إرهابي القلوب "أبوتريكة".. تاريخ حافل بالمواقف الإنسانية

أبو تريكة

"أمير القلوب، الخلوق، المجتهد، مثال الإنسانية، سفير القلوب، صديق الشهداء، الماجيكو"، صفات لم نستطع رصدها كلها، مواقف إنسانية كثيرة يصعب الوقوف عندها، أجبر الجميع على احترامه الكبير منهم قبل الصغير، نال احترام العالم أجمع، كرمه الرؤساء والملوك، احتل شعبية عريضة من الجماهير.

إنه اللاعب محمد محمد أبو تريكة، لاعب منتخب مصر السابق، أصبح قدوة للكثير من الشباب، أصبح بجانب مهارته الكروية، ومواقفه الإنسانية، وأخلاقه التي ترفع بها، أسطورة من أساطير كرة القدم المصرية والعربية والأفريقية، حتى لقبه البعض أنه ظاهرة كروية لن تتكرر.

تميز "تريكة" بكونه لاعبًا صانع ألعاب وساهم في الهجوم وإحراز الأهداف، بالإضافة إلى اللمسات السحرية ومهارات المراوغة والاختراق، استطاع إحراز سلسلة من البطولات والإنجازات المتتالية محليا وعالميا.

"أمير القلوب" من اللاعبين المهاريين في مصر، ومن الممكن أن تجد لاعبين أكثر منه مهارة، إلا أن هناك ما ميزه عن غيره من اللاعبين، وهو مواقفه الإنسانية المختلفة، حيث تميز بأخلاقه العالية في علاقته مع زملاءه داخل وخارج الملعب، وعرف عنه التزامه الديني، يكفي أنه لم يحصل على أي بطاقات حمراء "طرد" طوال تاريخه في كرة القدم.

انحنى "الماجيكو" في إحدى المباريات الإفريقية، لربط حذاء طفل صغير كان مرافقًا له قبل المباراة، كما قام أيضًا، بتبديل قميصه مع اللاعب الصاعد "عمر عبد الرحمن"، في مباراة فريقه في كأس الإمارات مع "نادي العين"، وأشاد الأخير بهذا الموقف المتواضع له.

قام "الخلوق" بعد توقيعه عقود انتقاله للقلعة الحمراء، بأداء العمرة شكرا لله على ما وهبه من منح وعطاء.

في لفتة رائعة، وبعد الإساءة للرسول، ارتدى "تريكة" قميص مكتوب عليه "نحن فداك يا رسول الله"، وذلك في المباراة النهائية لكأس أمم أفريقيا عام 2006، والتي أقيمت في مصر وتوج بها المنتخب المصري.

العقوبة الأشرف في التاريخ "تعاطفًا مع غزة"، تلقى "تريكة" بطاقة صفراء بعد إحرازه الهدف الثاني للمنتخب المصري في مرمى السودان ضمن دور المجموعات ببطولة الأمم الإفريقية والتي انتهت بثلاثية للفراعنة، بعدما كشف أبو تريكة عن قميص ارتداه أسفل قميص المنتخب، كُتب عليه "تعاطفًا مع غزة"، ليتلقى بطاقة صفراء.

في عام 2005 انضم "تريكة" إلى "رونالدو" و"زيدان"، بالإضافة إلى 40 لاعبًا عالميًا للعب مباراة ضد الفقر، من أجل جمع التبرعات وذلك في مدينة دوسلدورف الألمانية، بدعم من الاتحاد الدولي لكرة القدم، وبرعاية برنامج الأمم المتحدة للتنمية.

تم اختيار "تريكة" سفيرا لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة لمحاربة الفقر، وسافر إلى أفقر البلاد الإفريقية بصحبة النجم المالي كانوتيه، كما قام بتصوير إعلان تليفزيوني يشير إلى مأساة وفاة 25 ألف شخص يوميًا بسبب الجوع، من بينهم 18 ألف طفل.

شيع جميع اللاعبين جثمان "محمد عبدالوهاب"، ظهير أيسر النادي الأهلي والمنتخب المصري، إلا أن "تريكة" كان له علاقة خاصة مع "عبد الوهاب" قبل وفاته، وأيضًا بوالدته وظل يقوم بزيارتها ودعمها في مصابها ومحنتها.

وذكرت والدة عبد الوهاب، في إحدى اللقاءات التليفزيونية، أن أبو تريكة هو اللاعب الوحيد الذي طالما يقوم بالسؤال عن حالها وقضاء حاجاتها.

تأثر "الماجيكو" بالمجزرة البشعة التي راح ضحيتها 72 من مشجعي النادي الأهلي، وأثّر الحادث أيضًا بشكل سلبي على اللاعب، حيث لفظ أحد المشجعين أنفاسه الأخيرة بين يدى اللاعب، وحرص "تريكة" بعد الحادثة على زيارة أهالي شهداء المذبحة ومساندتهم.

في نهائي بطولة دوري أبطال أفريقيا، هتفت جماهير الأهلي خلال مباراة فريقها أمام أرولاندو بايرتس، لنجم الفريق محمد أبو تريكة مطالبة إياه بعدم الاعتزال، ورفعت مجموعة أولتراس أهلاوي لافتة للماجيكو كتب عليها "إذا كان الاعتزال قرارك فالحب ليس باختيارك صديق الشهداء محمد أبو تريكة"

وبعد تسجيله آخر هدف على أرضه ووسط جماهيره على ملعب ستاد المقاولون العرب، في نهائي البطولة الأفريقية، انحنى "أمير القلوب" لتحية الجماهير، في مشهد لا يمكن لأى وصف التعبير عنه، فلقد حفر في ذاكرة الأجيال القادمة، مثالًا مشرفًا للرياضي الذي ننادي به.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً