لم يكن الامر سهلًا فالشعب في الشارع، ورأس السلطة في القصر، وبين الطرفين أرواحًا في مهب الريح، وخلاف وصل أقصاه، ومخاطر من انفلات الأمن، إلا أن الجيش المصري قرر أن يأخذ موقفًا يذكره له التاريخ.
فمع اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، حين بدأت جحافل الشعب في النزول للشوارع، وازداد عدد المشاركين في المظاهرات، وارتفاع سقف طلبات المصريين، مع استمرار تمسك نظام مبارك بالحكم، ورفضه للتعديلات التي طرحها النظام، حتى وصلت المطالبات إلى تنحي الرئيس، أدرك حينها الجيش أنه لا يمكن أن يظل خارج المشهد، وعليه ان يكون في صف الشعب، وهكذا كان.
حماية الثورة، بدأت من قناعة القوات المسلحة بحماية الشعب، فمع بداية الانفلات الأمني، قررت القوات المسلحة، تحمل مسؤولية تأمين محطات توليد الكهرباء ومحطات المحولات على مستوي الجمهورية، حماية من البلطجة، تحسبًا لوقوع أية أضرار بها خلال هذه الفترة ولتعمل بكامل طاقتها لاستقرار إمداد الكهرباء لجميع المواطنين بجودة عالية.
ومع استمرار المظاهرات، أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اللواء إسماعيل عتمان أن القوات المسلحة لن تستخدم القوة ضد المحتجين، وأن حرية التعبير مكفولة لكل المواطنين الذين يستخدمون الوسائل السلمية.
واستمرارًا لحماية المتظاهرين، أعلنت القوات المسلحة إلقاء القبض على بعض الأفراد الذين كانوا يرتدون الزي العسكري ويندسون بين المدنيين، لإشاعة الفتنة وبث الشائعات، وضبطت معهم بعض الأسلحة النارية.
وفي البوادر الأولى لنجاح الثورة، قررت القوات المسلحة، استمرار دعمها للثورة، لتكون أحد أبرز الأسباب التي ساهمت في نجاحها، تم وضع اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية السابق و٣ من القيادات الأمنية تحت الحراسة الجبرية في منازلهم، بمحافظة ٦ أكتوبر، كما ترددت أنباء عن اعتقال عدد آخر من القيادات ووضعهم في السجن الحربي؛ بسبب الأحداث التي شهدتها البلاد من انفلات أمنى وسحب رجال الشرطة من جميع المواقع، إضافة إلى تحقيقات أخرى حول أحداث ميدان التحرير في موقعة الجمل وبعدها.
ولكي لا تنفلت زمام الأمور، وتظل مصر صامدة ولا تهزمها ثورة الشعب ومظاهراته، قررت القوات المسلحة، اتخاذ تدابير أمنية مشددة علي المعابر علي طول المجري الملاحي لقناة السويس، وذلك بعد ورود معلومات عن تسلل أعداد كبيرة من عناصر حزب الله وحركة حماس إلي داخل الأراضي المصرية بهدف إحداث أعمال تخريبية.
وفي أول خطوة بعد تصعيد المظاهرات، عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتماعًا برئاسة المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي لبحث الإجراءات والتدابير اللازمة للحفاظ على الوطن ومكتسبات وطموحات شعب مصر العظيم، وأصدر المجلس بيانه الأول.
وفي 11 فبراير 2011، أعلن عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية تنحى الرئيس محمد حسنى مبارك عن السلطة، جاء ذلك خلال بيان اذاعه سليمان بنفسه من مقر رئاسة الجمهورية، وبعد جمعة الزحف، أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة البيان الثاني له وأعلن فيه، إنهاء حالة الطوارىء فور انتهاء الظروف الحالية، والفصل في الطعون الانتخابية وما يلى بشأنها من اجراءات، وإجراء التعديلات التشريعية اللازمة وإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في ضوء ما تقرر من تعديلات دستورية.
وأضاف البيان، أن القوات المسلحة تلتزم برعاية مطالب الشعب المشروعة والسعي لتحقيقها من خلال متابعة تنفيذ هذه الإجراءات في التوقيتات المحددة بكل دقة وحزم حتى يتم الانتقال السلمى للسلطة وصولا للمجتمع الديمقراطي الحر الذي يتطلع إليه أبناء الشعب.
و قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يتولى المجلس إدارة شئون البلاد لمدة ستة أشهر أو انتهاء انتخابات مجلسى الشعب والشورى والرئاسة، والالتزام بالمعاهدات الدولية وأن تظل حكومة الفريق أحمد شفيق والمحافظون في مراكزهم ، وحذر المجلس الأعلى للقوات المسلحة من خطورة تزايد الوقفات الاحتجاجية الفئوية على الاقتصاد القومى، مؤكداً أنها تؤدى إلى آثار سلبية من شأنها إرباك مؤسسات الدولة ومرافقها.
وأكدت القوات المسلحة على عدم الملاحقة الأمنية للشرفاء الذين رفضوا الفساد وطالبوا بالإصلاح، وتحذر من المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنيين، كما تؤكد على ضرورة اتنظام العمل بمرافق الدولة وعودة الحياة الطبيعية حفاظا على مصالح وممتلكات الشعب.وفي قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة حل مجلسي الشعب والشورى وتعطيل العمل بأحكام الدستور جاء ذلك في البيان رقم الخامس للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
كما قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يتولى المجلس إدارة شئون البلاد لمدة ستة أشهر أو انتهاء انتخابات مجلسي الشعب والشورى والرئاسة، والالتزام بالمعاهدات الدولية وأن تظل حكومة الفريق أحمد شفيق والمحافظون في مراكزهم.وحذر المجلس الأعلى للقوات المسلحة من خطورة تزايد الوقفات الاحتجاجية الفئوية على الاقتصاد القومى، مؤكداً أنها تؤدى إلى آثار سلبية من شأنها إرباك مؤسسات الدولة ومرافقها.
أعرب المجلس الأعلى للقوات المسلحة مجددا عن الأمل في إنهاء مهمته، وتسليم الدولة خلال الستة أشهر إلى سلطة مدنية ورئيس منتخب بصورة سليمة وحرة تعبر عن توجهات الشعب، وهو ما حدث حتى تم إجراء انتخابات رئاسية فاز على إثرها الرئيس السابق محمد مرسي بالحكم.