يحتفل مسيحو الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر والعالم غدا الخميس، بعيد الظهور الإلهي المعروف شعبيًا بعيد "الغطاس"، والذي تم فيه تعميد "السيد المسيح"، عيسى عليه السلام، بنهر الأردن على يد يوحنا المعمدان الذي كان يكبره بـ 6 أشهر.
وشأنه شأن أعياد المسلمين، إذ يشتهر عيد الغطاس بأكلات معينة من الطعام ذات دلالة روحية للمسيحيين، ومنها أكلة القلقاس، وكذلك القصب والبرتقال والكعك والحلوى، رغم أكلهم في هذه المناسبة بطريقة شعبية إلا أن المصريين المسيحيين جعلوا لتناول القلقاس والقصب رموزا روحية تخص هذا العيد.
وتذهب إحدى الروايات أن نبات القلقاس يزرع عن طريق دفنه كاملا في الأرض ثم يصير نباتا حيا صالحا للطعام، وتعتبر المعمودية هي دفن للإنسان تحت المياه وقيامه مع السيد المسيح، كما حدث له عند الاعتماد في نهر الأردن، أما القصب فله عدة رموز منها اللون الأبيض داخله والذي يرمز للنقاء الذي توفره المعمودية.
وتذهب رواية أخرى أن القصب عبارة عن عقلات وكل عقلة هي فضيلة يكتسبها الإنسان في كل مرحلة عمرية حتى يصل إلى العلو والسمو الروحي، والقصب قلبه أبيض وحلو الطعم، والإنسان المستقيم قلبه ينبع من الحلاوة وكل الفضائل، ويذكرنا القصب بضرورة العلو في القامة الروحية وإفراز الحلاوة من قلوب بيضاء نقية، تعتصر من أجل الآخرين فتعطي شبعًا.
كما يرمز القصب أيضآ للمعمودية، فهو كنبات ينمو في الأماكن الحارة، وربما يذكرنا ذلك بأن حرارة الروح يجعل الإنسان ينمو في القامة الروحية ويرتفع باستقامة كاستقامة هذا النبات.
والقلقاس يعتبره البعض رمز لمعمودية المسيحي، لأن في القلقاس مادة سامة ومضرة للحنجرة، وهي المادة الهلامية، إلا أن هذه المادة السامة إذا اختلطت بالماء تحولت إلى مادة نافعة، مغذية، والمسيحيين يرون حسب عقيدتهم، إنه من خلال "ماء المعمودية" يتطهرون من سموم الخطية كما يتطهر القلقاس من مادته السامة بواسطة ماء الطهي والقلقاس يدفن في الأرض ثم يصعد ليصير طعامًا، والمعمودية هي دفن أو موت وقيامة مع المسيح، ويقول بولس الرسول "مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضًا معه".
والقلقاس أيضآ كنبات لا يؤكل إلا بعد خلع القشرة الخارجية، فبدون تعريته يصير عديم الفائدة، فلابد أولًا من خلع القشرة الصلدة قبل أكله، والطفل المسيحي عند العماد يخلع ثياب الخطية حسب العقيده لكي يلبس بالمعمودية الثياب الجديدة الفاخرة، ثياب الطهارة والنقاوة، ليصير واحد من أبناء الله.
وتذهب رواية أن البرتقال فى عيد الغطاس له دلاله أنه يمتاز بغزارة السوائل الموجودة بداخله فيعتبر رمز لماء المعمودية وعصيره له مذاق سكرى يرمز لفرحة المعمودية ونوال مغفرة الخطايا.
وكان يصنع من قشرة البرتقال بعد تقشيرة فوانيس يوضع بها شمع إذ كان أجدادنا يحتفلون بقداس عيد الغطاس على أحد المجاري المائية، وكانوا يستعملون هذه الفوانيس للإنارة.
أما عن الدول الغربية فنجد كعكة عيد الغطاس أو كعكة الملك، وهي حلوى ملوك إسبانيا وأمريكا اللاتينية، رغم أن اسمها يشير إلى أنها دائرية، إلا أنه في الغالب ما تكون بيضاوية الشكل بسبب الحاجة إلى جعلها أكبر حجما في الحفلات الكبيرة.
ولكعكة الملك وصفات مختلفة باختلاف الأماكن والبلدان، فالبعض يضع عليها فواكة مثل التين أو الكرز، ويبدعون في تزينها بأشكال الحلويات المختلفة، يتم تناولها عادة في 6 يناير خلال الاحتفال بيوم الملوك، الذي يحي ذكري وصول الملوك المجوس الثلاثة ويعتبر هذا اليوم في معظم إسبانيا وأمريكا اللاتينية، وأحيانا المجتمعات الإسبانية بالولايات المتحدة هو اليوم الذي يأخد فيه الأطفال هداياهم، ويأخذونها من الملوك المجوس الثلاثة وليس سانتا كلوز أو بابا نويل.