عمر عبد الرحمن.. أو كما يلقبه أنصاره بـ"أسد المجاهدين"، عالم أزهري مصري، وهو الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية، وله مجموعة من المؤلفات، أبرزها موقف القرآن من خصومه كما تصوره سورة التوبة، وهي رسالة الدكتوراه الخاصة به، وكلمة حق، وتفسير صورة النجم، وكان معارضا سياسيا لنظام الحكم في مصر، كما أنه اعتقل في الولايات المتحدة وقضي فيها عقوبة السجن المؤبد بتهمة التآمر، في قضية تفجيرات نيويورك سنة 1993، وتوفي اليوم داخل محبسه بالولايات المتحدة إثر تدهور حالته الصحية.
ولد "عبدالرحمن" بحي الجمالية بالدقهلية سنة 1938، وفقد البصر بعد عشرة أشهر من ولادته، بدأ حفظ القرآن في سن صغيرة جدا، وأكمل حفظه في الحادية عشرة من عمره، ثم التحق بالمعهد الديني الابتدائي بدمياط، وحصل منه على الشهادة الابتدائية الأزهرية، ثم التحق بمعهد المنصورة الثانوي، وحصل منه على الثانوية الأزهرية عام 1960، ثم التحق بكلية أصول الدين، ودرس فيها حتى تخرج فيها، عام 1965
وقف عن العمل في الكلية عام 1969، وفي أواخر تلك السنة رفعت عنه عقوبة الاستيداع، لكن تم نقله من الجامعة من معيد بها إلى إدارة الأزهر بدون عمل، واستمرت المضايقات على هذا الحال، حتى تم اعتقاله في 13 أكتوبر 1970 بعد وفاة جمال عبد الناصر.
بعد الإفراج عنه، وعلى رغم التضييق الشديد الذي تعرض له بعد خروجه من السجن إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة طلب العلم، فتمكن من الحصول على الـ "دكتوراه"، وكان موضوعها؛ "موقف القرآن من خصومه كما تصوره سورة التوبة"، وحصل على "رسالة العالمية" بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، إلا أن تم مُنعه من التعيين. استمر المنع حتى صيف 1973 حيث استدعته الجامعة وأخبرته عن وجود وظائف شاغرة بكلية البنات وأصول الدين، واختار أسيوط، ومكث بالكلية أربع سنوات حتى 1977، ثم أعير إلى كلية البنات بالرياض حتى سنة 1980، ثم عاد إلى مصر.
وفي سبتمبر 1981 تم اعتقاله ضمن قرارات التحفظ، فتمكن من الهرب، حتى تم القبض عليه في أكتوبر 1981 وتمت محاكمته في قضية اغتيال السادات أمام المحكمة العسكرية ومحكمة أمن الدولة العليا، وحصل على البراءة في القضيتين وخرج من المعتقل في 2 أكتوبر 1984، ويرصد "أهل مصر" أبرز 5 مسارات شكلت حياة "عبد الرحمن":
مسجد فديمين
عين الشيخ في وزارة الأوقاف إمامًا لمسجد فديمين، التابعة لمركز سنورس بالفيوم، وخلال فترة عمله بالقرية، ذاع صيته بكل أرجاء المحافظة، حتى أن صلاة الجمعة بالقرية الصغيرة وقتها، كان بمثابة يوم عيد، ولأن مريدي الشيخ كانوا يحبونه، فقد أطلقوا على المسجد اسمه بشكل غير رسمي حتى الآن.
ثم حصل على درجة الماجستير، وعمل معيدًا بالكلية، مع استمراره بالخطابة متطوعًا في مسجد صغير، في إحدى حواري تقسيم مصطفى حسن بمدينة الفيوم، يطلق عليه مسجد الشهداء، ويعرف أيضا بين الناس باسم مسجد الدكتور عمر عبد الرحمن، ويقع تحت عمارة مكونة من أربعة طوابق.
شهد هذا المسجد فترات الصراع الحقيقي بين عبد الرحمن وأجهزة الأمن، كان أشهرها قضية الجهاد الكبرى، التي اتهم فيها بقلب نظام الحكم، ومعه عشرات من مريديه، والتي قال فيها الادعاء كلمته الشهيرة «أقسم بالله إني مؤمن ببرائتك ياشيخ، لكن الأمر خرج من إيدينا»، قالها وكيل النيابة بعد انبهاره بمرافعة الشيخ.
