لم يعد ريجيني مجرد اسم في جواز سفر أجنبي، تحول الشاب الثلاثيني إلى حالة في الشارع المصري، تحاوطه التساؤلات والشكوك، وتلف قصة وفاته الكثير من الخبايا غير الواضحة، وصلت إلى حد اتهام أطراف وتبرئتهم، لتبدا أصابع الاتهام نحو شكوك أخرى وأشخاص يدخلون حلبة الجدل، آخرهم نقيب الباعة الجائلين.
النقيب محمد عبد الله الذي ظهر في مقطع فيديو مسجل - تم تسريبه وأذاعه التليفزيون المصري- دون أن يتم ذكر اسمه، ظهر صوته في فيديو يظهر ريجيني في حوار مع أحد الأشخاص تختلف لهجتهما حيث يتكلم ريجيني بعربية فصحى "غير سليمة" فيما يرد محدثه بعامية مصرية، مطالبًا إياه بأموال لإجراء عملية جراحية لزوجته، فيما رفض جوليو منحه المال.
جوليو ريجيني نفى في الفيديو إمكانية إعطاء الطرف الآخر أي نقود، وأن النقود التي معه ملك المؤسسة البريطانية (لم يسمها) التي يعمل معها، ولا تخصه شخصيًا، وتحدث ريجيني إلى الشخص، الذي يبدو من سياق التسجيل أنه بائع، عن إمكانية طرح الأخير أفكارًا (لم يحددها) يمكن دعمها من نقابة الباعة الجائلين في القاهرة (غير حكومية).
الفيديو المسرب، الذي تزامن وقت بثه مع زيارة وفد من المحققين الأجانب لبحث وتفريغ كاميرات مراقبة مترو الأنفاق في محاولة لمعرفة تفاصيل مقتل جوليون، قال عنه التليفزيون المصري إنه حصل عليه من مكتب النائب العام، وعليه تمت إذاعته، فيما تناول الجانب الإيطالي الفيديو في إطار مختلف، حيث قالت النيابة العامة في العاصمة الإيطالية روما، إن محققين إيطاليين يعتقدون أن الشرطة المصرية ضالعة في التسجيل المصور للباحث الإيطالي.
السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، قال إن التسريب الذي طهر فيه ريجيني لا يمثل أي دلالات في القضية، فهو لا يحمل معلومات موثقة تتعلق بمقتل الباحث الإيطالي، فاللقاء الذي تم بين جوليو وممثل الباعة الجائلين - بحسب الفيديو - لا يظهر ماذا فعلا بعد اللقاء، وكيف انتهى اللقاء، وأين ذهب جوليو وكيف قتل.
وأضاف هريدي، أن تسريب فيديو كهذا بعد موافقة مصر على استضافة خبراء ألمان وإيطاليين لتفريغ كاميرات المراقبة - بعد رفضها- هو دليل توجه مصر للتعاون مع الجانب الإيطالي للوصول إلى معلومات عن مقتل الباحث الاجنبي، كما أن هذا الفيديو مجرد تسريب وليس إعلان رسمي، وهنا لابد من معرفة من يقف وراء التسريب وهدفه من ذلك.
في تصريح صحفي، قال محمد عبد الله رئيس النقابة المستقلة للباعة الجائلين، إن كواليس لقائه بالباحث الايطالي جوليو ريجيني، كانت منذ أن تلقى "عبد الله" اتصالًا من "هبة كامل" لدى مكتب المحامي "خالد علي"، دعته فيه لمساعدة "ريجيني" في بحث يجريه عن الحركات العمالية في مصر، كما أن التسجيل أظهر عمل الباحث مع طريق المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وأشار إلى أنه التقى ريجيني 6 مرات، اصطحبه خلالها لمقابلة عدد من الباعة الجائلين، لافتًا إلى أن أسئلته في البداية حول حياة الباعة الجائلين، ثم تطرقت حول علاقة الشرطة بهم، منوهًا بأنه كان "شاب مثير للشبهات"، فهو كان غريب بالنسبة لجميع الباعة، وكثيرًا منهم قاموا بتحذيره من التعامل معه، بسبب أسئلته الغريبة، ومواقفه الأغرب.
المحامي عصام الاسلامبولي، قال إن قضية ريجيني شهدت روايات كثيرة ومختلفة، وهناك تساؤلات حول مدى تقة هذه التسريبات، ومن وراءها، وإلى ماذا تهدف إذاعتها، مضيفًا أن ذكر اسم المركز التابع للمحامي خالد علي قد يكون له خلفيات حول موقف "علي" من القضية التي أثارت الرأي العام حول تيران وصنافير، فقد يكون هذا هو الهدف من الفيديو.
وعن عمل الباحثين في مصر وإمكانية تورط ريجيني في قضية جمع معلومات أو تخابر، قال "الاسلامبولي" في تصريحات خاصة، أن الدراسات والابحاث أصبحت سائدة في مصر "البلد بقت مفتوحة.. وفي كل حتة فيه باحثين من كل الدول عمولا استطلاعات رأي "، حتى أن قناة الجزيرة مازالت تبث مواد مصورة في مصر، فقيام ريجيني ببحث معين لا يعد دليل إدانة له، لأن إجراء الأبحاث أصبح عاديًا في مصر، وهناك بعض المراكز التي تعمل في هذا المجال بشكل خاص.
النيابة العامة في روما، التي تحقق في واقعة ريجيني قالت كذلك، إن "المحققين الإيطاليين يعتقدون أن هذا التسجيل لريجيني ونقيب الباعة الجائلين، محمد عبد الله، تم تصويره باستخدام معدات متوفرة لدى الشرطة المصرية؛ ما يدل على وجود اتفاق بين الشرطة والبائع المتجول"، وفق التلفزيون الرسمي الإيطالي.
وأضافت النيابة، أنه وفقا لنتائج عمل المحققين الإيطاليين، فإن نقيب الباعة الجائلين، الذي ظهر صوته في التسجيل، "أبلغ الشرطة المصرية عن ريجيني قبل 6 يناير الماضي (تاريخ التسجيل) وليس يوم 7 من ذلك الشهر كما أبلغت النيابة العامة المصرية محققي النيابة العامة الإيطالية في وقت سابق": "الاعتقاد الأرجح هو أن الشرطة المصرية طلبت من نقيب الباعة الجائلين إنجاز هذا التسجيل المصور مع ريجيني بعدما كان قد أبلغ عنه "الباحث الإيطالي"، فيما وتتهم وسائل إعلام إيطالية أجهزة الأمن المصري بالتورط في قتل ريجيني، وهو ما تنفي القاهرة صحته.