في منطقة قريبة من مقر جامعة الدول العربية، وبالتحديد في محيط نقابة الصحفيين، وقف أهالي 15 مصريًا مختطفين في ليبيا، يريدون تنظيم تظاهرة يطالبون فيها بالتحرك من أجل أبنائهم المخطوفين خارج الجدود، أما داخل الجامعة العربية كان يقف وزير الخارجية المصري يتحدث عن الوضع في ليبيا، وعن الطروحات المقدمة من أجل إنهاء النزاع في الأراضي الليبية، دون أن يذكر في حديثه معاناة المختطفين من الجماعات المسلحة في ليبيا أو معاناة أهلهم –ربما لم تصله والوزراء الحاضرين أوجاع تلك العائلات.
أهالي المختطفين الـ 15 قرروا التحرك بمسيرتهم "الضئيلة" المثقلة بألم الغربة وهم تجميع مبالغ ضخمة "راحت علينا الفلوس وبرضه عيالنا مرجعتش"، بعدما أجلتهم قوات الأمن من امام نقابة الصحفيين، إلا ان ساعات قليلة فصلت هذين الحدثين عن ورود أنباء جديدة باختطاف مصريين في ليبيا.
وزارة الخارجية المصرية، أشادت في بيان لها اليوم، بعد الاجتماع العاشر لوزراء خارجية مجموعة دول جوار ليبيا، المنعقد في مصر، والذي خرج بـ 18 بندا لحل الأزمة الليبية، بالنجاحات التي تحققت في مواجهة الإرهاب في مختلف المناطق الليبية وخاصة في مدينتي بنغازي وسرت، وأن وزراء الخارجية المشاركين في الاجتماع أشاروا إلى أهمية ملاحقة العناصر الإرهابية التي تخرج من المدينتين حتى لا تعيد تمركزها في مناطق أخرى في ليبيا وفي دول الجوار.
رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، قال إنه لا يمكن وصفها بالتجاهل: "أول ما بيحصل حاجة زي دي بيكون أسبابها مختلفة، إما بسبب جماعات تتاجر أو أن يكون ابتزاز للدولة، إذا كانت سلطة معينة يتم التواصل بهاـ وبزعماء القبائل والعشائر، في ليبياـ وتتعالج بهدوء، بعيدًا عن الاعلام، حتى يتم الوصول لمعلومات محددة حول الخاطفين ومحاولة التخطيط لإنقاذهم.
وأضاف "رخا حسن" أنه فيما يتعلق بالمجموعة التي تم اختطافهم "مسافرين في دولة في حالة حرب" وبها جماعات مسلحة تتاجر في كل شيئ، البشر وأعضاؤهم وخطفهم،" واللي سافروا دول مهما كان تبريرهم هم يستحملوا حتى يتم حلها"، مؤكدًا أن التحركات الدبلوماسية والأمنية لابد ان تتم في الخفاء، حرصًا على حياة المصريين "وحصلت قبل كده أكثر من مرة".
أشرف عباس، مدير مركز العدالة لحقوق الانسان والمستشار القانوني للجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية، قال لإن العمال أصبحوا يقبلون الإهانة في الخارج لكنهم لا يفضلون الجوع داخل مصر، فالفقر هو الدافع للهروب والعمل تحت ظروف قاسية سببها "الفلوس" واللي من غيرها ميقدرش يعمل حاجة، مضيفًا أن العمالة غير المنتظمة لا يخضعون لمظلة التنظيم الصحي، لذلك فالسفر بالخارج يدر عليهم أموال بالمقارنة بالأوضاع في مصر، وهو مستمر من بداية الثمانينيات، وسببها الازمة الاقتصادية "فيه ألف مبرر للعامل أهون من أنه يفضل هنا".
وحول موقف الخارجية من المختطفين المصريين في ليبيا، قال "عباس" : "ليبيا مفيهاش دولة، الخارجية تكلم مين، خروجهم كان بطريق غير رسمي، بيسافروا بشكل غير شرعي، بيجازف بحياته"، مضيفًا أن الجهة التي تستطيع التعامل في هذه الحالة هي الجهات الأمنية سواء القوات المسلحة أو المخابرات.
وأكد "عباس" أن هؤلاء المختطفون لن يكونوا الأخيرين، فالأمر يفتح بعد كل أزمة وأفظعها كان قتل المصريين الأقباط في ليبيا، لكن ما حدث بعدها أنه لا أحد سيفتح ملف العمال في مصر، لان السبب الرئيسي في هروب الشباب إلى الخارج هي الدولة كلها بتعاملها مع العمال، فمن خطفوا أو قتلوا يوجد غيرهم و"غيرهم هيسافر" فلا يوجد عدد للبيانات المهاجرين أو المفقودين بهجرة غير شرعية، كما أنه لا يوجد دور لاتحاد العمال في مصر، ومنهم أعضاء في مجلس النواب، متسائلًا "المجلس كله ايه دوره".
و حمل مركز البيت العربي للبحوث والدراسات، السلطات المصرية مسؤولية مقتل العمال المصريين فى ليبيا، مشيرا إلى أن هناك أكثر من مليون ونصف المليون عامل هناك، لا تعرف عنهم السلطات شيئا، وقال المركز في تقرير أصدره تحت عنوان "أوضاع المصريين فى ليبيا.. الفقراء يدفعون الثمن": "إن عدد العائدين من ليبيا بعد اندلاع الثورة بلغ نحو 46379 ممن هم فى سن الثلاثين عاما أو أقل، و28885 عاملا ممن يزيدون على ثلاثين عاما". وتعتبر محافظات الصعيد من كبريات المحافظات المصدرة للعمالة إلى دولة ليبيا، غالبيتهم يعملون في مجال الحدادة وأعمال الخرسانة، منذ سنواتٍ ليست بالقليلة.وتشير التقديرات الأولية أن عدد المتواجدين في ليبيا، من أبناء الصعيد في محافظات ( المنيا، بني سويف، أسيوط ، سوهاج، قنا) يُقدروا بنحوٍ يزيد على 17 ألف مواطن.
وقال المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية أحمد أبو زيد، إنه لا بديل عن التمسك بالاتفاق السياسي الليبي الموقع في 17 ديسمبر 2015 في مدينة الصخيرات كإطار وحيد للخروج من الأزمة الراهنة التي تعاني منها ليبيا، وذلك وفقًا للمبادئ الرئيسية التي تم التوافق عليها في الاجتماعات الوزارية التي انعقدت في كل من القاهرة، وانجامينا، والخرطوم، والجزائر، وتونس، ونيامي.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أظهر ارتفاع عدد المصريين المهاجـرين والذين اكتسبوا صفة المهاجر خلال عام 2014 إلى 505 مهاجرين مقابـل 430 مهاجراً خلال عام 2013 بنسبة زيادة 17.4%.
كما أقر رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، اللواء أبوبكر الجندي، بأن الجهاز ليس لديه معلومات دقيقة عن عدد المصريين الموجودين في ليبيا حاليا لأن معظم المصريين هناك دخلوا بطرق غير شرعية، وبالتالي لا يمكن توثيق الأعداد، وفق قوله.
وتابع في تقدير غير مدعم بإحصائية من الجهاز، إن أعداد المصريين المتواجدين بليبيا خلال الفترة الحالية يتراوح بين 200 و250 ألف مصري، لا سيما بعد الأحداث السياسية الدامية التي طالت المصريين هناك، مقابل مليون شخص متوسط عدد المصريين بالأراضي الليبية قبل ثورة 25 يناير.