لعدة أسباب، لا يزال العديد من المصريين يتحفظون على ذكر اسم الأم وأحيانا الأخت، أثناء السؤال عن ذلك أو حتى الحديث عنها، فدوما ما يذكرونها بـ ”الوالدة” أو “الحاجة” أو تنسب لاسم أحد أبنائها الذكور، وغالبا ما يكون الابن الأكبر، ولأسباب أخرى خارجة عن المنطق تم سلب الأمهات حقهن الطبيعي في التسمية علنا.
في بعض بطاقات الدعوة لحفلات الزفاف لا يُذكر اسم العروس ويتم الاكتفاء بذكر كلمة (كريمته)، لدى البعض يطلقون على الزوجة اسم (الأهل) (العائلة) (العيال)، حتى في بعض حالات العزاء يذكرون أنّ التي توفيّت هي أم فلان بنت فلان دون التطرّق لاسمها الخاص، وربما حدثت مشاجرات بسبب اسم أم أحدهم، لعدة أسباب لا يزال المصريون ونحن على أعتاب عام 2017 يتحفظون على ذكر أسماء أمهاتهم.
هيئة الأمم المتحدة أطلقت عام 2015 في المنطقة العربية حملة تقديرا للأمهات بمناسبة عيد الأم، ودعت الشباب والفتيات لمشاركة اسم الأم وأطلقت هاشتاج #MyMotherNameIs” " وضمت المئات من مشاركات الشباب لأسماء أمهاتهم مع صور شخصية إما فردية أو تجمعهم مع أمهاتهم، كذلك كسبت الحملة دعم عدد من الشخصيات العامة مثل عضو فرقة “كايروكي” أمير عيد الذي سجل لنفسه فيديو خاص وهو ينطلق اسم والدته “سها”.
أسباب رفض ذكر اسم الأمويتحفظ أغلب المصريين على ذكر اسم الأم، وبين الحين والآخر يمكن ذكره فقط أمام الأصدقاء والمقربين، كما يختلف ذكر الأمر بين عدة مناطق في مصر، فأبناء القاهرة يختلفون في تحررهم وتقبلهم للأمر عن أبناء الدلتا وغيرها من محافظات الوجه البحري، وكذلك الوجه القبلي التي لا تزال تعتبره اسم الأم عيبا.
المجتمعات الريفية والصعيدية الجنوبية المُحافظة لا تزال تتحفظ على ذكر الأم خوفا من تعرضها للسخرية في الحديث بين الأصدقاء أو ربما اتخذها أحدهم مسبة.
أسباب أخرى تجعل المصريون يرفضون ذكر أسماء أمهاتهم خوفا من أن يعمل أحدهم سحرا أو "عملا" سفليا مستخدما اسم أم الشخص الذي يريد إيذاءه.
وبعض الأزواج يرفضون ذكر اسم زوجاتهم أو أمهاتهم أو بناتهم، كنوع من الغيرة غير المبررة بزعم حفظها وصون خصوصيتها أمام الغرباء.
أغرب أسماء الأمهات ومعناهاتراثنا المصري حافل بعدد من الأسماء الغريبة للنساء اللاتي يصبحن فيما بعد أمهات، مثل "نحمده" ومعناه نحمد الله، كذلك "بخاطرها" ويعود الاسم لقصة شعبية يتم تداولها عن أم مكلومة كان لها مظلمة فأنصفها القاضي فاشتهرت بين الناس بمن "جُبر بخاطرها"، وتم اختصاره إلى "بخاطرها" ونجد أيضا "عدلات" من العدل و"فتكات" أي الناصحة و"ستوتة" أي المدللة و"ست أبوها" أي حبيبة والدها و"لواحظ".
ومن أغرب الأسماء هو أن يكون للأم اسمين أحدهما للأوراق الرسمية فقط، والآخر معروفة به بين الأصدقاء والمقربين إما لأنها تخجل من اسمها الحقيقي أو لوجود خلافات قديمة داخل العائلة على تسميتها فتمت ترضية الجميع وهي عادة معروفة لدى مجموعات من المصريين ونرى كذلك أسماء مركبة مثل "أم الشحات" و"أم الخير" و"أم الهنا" و"ست هانم"، و"ست الدار" و"ست الحسن".
خبير: عدم ذكر اسم الأم عادة ورثناها من العثمانيينمن جانبه يرى الخبير التنموي والمحامي محمود عبدالفتاح، أن هناك فجوة ثقافية كبيرة حدثت للمصريين نتيجة عدد ضخم جدا من المحتلين عبر العصور تخطى عددهم 40 محتلا وتحديدا منذ عام 1516 مع احتلال العثمانيين لمصر ومحاولتهم تفريغ الثقافة المصرية وقمع المثقفين على مدار 4 قرون، هي وقت الثورة الصناعية والثقافية في أوروبا مما أدى إلى حدوث فجوات تحملتها بشكل أساسي النساء من ثقافات لا يوجد لديها وعي بالتطور.
وأضاف في تصريح خاص أن أي وضع اضمحلال أو تردٍ يقع المجتمع كله ضحية له، لكن بشكل أساسي تدفع النساء الفاتورة مضاعفة على المستوى الاجتماعي والثقافي والتعليمي والصحي، لافتا إلى أن عدم ذكر اسم الأم هو نتيجة للإقصاء الكامل للنساء بتطور أشكاله، حتى أصبح هناك من يرى أن اسم الأم "عيب" ليصبح أثر ونتيجة طبيعية لمجمل سياسات التهميش والإقصاء التي حدثت للنساء طوال 5 قرون كاملة، وكذلك حينما خرج 10 ملايين مصري في سبعينات القرن الماضي إلى الخليج ليعودوا محملين بآرائهم، وهي دول ليس بها تعددية ثقافية كما كانت مصر، ولأن المصريات معروفات بالجدعنة فانكفؤا على أسرهم وغُرزوا في أدوارهم الإنجابية بشكل أساسي خاصة مع تهميش تمكينهم السياسي من الدولة منذ منتصف السبعينات تحديدا حتى منتصف الثمانينات.
رأي الدين: اسم الأم ليس عيبا أو حراماوللدين رأى آخر بخلاف رأي أغلب المصريين، فيرى الدكتور أيمن السكندري، أستاذ الفقه وأصول الشريعة، قال إن هناك ممارسات ضارة ضد المرأة؛ الناس أصبحت تستنكر وتُحرج من ذكر اسم الأم وهو خطأ؛ لأن النبي كان ينادي زوجاته بأسمائهن والصحابة معروفة أسماء أمهاتهن وكان يتحدث عن فاطمة أنها ريحانته والعرب كانوا يذكرون أسماء زوجاتهن وأبنائهم.
وأضاف أن اسم الأم هو تكريم لها وليس حراما أو عيبا وانتماءً لها؛ لأنها حملت وأرضعت ولا حرج؛ لكن ما يحدث هو بسبب العادات، ظنا منهم أن هذا فيه ستر للمرأة؛ لكن السيدة مريم ذكرت باسمها في القرآن وهناك صورة باسمها كما أن أمهات المؤمنين مذكورة أسمائهن في القرآن.