وظل الدكتور عمر عبد الرحمن يعمل معيدا بكلية أصول الدين، حتى أوقف عن العمل في عام 1969، وتم نقله من وظيفة معيد إلى إدارة الأزهر للعمل بوظيفة إدارية.
فتوى الصلاة على عبد الناصر
في 13 من شهر أكتوبر عام 1970، بعد وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقف الشيخ على المنبر، وأفتى بعدم جواز الصلاة عليه؛ لأنه اعتبره واحدا من أعداء الله على الأرض، فتم اعتقاله بسجن القلعة لمدة 8 أشهر، وأفرج عنه في يوم 10 يونيو عام 1971، ورغم المضايقات الأمنية له، بعد الإفراج عنه، استطاع الحصول على الدكتوراة، وكان موضوعها "موقف القرآن من خصومه كما تصوره سورة التوبة".
كان الجهادي عمر عبد الرحمن ممنوعا من العمل بالجامعة حتى صيف 1973، عندما أخبرته إدارة جامعة الأزهر عن وجود وظائف شاغرة بكلية البنات وأصول الدين، واختار أسيوط، ومكث بالكلية أربع سنوات حتى 1977، ثم أعير إلى كلية البنات بالرياض حتى سنة 1980، ثم عاد إلى مصر.
تكوين الجماعة الإسلامية
أثناء أول فترة اعتقال الشيخ، التقي مع الجهادي محمد عبد السلام فرج، وحدث تقارب بين أفكارهما، وبعد خروجهما من المعتقل التقيا مع عبود الزمر، وكانت فكرة تكوين الجماعة، التي كان محمد عبد السلام أميرها، والدكتور عمر مفتيها، في بداية الأمر، ولأن مريديهم كانوا يعشقون عمر عبد الرحمن فقد ولوه إمارة الجماعة، بمباركة محمد عبد السلام.
وخلال عام 1980، صدرت عن الشيخ فتوى تبيح دم الرئيس الراحل أنور السادات، كان سببها اتهام الشيخ له، بأنه يحكم بغير ما أنزل الله، لاقت هذه الفتوى قبولا عند خالد الإسلامبولي، الذي لم يكن يوما عضوا في الجماعة الإسلامية، رغم أن شقيقه محمد كان ضالعا بها.
اغتيال السادات
في سبتمبر 1981، تم اعتقاله ضمن قرارات التحفظ، فتمكن من الهرب، حتى تم القبض عليه في أكتوبر 1981، وتمت محاكمته في قضية اغتيال السادات أمام المحكمة العسكـرية، ومحكمـة أمن الدولة العليا، وحصل على البراءة في القضيتين، وخرج من المعتقل في 2 من شهر أكتوبر 1984.
واستمر الشيخ على هذا المنوال، بين التضييق والمطاردة والسجون، وهو صابر على طريق الجهاد، وكان أطرف هروب له من مباحث أمن الدولة، عندما حاولوا منعه من الالتقاء بأعضاء نقابة المحامين بأسيوط، ومنعه من مغادرة الفيوم، إلا أنه جهز شبيها له في دورة مياه مسجد الشهداء، وقت صلاة الفجر، وبعد أن فرغ من الصلاة، توجه هو إلى دورة المياه، وخرج الشبيه، وركب السيارة بدلا منه، ووراءه الشرطة التي تراقبه، وبعد أن اطمأن من ابتعاد المراقبة، خرج هو وركب سيارة أخرى، وتوجه إلى أسيوط، وألقى خطبته الشهيرة، التي قال فيها: إن رجال الشرطة الآن يتفاخرون بمنعي من مغادرة الفيوم، وسيموتون غيظا بعد علمهم بوجودي بينكم الآن.
هذه الواقعة أقيل فيها مفتش أمن الدولة بالفيوم إبراهيم عبد الرازق، ونقل مدير الأمن على إثرها أيضا، وظل الشيخ يتنقل بين بلاد إسلامية في آسيا وأفريقيا، حتى استقر به المقام في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 1993، وجهت له السلطات الأمريكية أربعة تهم.
قلب نظام الحكم
التآمر والتحريض على قلب نظام الحكم في الولايات المتحدة، والتحريض على اغتيال حسني مبارك، والتآمر على تفجير منشآت عسكرية، والتآمر والتخطيط لشن حرب مدن ضد الولايات المتحدة، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، وظل في سجون أمريكا حتى توفي اليوم.