صمت الأزهر عن أزمة "مولانا" .. هل يتعلق الأمر بصراع "الشيخ والأوقاف"؟

أزهريون وأعضاء في هيئة كبار العلماء، وأزمة مثيرة للجدل حول فيلم الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، مؤسسة يعلن رموزها استياءهم من فيلم مولانا، إلا أنه على المستوى الرسمي للأزهر الشريف فإنه لم يعلن موقفًا محددًا من الفيلم وإساءته للأزهر سواء بالإيجاب أو السلب أو حتى منطقة الحياد.

فيلم "مولانا" الذي حقق إيرادات عالية عند طرحه في دور السينما، والمأخوذ عن رواية بالاسم ذاته لإبراهيم عيسى، تعرض للعلاقة المعقدة والشائكة بين الدولة والمؤسسة الدينية ووسائل الإعلام والتشدد الإسلامي في مصر.الفيلم أثار حفيظة كثير من الأزهريين الذين طالبوا بوقف عرضه، معللين ذلك بأنه يشوه صورة المؤسسة الإسلامية في الوقت الذي تكثف جهودها لكبح جماح التطرف الديني.

الأزهري سامح محمد، قال إنه لا وقت لدينا لإثارة مثل هذه القضايا، أو ندعو لتفرقة واحتقار الأئمة، مضيفًا: "اللي شاف الفيلم ودخل يصلي في المسجد هيبص للإمام ازاي ويسمع كلام منه ازاي؟".

وقال إبراهيم عيسى مؤلف الرواية المأخوذ عنها الفيلم، والذي ساعد في كتابة السيناريو لرويترز "الدين والسلطة والمال، المثلث ده موجود في مصر والوطن العربي بشكل مروع، وأنا رأيي أن هو المسؤول عن كل الانحطاط الفكري والسياسي، وأستطيع أن أقول وبالضرورة والاجتماعي الذي نعيشه."

وعلى الجانب الآخر، كان للشيخ خالد الجندي، وهو أحد علماء الأزهر الشريف، تعليقًا إيجابيًا على الفيلم، قال فيه: هذا ما كنت أبحث عنه وأنادى به وهو تأكيد احترام الدراما للعالم الأزهري، والحفاظ على هيبة الزي الأزهري داخل الأعمال الفنيّة مع وقار المضمون، فكم كانت شخصية الشيخ رائعةٌ بحق، لقد رأيت شيخاً متمكّناً خفيف الظل سريع البديهة ظريف الألفاظ.واعتبر "الجندي" نفسه من أقرب المعاصرين لما قدمه الفيلم من أحداث حقيقية: "الفيلم وضع يد المجتمع على حقيقة ما يسمى بأزمة الخطاب الديني، وأنه لا أمل فى تجديد الخطاب الدينى دون تجديد عقل المتدين نفسه" مضيفًا أن بعض من يتحملون مسئولية هذا الملف من الدعاة، وإن كنت أختلف معه فى بعض المسائل التى أشار إليها فى ثنايا طرحه لها، والتى أؤكّد عدم وضوحها عنده كقضية تدوين السنة والتشيع وفرقة المعتزلة.

الأزهر الشريف كمؤسسة غاب عن المشهد، فلم يعترض الازهر على الفيلم، فيما لم يصرح شيخ الازهر، بأي رد فعل عن الفليم، رغم أن أزهريين كثيرين اعترضوا على "مولانا"- وعلى جانب آخر بت الأزهر في مسألة أحدث من حيث توقيت العرض من أزمة فيلم مولانا، وهي "الطلاق الشفهي"، وهذا الموقف من الأزهر يطرح تساؤلاً حول سبب صمت الازهر عن الازمة، وصورة المؤسسة في الفيلم وعلاقتها بالأجهزة السيادية والأمنية في الدولة.

الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، قال إن فيلم "مولانا" عرض صورة الأئمة بصورة مبتذلة، ويعد نوعًا من الهجوم على ممارسة رسالة الدعوة إلى الله والتجديد، مضيفًا أن النقد البناء جائز ومطلوب حتى ولو كان عن طريق الأعمال الفنية، ولكن لا يجب أن ينطوي النقد على تسفيه أي مؤسسة، أو إظهارها أنها غير قادرة على القيام بعملها.وأشار عضو مجمع البحوث الإسلامية، إلى أن هناك من الأدب يسمى أدب الاختلاف، بمعنى أنه من الممكن لأي شخص أن يختلف مع آخر ولكن في حدود الأدب، معربًا في أمله ألا يكون فيلم "مولانا" ضمن الحملة الممنهجة لتحجيم دور الأزهر الشريف في تجديد الخطاب الديني.

الشيخ محمد زكي، الأمين العام للجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف، قال إن تشويه الأئمة بهذه الصورة يتعارض مع فكرة تجديد الخطاب الديني التي نادى بها الرئيس عبدالفتاح السيسي، موضحًا أن الأئمة هم من يتحملون الجزء الأكبر في قضية تجديد الخطاب الديني، لأنهم من يصعدون المنابر، ويلقون الدروس الدينية بالمساجد، ومن ثم فإن تناول صورتهم بهذه الطريقة المشوهة، تجعل صورتهم غير مستقرة في أذهان الناس.وأكد الأمين العام للجنة العليا للدعوة، أن تجديد الخطاب الديني ليست مسئولية الأزهر وحده، وإنما يجب أن تشارك فيه كل المؤسسات، حتى يتم إنجازه على الوجه الأكمل.

باعتبارها جزء من المشهد، كانت الأوقاف محددة الموقف من أزمة فيلم مولانا، حيث قال منصور مندور كبير الأئمة بوزارة الأوقاف، إن يسيئ للأئمة ولا يليق ببلد الأزهر، موضحًا أن بطل الفيلم يمثل أفلام ساقطة، ولا يصح أن يقوم بتجسيد دور إمام مسجد، متابعا "كان يجب عرض الفيلم على المؤسسة المختصة ومراجعته قبل نشره".

ويرى محللون للمشهد، أن الأزمة – مثلها كباقي الأزمات التي تخص الأزهر- لها 3 أضلاع رئيسية، ومنها ما يتعلق بتجديد الخطاب الديني – المطلب الدائم للرئيس السيسي – والتي وهو الدولة والأزهر والأوقاف، وأنه فيما يتعلق بفيلم مولانا وأزمة تجديد الخطاب الديني، قد يكون امتدادًا للخلاف بين المؤسستين، والذي ظهر في اعتراض الازهر على خطة توحيد الخطبة الذي أعدته وزارة الأوقاف للرئاسة، وهذا ربما يفسر موقف الأزهر من الفيلم بأنه "لم يدنه".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً