها بزيادة هامش ربحها من 25% إلى 30% للأدوية المحلية، مؤكدة أن النقابة لم تطالب سوى باحترام القانون وتطبيق قرار وزاري محصن بحكم قضائي صدر من 4 سنوات وتضمن تحديد هامش ربح الصيدلي بنسب 25% للأدوية المحلية و18% للمستوردة، ورغم غلاء المعيشة طوال هذه السنوات الماضية لم تطالب النقابة بالزيادة مراعاة للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وطالبت نقابة الصيادلة الصيدليات بالالتزام بقرار الجمعية العمومية وغلق صيدلياتهم في المواعيد المحددة، مؤكدةً على أنه سيتم تحويل المخالفين لهيئة التأديب وتغريمهم مبلغ 5 آلاف جنية و100 الف جنية لسلاسل الصيدليات، وأشارت إلى أنه تم تشكيل لجنة مركزية لإدارة ومتابعة الإضراب للتواصل مع كافة الصيدليات في مختلف المحافظات لإعلامهم بقرار الجمعية والتوقيع على الإلتزام به وتنفيذه، وبدأ عدد كبير من المحافظات بتشكيل لجان فرعية في نقابتهم لبحث آليات تنفيذ إضراب الصيدليات.
وشكلت لجنة مركزية للتنسيق لأعمال إضراب الصيدليات يوم 15 يناير المقبل وتكونت اللجنة من الدكتور مصطفى الوكيل وكيل نقابة الصيادلة، الدكتور أيمن عثمان أمين عام النقابة، وحيد عبد الصمد أمين الصندوق.
ووزعت مهام عمل التنسيق مع الصيدليات لتنفيذ الإضراب على أعضاء المجلس كل عضو مسئول عن منطقة وجاءت المهام كالتالي:إسناد مسئولية إضراب صيدليات محافظات السويس والإسماعيلية وبورسعيد ودمياط للدكتور محي عبيد،د.محمد العبد، أما محافظة الشرقية فتم إسنادها للدكتور عصام عبد الحميد، والمنوفية د. أحمد عبيد، أما الغربية د. محمد رمضان، والقليوبية د. محمد رمضان ود. أحمد عبيد، وكفر الشيخ د. صبرى الطويلة، وقنا وأسوان د.أحمد عامر، وأسيوط د. منى المهدي، وبني سويف د. وحيد عبد الصمد، والمنيا د. أحمد فخري، وسوهاج والأقصر د. أحمد أبودومة، والفيوم د.وحيد عبدالصمد ود. أحمد فخرى، والإسكندرية د. صلاح كريم ود. أحمد خليل، والبحيرة د. حسام حريرة، أما محافظة مرسى مطروح فتم إسنادها للدكتور حسام حريره ود.صلاح كريم، والدقهلية د. أحمد فاروق ود. أشرف مكاوي، والقاهرة والجيزة د. جورج عطالله ود. حسن إبراهيم ود. محمد حسن ود. جميل بقطر ود. أحمد فاروق.
وقالت النقابة أنها خاطبت وزارة الصحة مرارًا وتكرارًا لحل أزمات قطاع الدواء وانتشال هذا القطاع من حالة التشتت وإنقاذ مرضى مصر من تكدس الأدوية منتهية الصلاحية التي ترفض شركات الدواء ارتجاعها دون وجه حق وتتخاذل وزارة الصحة عن إلزامها بذلك إلا ان النقابة لم تجد إلا أذان صماء وعقول متحجرة وانتصارًا لرؤية الشركات وأصحاب رؤوس الأموال في توجه يثير الشك والريبة، ومما زاد الأمر سوء تعمد البعض تسريب مسودات وتفاصيل المفاوضات مع الوزارة وهو الأمر الذي أدى إلى حالة من البلبلة في الشارع المصري وتقليل الكميات المنتجة من الأدوية انتظارًا للزيادة المزعومة في حلقة جديدة من حلقات سوء إدارة الأزمة.
