"ستعود قريبا".. لطالما سمعنا الجملة ذاتها من الحكومة الروسية، حول استئناف الرحلات السياحية إلى مصر، كما كان في السابق، إلا أن الوعود التي ترسيها روسيا، لا تثمر ولا تغنى من جوع، فلا جديد قد طرأ على الساحة منذ توقف الرحلات الروسية الجوية إلى مصر، غير الوعود المتكررة، ولكن النتيجة دائما ما تكون التراجع أو التنويه على كونها شائعات لا وجود لها.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في نوفمبر 2015، قد أعلن وقف الرحلات السياحية إلى مصر خاصة مطار شرم الشيخ لحين الانتهاء من تحقيقات سقوط الطائرة الروسية في سيناء، خاصة بعد توصيات الأجهزة الأمنية الروسية بتعليق السفر إلى مصر، وخاصة مع قرار الحكومة البريطانية بوقف السفر إلي شرم الشيخ وإعادة السياح الإنجليز من مطار شرم الشيخ فورا وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موقف حرج، خاصة وأن الطائرة التي سقطت في سيناء كانت تقل مواطنين روسيين، مما دفع "بوتين" للموافق على تعليق الرحلات الجوية إلى مصر، ووضع آلية لعودة السياح الروس الموجودين في شرم الشيخ ومدن البحر الأحمر مثل الغردقة ومرسي علم والسخنة.
ولا شك أن انقطاع السياحة الروسية عن مصر، أدت إلى تدهور الأوضاع في شرم الشيخ والغردقة، وخاصة أن قطاع السياحة في مصر يعتمد بشكل كبير على السياحة الروسية، التي كادت تصل إلى 3 مليون سائح سنويا بحلول عام 2016.
وكثيرا ما تشير التقارير الإخبارية الروسية، إلى اقتراب عودة السياحة الروسية لمصر، وذلك بسبب تصريحات المسئولين الروس حول الوضع الأمني في مصر، وزيادة مستوى الأمن في المطارات المصرية، خاصة مطار القاهرة الدولي الذى سيستقبل أول رحلة طيران بين موسكو والقاهرة.
في سياق متصل، ذكرت وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء، أن مصر تستعد يوم 23 فبراير الجاري، لاستقبال أول وفد سياحي روسي، وعودة رحلات الطيران بين موسكو والقاهرة، وذلك بعد نحو عام و4 أشهر من توقف رحلات الطيران بين الجانبين.
وعود روسيا حول عودة السياحة كاذبة
وقال النائب رياض عبدالستار، عضو لجنة السياحة في مجلس النواب، إن اللجنة تلقت تأكيدات من السفير المصري لدى موسكو، بأن أولى الرحلات الجوية الروسية إلى مصر ستكون في 23 فبراير الجاري، لذلك فقد عقدت اللجنة عدة اجتماعات خلال الأيام الماضية، ناقشت فيها الاستعدادات لاستقبال الروس، مضيفا عبدالستار، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن السفير المصري في روسيا، أوضح للجنة السياحة في مجلس النواب، أن الاستعدادات جارية على قدم وساق لاستقبال السياح الروس، كما أن هناك بعض الإجراءات الأمنية التي تراجعها السلطات الروسية مع السلطات الأمنية المصرية في المطارات، وخصوصًا في مطار شرم الشيخ.
وتابع عبدالستار، أن اللجنة اجتمعت عدة مرات، وناقشت جميع الاستعدادات والإجراءات الأمنية، وآخر ما وصلت إليه الاتفاقات بين وزارتي الطيران والسياحة في مصر ووزارة النقل في روسيا، بعد إطلاع الجانب الروسي على الإجراءات الأمنية في المطارات، وما زالت تنتظر الرد من المسؤولين في وزارة الخارجية، بشأن عودة الرحلات بشكل نهائي.
وعلى الجانب الآخر، نفى محمد عبد الستار البدري، سفير مصر لدى روسيا الاتحادية، ما نقلته عنه وسائل إعلام حول استئناف الرحلات الجوية بين موسكو والقاهرة خلال الشهر الجاري.
وفي اتصال مع قناة "روسيا اليوم"، أمس، نقل أيمن موسى، المستشار الإعلامي للسفارة المصرية في موسكو، عن السفير تأكيده، أنه لم يصدر عنه أو عن السفارة المصرية في موسكو أية تصريحات لأي جهة كانت حول مواعيد استئناف الرحلات الجوية بين روسيا ومصر.
وكان قد أدلى الخبير السياحي، عصام علي، أن عودة السياحة الروسية إلى مصر أصبحت في حيز التنفيذ بعد الترتيبات التي تجريها القاهرة مع موسكو على قدم وساق في الفترة الأخيرة، مشيرا في تصريحات تليفزيونية، أن هناك عدة عوامل أخرى تشير إلى فك حظر رحلات الطيران وقرب عودة الروس إلى منتجعات مصر في الغردقة وشرم الشيخ يتصدرها تقارب وجهات النظر بين مصر وروسيا ومناصرتها في ملفاتها السياسية داخل المنطقة وانخفاض درجات الحرارة في الدول المنافسة لمصر سياحيا في تركيا وتايلاند واليونان وإسبانيا.
روسيا تريد الحفاظ على استثماراتها في مصر
وفي إطار متصل يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن أنباء عودة السياحة الروسية إلى مصر، ليست بالضرورة أن تكون صحيحة، نظرا لكونها ليست المرة الأولى التي تعلن فيها روسيا عن اقتراب عودة الرحلات السياحية إلى مصر، وربما تهدف من خلال تلك الشائعات لإرضاء الجانب المصري وفتح قنوات اتصالات يمكنها من تنفيذ مصالحها الاستثمارية في مصر، واتمام صفقات السلاح ومشروع الضبعة النووي، مطالبا الحكومة المصرية بالتشاور الجاد مع روسيا حول جدية عودة الرحلات واستئنافها قريبا، مستنكرًا "شبعنا شائعات".
وتابع أستاذ العلوم السياسية، في تصريحات خاصة، أن التخبط الذي أصاب أجهزة الدولة في تعليقها على استئناف الرحلات الروسية الجوية إلى مصر، يفسر حالة الفوضى وعدم صحة المعلومات التي تنقلها وسائل الإعلام الروسية، مشيرا إلى أن استعادة الاقتصاد القومي المصري لعافيته، مرهون برفع الحظر من جانب جميع دول العالم، وفي مقدمتهم روسيا، عن رحلات الطيران إلى مصر، وهو الحظر الذي فرضته عدة ظروف، بعضها أمني وبعضها سياسي، ولكن الأمور بدأت في الفترة الأخيرة تتحسن بشكل ملحوظ، بعد عودة السياحة البريطانية والألمانية، والآن السياحة الروسية، التي تمثل ثلث دخل السياحة من العملة الصعبة.