يسجل اليوم الذكرى الـ99 لميلاد الرئيس الثاني لجمهورية مصر العربية، الزعيم جمال عبد الناصر، والذي ما زال ذكراه تشكل حضورًا طاغيا في أذهان الكثيرين، يرفضون أن تغادر صورته ذاكرتهم، لأنه ما زال المشروع والحلم والإنجاز للقطاع العريض من شعب مصر حتى بالنسبة لمن لم يعاصروه.
في الحقبة الزمنية لعهد "عبد الناصر" كانت هناك العديد من الدول التي عانت كثيرا اقتصاديا وسياسيا، واهتم "ناصر" بتطويرها وزيارتها، في الوقت الذي كان الاقتصاد المصري مستقرا بالنسبة لهذه الدول، رغم إنهاكه في الحروب التي خاضها في هذه الحقبة، الا أن حال الدولة كان أفضل بكثير من هذه الدول التي تخطت مصر الآن بالكثير من التطورات الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية، ليبقى السؤال الذي ما زال حاضرا في أذهان الكثير، ماذا لو لم يمت عبدالناصر؟.. هل كانت مصر ستظل رائدة في الشرق الأوسط؟.. هل كان حالها أفضل من كوريا الجنوبية والهند وسنفاغورة والإمارات وغيرها؟
في السطور التالية يرصد "أهل مصر" حال هذه الدول في الحقبة الزمنية لعهد عبد الناصر وما وصلت إليه الآن.
كوريا الجنوبية
أعلن "ناصر" تمسك مصر بالنهج الإقتصادي الإشتراكي الذى أنجز العديد من النجاحات في الوقت الذي كان الاقتصاد المصري أقوى من اقتصاد كوريا الجنوبية، ولدى مصر فائض من العملة الصعبة تجاوز المائتين والخمسين مليون دولار بشهادة البنك الدولى.
فبعد استقلال كوريا الجنوبية عام 1943، ورغم معاناتها لعقود طويلة من الاستعمار الياباني، وحرب التقسيم مع كوريا الشمالية، التي قدرت خسائرها بنحو 69 مليار دولار، والفوضى السياسية، والفقر المدقع، فضلًا عن تدمير البنية التحتية والصناعية، إلا أنها تمكنت بحلول القرن الواحد والعشرين من تحقيق نمو اقتصادي ونهضة صناعية وتكنولوجية غير مسبوقة مستفيدة من النهضة المصرية في عهد الرئيس الراحل عبد الناصر.
إذ اعتبر الرئيس الكوري بارك تشونغ مصر نموذجًا تنمويًا يجب الاقتداء به، فأرسل عام 1962 بعثة من الباحثين والمسؤلين الكوريين، للتعرف على أوجه الازدهار والتطور الذي تمتعت به مصر في فترة الستيتنيات، وزارت البعثة وقتها مصنع النصر وعدة مناطق أخرى.
وبعدها اعتمدت النهضة الكورية في فترة حكم تشونغ، على تأسيس البنوك الحكومية، وتأميم البنوك الخاصة كوسيلة للتحكم في القروض، إضافة إلى الاعتماد على الاقتصاد الموجه نحو الصادرات وتقليل حجم الواردات، وتحقيق الاستقلال التام، خاصة بعد انخفاض حجم المساعدات الخارجية للدولة الكورية بعد الاستقلال، فضلًا عن تشجيع الصناعات الثقيلة والكيماوية، مثل صناعة الحديد والصلب.
كما استحدث الرئيس الكوري، هيئات ومؤسسات جديدة في سبيل دفع عملية التنمية الاقتصادية إلى الأمام، كان أبرزها، مجلس التخطيط الاقتصادي الذي تأسس عام 1961، وتمثلت مهامه في إدارة وتخطيط بناء الاقتصاد الوطني، كما وكل بالإدارة والتنسيق بين المؤسسات الأخرى، لتجنب حدوث التعارض بين الهيئات المعنية باتخاذ القرار.
وتحولت كوريا الجنوبية بعدها بفضل الاهتداء بالنموذج المصري فى التنمية، من دولة تصنف على أنها من أفقر دول العالم إلى أكثر الدول المتقدمة في العالم، والتي يقدم لها العالم التبجيل والاحترام لنجاج تجربتها في التنمية، وتحقيقها نهضة شاملة في كافة المجالات خلال 26 عامًا، وهو يعد زمن قياسي، بالمقارنة بما كانت عليه كوريا الجنوبية وما تم إنجازه، إذ زاد حجم الناتج المحلي الإجمالي بنحو8%سنويًا، حيث ارتفع من2.3مليار عام 1962 إلى 969.8 مليار دولار أمريكي.
الهند
كانت الهند في حقبة "ناصر تعيش حياة حرب مع دولة باكستان، وفي هذا الوقت أعلن "ناصر" أنه على استعداد أن يبذل مساعيه، للتوسط فى الخلاف الذي كان دائرا بين الهند وباكستان حول مشكلة كشمير إذا طلبت منه الدولتان هذه الوساطة.
واكد وقتها أن المشاكل يجب أن تحل عن طريق المفاوضات وباستخدام القوة الأخلاقية، أما القوة المسلحة فيجب ألا تستخدم إلا لرد العدوان، وبعد أن تكون المفاوضات السلمية قد أخفقت.
سنغافورة
كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت بسنغافورة سياسيًا في نوفمبر عام 1966 أثناء حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وتعتبر العلاقات الاقتصادية بين مصر وسنغافورة جيدة للغاية ومتنوعة في مجالات شتي وتعمل الاراضى المصرية 59 شركة موسسة سنغافورية فى الفترة مابين 1 /1 /1970 حتى 29 /6 /2015 وذلك وفقا للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
الإمارات
في الوقت الذي تولى فيه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي في الفترة من 1966- 2004، بدأت العلاقة بين الشيخ زايد وجمال عبد الناصر، فقد جمع حُلم الزعامة بين الرئيسين، ورفعوا شعارًا واحدًا، "القومية العربية"، و"ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعمار"، وكانت مصر أولى الدول التى أيدّت بشكل مطلق الاتحاد، ودعمته لأنّه ركيزة الاستقرار دوليًا وإقليميًا.
ولم تكُن بعثات المدرسين والمهندسين والأطباء التى ذهبت إلى الإمارات في هذا الوقت هى هجرة إلى بلاد البترول والنفط، فقد بدأت فى منتصف الخمسينيات أيام عبد الناصر، أي قبل ظهور النفط في البلاد، وإنما انطلاق من دور عروبى وإنسانى، وأيضًا فتحت مصر ذراعيها لاستقبال الراغبين فى التعلم ونقل العلم والخبرات إلى بلدهم.