تسببت إجراءات الحكومة الاقتصادية الأخيرة، وتعويم الجنيه في ارتفاع أسعار مواد البناء وكذلك أسعار المحروقات، إلى جانب ارتفاع تكلفة الأيدي العاملة، وهو ما أدى لتضرر "عقود المقاولات والموردين والخدمات العامة"، مطالبين الدولة بصرف تعويضات لشركات المقاولات العاملة في قطاع التشييد والبناء، قبل أن تعلن الشركات إفلاسها وتسرح الأيدي العاملة، خاصة أنها ملتزمة بتنفيذ العقد المبرم مع الحكومة بشروطه، وإلا ستتعرض للمسائلة الجنائية.
إلا أن القانون المعمول به حاليا وهو القانون رقم 89 لسنة 1998 الخاص بتنظيم المناقصات والمزايدات، لا يعطي الحق للمقاول لصرف تعويضات من الحكومة في حال حدوث خلل في التوازن الإقتصادي للعقد المبرم بين المقاول والحكومة أو أيا من الشركات الحكومية ذات الشخصية الإعتبارية العامة او الخاصة، ومن ثم ظهرت الحاجة لوجود تشريع قانوني يسد الفراغ التشريعي في هذا المجال ويحقق التوازن الإقتصادي في العقود المبرمة بين الحكومة وشركات المقاولات، وهو قانون "تعويضات عقود المقاولات والموردين والخدمات العامة".القانون أثار جدلا واسعا في البرلمان حول آلية تنفيذه، والفترة التي سيطبق عليها، فهل من بعد عام 2000 عندما بدأت الدولة خطة الإصلاح الإقتصادي، أم في الفترة الأخيرة خلال العامين الماضيين اللذين شهدا ارتفاعا في سعر الدولار؟، إلى جانب مدى قدرة الاقتصاد حاليا من صرف تعويضات تقدر بالمليارات لشركات المقاولات.
"أهل مصر" يرصد أهم ملامح القانون وما جري من نقاش حوله في البرلمان وموقف النواب المؤيدون والرافضون للقانون وشركات المقاولات والحكومة ممثلة في وزير الدولة للشئون القانونية ووزارة الإسكان.
بداية.. وافق مجلس النواب، على القانون من حيث المبدأ لكنه أعاده الي الحكومة مرة أخرى، متمثلة في وزارة الإسكان لإعادة صياغته مع مجلس الدولة، بسبب كون صياغته معيبة ولا تحدد المدة التي يطبق عليها القانون، كما اعترض الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب والدكتور مصطفى مدبولي، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والدكتور مجدي العجاتي، وزير الدولة للشئون القانونية، على صياغة القانون.وطالب مدبولى بضبط الصياغة وتحديد المدة لأن الصياغة الحالية تفتح الباب لشركات توقفت لأسباب لا دخل للوضع الاقتصادي فيها بصرف تعويضات دون حق، مضيفا أن التعويضات يجب حصرها في المدة التي شهدت ارتفاعا كبيرا في الأسعار.
وأكد مجدي العجاتي، على أهمية ضبط الصياغة لأن ذلك يفتح الباب لشركات تقاضي الدولة وتحصل علي تعويضات دون حق.
كما وجه علي عبد العال، رئيس البرلمان انتقادا لصياغة المادة الأولى من مشروع القانون والتي تنص على تطبيق القانون على العقود القائمة اعتبارًا من 14 مارس 2016.وقال عبد العال: "النص معيب، والصياغة غير واضحة ومضطربة، لأنها في فهمي للقانون تعني أن القانون سيطبق على العقود التي تم إبرامها من 14 مارس وتعثرت".وطالب عبد العال، الحكومة بسحب القانون وإعادة صياغته مع مجلس الدولة، أو يتم إعادته إلى اللجنة لإعادة دراسته، لأن الصياغة لا تحقق الغرض الذي تسعى إليه الحكومة، مشيرًا إلى أن القانون سيطبق لفترة محددة والهدف منه تقنين الوضع وليس الأمر مطلق، وأن القانون له ظهير دستوري حيث نص القانون المدني عليه صراحة في حالة اختلال التوازن في العقود المبرمة مع الدولة، موضحًا أن القانون سيحقق مبدأ المساواة ولن يكون فيه تميزا لأحد.
المهندس علاء والي، رئيس لجنة الإسكان والمرافق بالبرلمان، قال إن أسعار مواد البناء تضاعفت بنسبة 100% بعد قرارات تعويم الجنيه وارتفاع الدولار، ما تسبب في خسارة كبيرة علي شركات المقاولات، وهو ما يهدد قطاع التشييد والبناء والذي يعمل فيه الآلاف من العاملين، فلابد من وجود تشريع قانوني يعيد التوازن المالي إلى العقود المبرمة بين الشركات والحكومة والتي تتعرض للمسائلة الجنائية بسبب عدم القدرة علي الوفاء بالتزامتها.
وقال النائب البرلماني محمد السويدي، إنه يجب ألا تتحمل الدولة المشكلة وحدها وعلى شركات المقاولات أن تتقاسم الخسائر مع الحكومة، مضيفا أن الاقتصاد يمر بمرحلة صعبة للغاية، وأنه من الممكن تعويض الشركات الصغيرة والمتوسطة حتي تستطيع الاستمرار، ويتم جدولة بقية الشركات الكبيرة.وأضاف السويدي، أن هناك بعض الشركات توقفت لأسباب خاصة بأصحابها ولا دخل للدولة فيها.
فيما اعترض عدد من النواب علي مشروع القانون لأن اقتصاد الدولة لا يتحمل صرف تعويضات بالمليارات، وطالبوا الدولة بدعم الدواء بدلا من شركات المقاولات خاصة وأن مكاسبهم كبيرة رغم تعويم الجنيه، علي حد وصفهم أثناء مناقشة القانون.
على الجانب الآخر، طالب اتحاد مقاولي التشييد والبناء في بيان له بإقرار القانون لتخفيف العبء علي شركات المقاولات التي تكبدت خسائر جراء تحرير سعر الصرف.