يبدو أن قضية الطلاق الشفوي، لم تقف تبعاتها عند بيان هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، الذي أقر بوقوعه دون حاجة للتوثيق أو الإشهاد، حال كونه مستوفي الشروط، حيث دخل "البرلمان" على خط المواجهة، في ظل أحاديث حول "إجراءات" حيال "الأزهر"، وبالتحديد مع شيخه، أحمد الطيب.
وكان قد دعا الرئيس السيسي في كلمة ألقاها في 24 يناير الماضي، بمناسبة الاحتفال السنوي بعيد الشرطة، إلى إصدار قانون يقضي "بألا يتم الطلاق إلا أمام مأذون" أي حظر الطلاق شفوياً، لكبح ظاهرة ارتفاع معدلاته مؤخراً، وتوجه إلى الطيب الذي حضر الاحتفال قائلاً: "ولا إيه يا فضيلة الإمام، تعبتني يا فضيلة الإمام"؟
وحسمت هيئة كبار العلماء الجدل الذي انتشر في مصر خلال الآونة الأخيرة حول ظاهرة الطلاق الشفوي حيث أكدت وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق.
وفي برنامجه "حديث شيخ الأزهر" الأسبوعي، قال "الطيب"، إن "المزايدة على الأزهر تجاوز للحد وتجاوز للحق وكنا نتمنى أن يتحدث كل فيما يعلم ويعرف وأن يترك للأزهر الشريف أن يقول ما هو متخصص فيه". وأضاف: ""كنا نتمنى من بعض المنتسبين للأزهر ألا يقحموا أنفسهم في القضايا الفقهية الشائكة، وأن يتركوا للمجامع والهيئات المتخصصة في الأزهر الشريف بيان الحكم الشرعي في قضية الطلاق الشفهي، ولدينا وثائق علمية حتى لا يزايد علينا في الصحف ولا في القنوات".
وفي مفاجئة فجرها النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب، قال، إنه يسعى بجدية مع نواب آخرين، لسن قوانين وتشريعات جديدة لتنظيم مسيرة الأزهر الشريف خلال الفترة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بطريقة اختيار شيخ الأزهر وأعضاء هيئة كبار العلماء.
وأكد أبو حامد، أنه يراجع جميع القوانين والقرارات المتعلقة بالأزهر، ويسعى وبقوة إلى تدشين قانون جديد يتضمن طرق مغايرة لما هو متبع في طريقة اختيار وتعيين شيخ الأزهر، واختيار أعضاء "كبار العلماء"، وأن مشروع القانون ينال توافق نواب كثيرين.
وأشار أبو حامد إلى أنه لا يليق أن تنفرد مؤسسة واحدة بآليات اختيار شيخ الأزهر، فضلا عن اختيار أعضاء هيئة كبار العلماء، مؤكدًا أن الهيئة هي من تختار شيخ الأزهر، والأخير يُعيين أعضاء المشيخة، موضحًا أن البرلمان سيعمل للتصدي لهيمنة مشيخة الأزهر على القرار.
في ذات السياق، قال الشيخ أحمد مصطفى محرم، ممثلا عن الأزهر الشريف وعضو لجنة الفتوى بالأزهر، إن أمر "الطلاق الشفوي" كان من المفترض أن ينتهي بمجرد إعلان هيئة كبار العلماء وقوعه، إلا أن هناك مساع للنيل من قيادات الهيئة والأزهر، ودفعهم للدخول في مناقشات جدلية، من شأنها التقليل من الأزهر وقراراته وتصعيد الصراع بين مؤسسات الدولة، مؤكدا على أن توتر العلاقات بين الأزهر الشريف، والمؤسسات الاخرى، ستؤثر بالطبع على قضية تجديد الخطاب الديني، لأن المؤسسات لا بد أن يعملوا جنبًا إلى جنب لإنجاز موضوع التجديد.
وتعليقا على مطالبة النائب محمد أبو حامد، لسن قوانين وتشريعات جديدة لتنظيم مسيرة الأزهر الشريف خلال الفترة المقبلة، أكد "محرم"، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، على أن تدخل البرلمان من شأنه تصعيد الأزمة بشكل أكثر تعقيدا، وربما تشهد الأيام المقبلة التخلي عن خدمات شيخ الأزهر، إذا ما استمرت الأوضاع على نمط الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، مشيرا إلى أنه لا يمكن انكار وجود أزمة حقيقية بين الرئيس السيسي وشيخ الأزهر، وهو ما أوضحته تصريحات "الطيب" منذ أيام، إلا أن الأزهر متمثلا في الشيخ "الطيب" وأعضاءه لن يتخلى عن موقفه بشان قضية "الطلاق الشفوي".
ويرى النائب شكرى الجندى، عضو لجنة الشئون الدينية والأوقاف بالبرلمان، أن تصريحات "الطيب" مؤخرا حول عدم المزايدة في قضية الطلاق الشفوي، تعكس ماوصلت إليه قيادات الأزهر من تصلب الرأي والديكتاتورية غير المقبولة، ففى الوقت الذى دعت فيه المشيخة العلماء إلى الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، ووصفت إبداءهم الرأى فى القضايا الفقهية بالمزايدة، فإنها عمدت إلى محاربة المستنيرين من العلماء، والتضييق عليهم داخل الأزهر، لصالح المتجمدين والمنغلقين على التراث، فى تكريس غير مسبوق الديكتاتورية المرفوضة.
وتابع الجندي، أن الفقهاء الأوائل لو عايشوا قصة الطلاق الشفهى، وما يحدث بسببها فى مجتمعنا حالياً، لكان لهم رأى آخر فيها غير الذى قالوا به لمعالجة تلك الأزمة، لافتا إلى أن اللجنة الدينية، تعكف على الانتهاء من مشروع قانون يضمن ضرورة التوثيق خلال 24 ساعة من النطق بالطلاق الشفهى، لعرضه على مجلس النواب، وذلك منعاً للتعرض إلى عقوبة السجن والغرامة، وفى حال مخالفة الأمر سيكون على الزوجة اللجوء إلى القضاء لأخذ الحقوق.
يُذكر أن المادة 7 من الدستور تنص على "الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم.
وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء.