تعد ظاهرة الطلاق، أهم الظواهر السلبية التي ابتلي بها المجتمع المصري وأخطرها، والذي ارتفعت نسبته داخل المجتمع المصري خلال السنوات الثلاثة الأخيرة إلى درجة كبيرة وبشكل مُخيف، فيكاد لا يخلو بيت في مصر، إلا ويوجد فيه حالة طلاق، حتى أصبحت مصر الأولى عالميًا بمعدل فاق 170 ألف حالة في عام 2016، أغلبها عن طريق قانون الخُلع.
وأكدت إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة، ومركز معلومات دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، ارتفاع نسب الطلاق في مصر من 7٪ إلى 40٪ خلال الخمسين عامًا الأخيرة، ووصل الإجمالي العام الآن إلى 3 ملايين مطلقة، لتؤكد الإحصائيات أن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميًا، وعززت الأمم المتحدة ذلك في تقريرها الصادر للظروف الاجتماعية والاقتصادية، والصحية، فضلًا عن نقص الوعي أو إدمان المخدرات، وانتشار المواقع الإباحية على الإنترنت.
فتوفير الاحتياجات الأساسية للأسرة من أهم عوامل الاستقرار لكن ارتفاع الأسعار مع ثبات وتدني الدخل يؤدي إلى تبادل الاتهامات وإلقاء المسؤولية من كل طرف على الآخر، فالزوجة تدفع الزوجة للبحث عن عمل إضافي وتوفير دخل أكبر والزوج يتهم الزوجة بعدم التوفير في الإنفاق وتتفاقم الخلافات مع وجود الأطفال ومتطلباتهم من دراسة وعلاج وخلافه، ما يؤدي في النهاية إلى سوء العلاقة بين الزوجين، وقد تصل للطلاق.
وأكدت " فاطمة. ع "، 33 عامًا، مطلقة أمام فشل الزوج في الوفاء بمتطلبات المعيشة من مأكل وملبس ومصاريف الدراسة الخاصة بالأطفال نتيجة توقف عمله إذ كان يعمل في شركة سياحية وأمام الخلافات اليومية بسبب عجزه عن الوفاء بهذه الالتزامات كان اللجوء إلى الطلاق هو الحاسم في أمرها".
وتوضح "عايدة. س"، 41 عامًا مطلقة "أن الحالة المزاجية لزوجها السابق أصبحت أكثر حدة بسبب ارتفاع الأسعار فمع كل خلاف بسيط ينشب بينهما كان يهددها بالطلاق، ومع تدهور الأوضاع المعيشية نشب خلاف بسيط بينهما، غير أن هذه المرة أوّقع عليها الطلاق".
وكشفت أستاذة علم النفس في جامعة القاهرة الدكتورة تغريد عبدالعزيز، أن الأوضاع الاقتصادية التي تمّر بها مصر خلال الفترة الأخيرة سببًا رئيسًا في ارتفاع حالات الطلاق، فالكثير من الأزواج فقدوا أعمالهم الأمر الذي أثّر على حياتهم بالسلب وجعلهم غير قادرين على الوفاء بمتطلبات المعيشة، وأمام هذا العجز تلجأ الزوجة إلى محاكم الأسرة طلبًا للخُلع.
وأضافت عايدة أن أغلب القضايا المنظورة أمام محاكم الأسرة في مختلف محافظات الجمهورية الدافع ورائها فشل الزوج في الوفاء بمتطلبات المعيشة، مطالبة مؤسسات الدولة بدراسة هذه الظاهرة وتقديم حلول لعلاجها في أقرب وقت من خلال تقوية دور المؤسسات الدينية لحين تحسن الظروف الاقتصادية.
ويقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإسكندرية الدكتور كمال رفعت إن التغيرات التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة أثّرت بالسلب على الحياة الزوجية فلم يعد الزوج قادرًا على الوفاء بمتطلبات الحياة في ظل ارتفاع الأسعار وضعف الرواتب وغلاء المعيشة.