وأشارت إلى أنه ليس مقبولًا من نقابة صيادلة مصر أن تقف مكتوفة الأيدى وهى ترى الشركات تدافع عن مكاسبها ومصالحها في الوقت الذي ترفض فيه أن تعطى حق الصيدلي المصري فى هامش ربح مستحق من الشركة وليس من المريض مثبت بقرار وزاري صادر فى 2012، ومحصن بحكم من محاكم القضاء الإداري علمًا بأن هامش الربح هذا لم يتغير طوال 30 عامًا مضت رغم ارتفاع تكاليف الحياة وأعباء تقديم الخدمة الصيدلانية، وهو الأمر الذي يهدد اقتصاديات قرابة 70 ألف صيدلية تمثل مصدر الدخل لـ 300 ألف أسرة على الأقل تواجه شبح الإفلاس والانهيار.
وأرسلت النقابة العامة الخطابات الرسمية والبوسترات وبدء الزيارات الميدانية، وسوف تستأنف النقابة الاجتماعات أيام السبت والثلاثاء من كل أسبوع الساعة 4 عصرًا، ونص الخطاب الذي تم طباعة 5 آلاف نسخة منه لتوزيعها "قرار الإضراب جاء بعد دمار اقتصاديات آلاف الصيدليات التى أغلقت، وغيرها التى توشك أن تغلق تمامًا مجبرة نتيجة ضخامة الأعباء وارتفاع الأجور والكهرباء، والمياه والضرائب، وتراكم أدوية الشركات منتهية الصلاحية دون سحبها، ناهيك عن بيع أدوية بالمليارات خارج الصيدليات وبدون رقابة تذكر.
وأضاف "جاء هذا القرار رفضًا للسياسة العشوائية فى تسعير الدواء والمتكررة من وزارة الصحة منذ مايو 2016، والتى يدفع ضريبتها المريض والصيدلى على حد سواء، وأسفر عن نقص حاد ومتزايد في الدواء مع وضع الصيادلة ككبش فداء إعلاميًا وشعبيًا لهذا التخبط، ناهيك عن تسريبات بزيادات الدواء تسببت في حالة من الفوضى في الشارع المصري.
وتضمن الخطاب "القرار كضوء أحمـر من صيدليات مصر لجميع المعنيين بصناعة الدواء ووزارة الصحة من أجل حق المريض فى إيجاد دوائه، وحق الصيدلى فى إحترام مهنته وكيانه.
وتؤكد النقابة أن هذا القرار جاء بعد أشهر من المفاوضات وطرح بدائل أمام الوزارة وجميع المعنيين بصناعة الدواء دون جدوى، وبعد سنوات من تحدى سافر لقرارات وزارية على رأسها قرار 499 لسنة 2012 والمحدد لهامش ربح الصيدلى 25% للمحلى و18% للمستورد دون تنفيذ.
قال محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، إن الحكومة تعاملت مع الأزمة الحالية للدواء، وخاصة خلال الشهور الأخيرة بشكل فاشل، ومنذ تحرير سعر الصرف حتى الآن ضغطت الشركات، وقللت الطاقة الإنتاجية، ووصل نقص الدواء لأكثر من 2000 صنف، منهم 130 صنف دون مثيل أو بديل، وخضعت الحكومة لجميع شروط الشركات المصرية العاملة في مجال الدواء، وضاعت هيبتها وإرادتها عندما وافقت على بند الشركات باختيار مستحضراتها فى قوائم الزيادة الجديدة وهو إذعان لم يحدث سابقا.
وأضاف محمود فؤاد، أن الجريمة هنا تكمن في أن الحكومة أعطت الشركات الضوء الأخضر لعدم إنتاج 85% من الأدوية، كما جاء في الاتفاق، وتريد أمام الرأي العام غسل يدها من الجريمة بأن تصدر القرار الجديد، على أن ينفذ من فبراير ٢٠١٧، وألا يتم البيع للأدوية القديمة بأسعار جديدة، وهى لا تعلم أن هذا غير حقيقي فأول انتاج للأدوية الجديدة ليس قبل مارس في أفضل الأحوال.