تُثير فكرة وجود حكومتين متوازيتين في السودان جدلاً واسعاً، مع تباين الآراء حول ما إذا كانت تمثل حلاً للأزمة أم مقدمة لتقسيم البلاد. يأتي هذا التطور بعد نحو عام من اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وفي ظل غياب أي أفق للحل السلمي.
سيناريوهات متوقعة بعد عام من الحرب
في أبريل (نيسان) 2024، استضاف "معهد السلام الأميركي" ورشة عمل في نيروبي بمشاركة قوى سياسية ومدنية لمناقشة مسار الحرب. تم خلال الورشة طرح ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل السودان:
الحسم العسكري: استُبعد هذا السيناريو بسبب طبيعة الحرب المعقدة وتزايد التدخلات الخارجية.
"فاوض وحارب": يعتمد هذا السيناريو على تغير جذري في موازين القوى على الأرض أو "توازن ضعف" يدفع الطرفين إلى طاولة المفاوضات. إلا أن هذا الخيار ظل غير متاح بسبب رفض الجيش وحلفائه المتكرر لـ "منبر جدة" الذي كان يهدف إلى وقف العدائيات.
وجود حكومتين: ركز المعهد على هذا السيناريو باعتباره الأكثر ترجيحاً، إذ يمكن أن يفتح مسارات للتفاوض بين الأطراف المتصارعة.
إعلان حكومة موازية
الأسبوع الماضي، أعلن "تحالف السودان التأسيسي" (تأسيس) تشكيل حكومة موازية برئاسة قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وتتخذ من مدينة نيالا عاصمة لولاية جنوب دارفور مقراً لها. جاء هذا الإعلان رغم الرفض الإقليمي المسبق لتشكيل أي سلطة خارج المؤسسات الرسمية للدولة، خشية من انقسام البلاد.
آراء متباينة حول الأثر
يرى المحلل السياسي، ماهر أبو الجوخ، أن وجود حكومتين في بورتسودان ونيالا أصبح أمراً واقعاً، وإن كانت كلتاهما تفتقر للشرعية القانونية. وأشار إلى أن دول الإقليم لا ترغب في تقسيم السودان، مؤكداً أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في بورتسودان، مثل تغيير العملة، دفعت قوات الدعم السريع لتشكيل سلطة موازية.
وأضاف أبو الجوخ أن المجتمع الدولي يدرك أن وجود حكومتين هو نتيجة للصراع وليس سبباً له، وقد يتم التعامل معهما بما يخدم مصالح الأطراف الدولية والإقليمية. ولفت إلى أن هذا السيناريو قد يكون تكتيكياً من قبل قوات الدعم السريع بهدف التفاوض بين سلطتين قائمتين.
من جانبه، يرى المحلل السياسي والعسكري، حسام الدين بدوي، أن المجتمع الدولي قد يعتبر وجود حكومتين فرصة للحل السلمي، لكنه حذر من أن هذا قد يؤدي إلى تفاقم الصراع وإطالة أمده. وأوضح أن كلا الطرفين يسعى للحصول على الشرعية الدولية وإثبات قدرته على حماية المدنيين في مناطق سيطرته.
بينما يرى حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، أنه إذا استمرت الحكومة الموازية لمدة عام أو عامين، فستتحول إلى حكومة أمر واقع، وسيتم التعامل معها دولياً، مما قد يمهد الطريق لوقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية.