أردوغان يحكم تركيا بـ"جرة قلم".. والنظام الرئاسي يدمر السلطة التشريعية

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
كتب : سها صلاح

البرلمان التركي في أنقرة يوجه لنفسه ضربة قاضية بموافقته على تعزيز صلاحيات النظام الرئاسي، ليحصل الرئيس بذلك على سلطة مطلقة، وبامتلاك إردوغان نصف أصوات الشعب يمكِّنه القضاء على كامل إرادة الشعب.

أردوغان وحزبه حزب العدالة والتنمية، الذي ينفرد بحكم تركيا منذ 14 عامًا، يعتقدان أنَّ النظام السياسي في تركيا وصل إلى طريق مسدود، والمخرج الوحيد من هو إدخال نظام الحكم الرئاسي.

محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا قبل أربعة أشهر أعادت ملف تغيير الدستور التركي واعتماد النظام الرئاسي، في ظل الدعم الشعبي للحكومة، ومع اكتساب أردوغان شعبية بعد الانقلاب فعلي ما يبدو انه اعتقد انه قد حان الوقت لتحويل السلطات المطلقة التي تمنحه إياها حالة الطوارئ إلي أمر مسلم به.

ومع النظام الرئاسي الذي يمهد له أردوغان يكون قد تمكن من دثر كل ما فعله مصطفى كمال أتاتورك ورفاقه في زمانهم بعد أن أسسوا برلمان في بلد كان تحت الاحتلال، حيث انتزعوا السلطة من القصر في إسطنبول وسلموها للشعب.

ومع حزمة المقترحات المعروضة حاليًا على البرلمان من أجل تعديل الدستور سيتم انتزاع السلطة من الشعب ومنحها للقصر في أنقرة.

والنظام الرئاسي الذي تتم مناقشته حاليًا بتركيا، يوحد جميع السلطات في يد شخص واحد، مما يجعل النظام غير ديمقراطي حتي وإن استفتاه الشعب.

وإذا تم تمرير حزمة التعديلات الدستورية هذه في البرلمان وحصلت في الاستفتاء على أكثر من 50%، فعندئذ يصبح إردوغان الحاكم الوحيد المُسيطر على السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية.

1-النظام الرئاسي

إذا تمت الموافقة علي هذا النظام يستطيع الرئيس التركي أن يشغل تقريبًا جميع المناصب العليا في القضاء، ويستطيع أن يختار الوزراء، ويستطيع أيضًا تشكيل الوزارات وحلِّها، وأن يكون رئيس حزب، ويُحدِّد قائمة أعضاء حزبه في البرلمان، ويستطيع بالإضافة إلى ذلك ممارسة حقِّ الاعتراض على القوانين الصادرة من البرلمان كما يستطيع الرئيس فرض أي قانون يريده بتوقيع واحد فقط.

2-النظام الرئاسي يدمر السلطة التشريعية

في النظام التركي الجديد الذي يريد إردوغان تمريره لا يستطيع البرلمان التركي مراقبة الوزراء والنوَّاب المُعيَّنين من قبل الرئيس، ولكن يستطيع البرلمان مراقبة الرئيس نفسه ولكن الكارثة أن أغلبية النواب يدينون بمقاعدهم في البرلمان إلي القصر، وإذا تم الافتراض علي ان 400 نائب سيراقبونه، ولكن مع ذلك لنفترض أنَّ الأربعمائة نائب يريدون مراقبة الرئيس، فما سيحدث إذا حل الرئيس البرلمان بجرة قلم.

ففي "النظام الرئاسي على الطريقة التركية"، الذي يخضع فيه الجميع للرقابة والمساءلة باستثناء رئيس الدولة، لا تعود للبرلمان أية حاجة أو وظيفة بعد.

وبما أن القصر يستطيع استخدام حقّه في نقض قرارات البرلمان، والرئيس يستطيع في الوقت نفسه إصدار القوانين بجرة قلم منه، تصبح أيضًا الانتخابات البرلمانية التي تعكس إرادة الشعب غير ضرورية.

وتكمن المشكلة الأكبر في أن حوالي أربعة أخماس المواطنين الأتراك لا يعرفون أي شيء عما يترتَّب عن هذا النظام، الذي من المفترض أن يصوِّتوا عليه في استفتاء.

وفقط مواطن واحد من كلِّ خمسة ناخبين أتراك يعلم أن جميع السلطات في البلاد سيتم جمعها في يد شخص واحد فقط.

3-ديمقراطية خلف القضبان

و عقب الإعلان عن استفتاء علي النظام الرئاسي في تركيا اجتمع المتظاهرون أمام البرلمان، وكان من بينهم نَاب حزب الشعب الجمهوري، وقامت حينها الشرطة بتفريق المظاهرة باستخدام خراطيم المياه الباردة والغاز المسيل للدموع، وكان الطقس حينها 5 تحت الصفر.

ولم يعد بالإمكان العثور على حزب الأكراد"حزب الشعب الديمقراطي التركي" لأن رئيسه المشارك، صلاح الدين دمرداش وعشرة من نوَّابه في السجن.

وهذا يحرمهم بطبيعة الحال من المشاركة في التصويت على الدستور الجديد.

لقد تغيَّر الكثير في البرلمان التركي،ولكن ما لم يتغيَّر هو ذلك الشعار المُعلق فوق المنصة "السلطة تنبع من الشعب دون قيد أو شرط". وهذا القول المأثور عن مصطفى كمال أتاتورك صمد حتى اليوم.

وحتي الآن يحبس العالم أنفاسه ليري ما إذا كان عام 2017 هو العام الذي سيشارك خلاله مواطنو تركيا، المحاصرون في دوامة من العنف، في آخر انتخابات البلاد أم لا وهل سيرفضون خلال الاستفتاء تحكم القصر في كل شئ بالبلاد.

4-محللون بين الـتأييد والرفض

قال المحلل السياسي معين نعيم إن حزب العدالة أن الحركة القومية باتت أكثر قربًا من حزب العدالة والتنمية الذي ساند قيادتها التاريخية وتيار باهشلي في مواجهة الانقسام الداخلي والانشقاقات التي كادت تعصف بها".

و وأضاف أن غياب الإجماع السياسي هو أول التحديات أمام تعديل الدستور الذي يرفضه حزب الشعب الجمهوري، وانتقدت المتحدثة باسمه سيلين بوكيه موقف حزب الحركة القومية من التعديل قائلة إن الحركة "تمارس دور الإطار البديل لدى الحكومة".

وقال أوزغان شكري المحلل السياسي إن تعديل الدستور لا يمثل أولوية مجتمعية أو مطلبًا عاما للشارع التركي بقدر ما هو تحقيق لرغبة الرئيس أردوغان بإقرار التحول للنظام الرئاسي الذي يناسب تطلعاته ويمنحه صلاحيات أوسع.

وأكد أوزغان أن خيارات "العدالة والتنمية" لإقرار التعديلات الدستورية "ستكون محدودة إن فشل في إقرارها الآن، وتكاد تنحصر في اللجوء لانتخابات مبكرة يرفع فيها من أغلبيته البرلمانية ليعزز فرص إقرار التعديلات على الدستور واعتماد النظام الرئاسي".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً