عشرات القرارات الاقتصادية التي "هدت" عزم المواطن المصري، من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية، دعوات كثيرة لرجال الأعمال بدعم الاقتصاد في أزمته للخروج من عنق الزجاجة، فالتعامل مع رجال الاعمال المصريين أصبح شيئًا مدعاة للتساؤل، خاصة بعد الحكم على رجل الأعمال احمد بهجت قمر بالتحفظ على املاكه في مصر لبيعها وسداد ديونه للبنوك.
وكانت محكمة النقض، قضت الخميس، بقبول طعن بنكي مصر والأهلي ضد رجل الأعمال أحمد بهجت وتأييد الحكم الصادر ضده ببيع معظم أصول شركاته وممتلكاته لصالح البنكين من أجل سداد ديونه والتي تبلغ 3 مليارات جنيه.
رجل الاعمال ليس أول من يشتبك مع النظام، فقبله رجل الأعمال نجيب ساويرس، وعدد من رجال الأعمال المحسوبين على النظام القديم، ومنهم حسين سالم وأحمد عز، الذين تم التصالح معهم.
الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي، قال إن مصر تشهد أزمة في التعامل مع رجال الأعمال، بشكل يؤثر حتمًا على الاقتصاد المصري، فالمستثمرين الاجانب يهمهم أن يلمسوا الأمان في السوق، أما بعد هذه القرارات فإنها بمثابة "تطفيش" للمستثمرين، إضافة إلى أن الدولة تركز كل اهتمامها على المستثمرين الأجانب دون مراعاة تنمية ومساعدة المستثمر المصري.
وأضاف النحاس، أنه فيما يتعلق بأزمة رجل الأعمال أحمد بهجت تحتاج لمزيد من الشفافية، خاصة وأن الشركات الكبرى يكون بها مساهمين يحتاجوا لمعرفة المزيد من التفاصيل حول حصصهم وأسهمهم في الشركة، وموقفها من القضية، وهل التحفظ على الممتلكات تكون لحصة مستثمر واحد وهو في هذه الحالة "بهجت" أو الكيان بأكمله، مؤكدًا أن هذا مهم من أجل الحفاظ على المستثمرين وعلى صورة السوق المصري.
"بهجت" كان قد رفض على مدى السنوات الماضية، سداد الديون المستحقة عليه للبنوك، خاصة للبنك الأهلي بالإضافة لمستحقات لبنوك أخرى منها مصر والإسكندرية ولذلك صدر حكم من التحكيم ببيع ممتلكاته لتسديد تلك الديون تم تأييده اليوم بحكم نهائي من محكمة النقض، وفي بيان صحفي، للبنك الأهلي، قال عماد الدين فصيح المستشار القانوني للبنك الأهلي، إنه بعد الحكم إن لجنة خبراء وزارة العدل ستنتقل يوم 10 فبراير لإتمام معاينة مدينة "دريم لاند" نفاذًا لحكم قاضى التسليم، مضيفًا أن بهجت "صدر ضده حكم نهائي آخر بإلزامه بسداد مبلغ 450 مليون جنيه لصالح البنكين.
وحذر عدد من الخبراء الاقتصاديين من القرارات وإدخال رجال الأعمال في دائرة القضاء، خاصة وأن ذلك يؤثر على أداء الشركات وعلى صورة الاقتصاد المصري، كما أنها تؤثر على تداولات سوق المال والبورصة، خاصة وإن كانت تلك الشركات تداول بالبورصة، فيتم التحفظ على محفظتها بالبورصة، ما يعرض رأس مالها لخسائر تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على المستثمرين والمساهمين وكذلك على الأرباح، وسعر الأسهم.
الخبير الاقتصادي وائل النحاس، قال إنه التعامل مع رجال الأعمال، وفقًا للسياسة، أمر خطير جدًا وهو ما يجعل المستثمرين الأجانب يفكرون كثيرًا قبل التعامل مع أي مستثمر مصري "بعد كام سنة يطلعله ملف ولا اتنين والشركة تخسر"، أما الأخطر من ذلك هو عدم اتضاح الرؤية حول معايير التصالح مع رجال الأعمال وهو ما ظهر في التعامل مع رجال النظام السابق، وهؤلاء عادوا مرة أخرى.
أستاذ الاقتصاد بأكاديمية أوكلاند الأمريكية مصطفى شاهين، قال إن السياسة الحالية والتصالح "تشجع على نهب الأموال، ثم التصالح، وللأسف حاجة النظام الآن لأي مصدر أموال تدفعه للقبول بأي أمر".
وتابع قائلا:"أراض كثيرة من التي نهبت تباع الآن بالمزاد العلني، وهذا يحدث إرباكا شديدا للاقتصاد الذي أصبح ريعيا قائما على العقارات والمضاربات"، وأن مبدأ التصالح قد يمكن قبوله إذا كان هناك حصر واضح بالأموال المهربة، ومن ثم يكون التصالح على ردها بما يحقق المصلحة المرجوة ولا يشجع على استمرار الفساد.