الكلية الفنية العسكرية.. قاطرة مصر نحو تطوير التعليم والارتقاء بالمنظومة البحثية

الكلية الفنية العسكرية
كتب : أهل مصر

يعد البحث العلمي هي الركيزة التي ترتكز عليها تقدم الشعوب، فالدول التي تريد أن تنال نصيبًا من الرقي والازدهار عليها أن تجعل البحث العلمي وتطويره ضمن أولوياتها، ومن هذا المنطلق أولت القوات المسلحة اهتمامًا كبيرًا لمجال البحث العلمي داخل منشآتها التعليمية ومراكزها البحثية، مع بناء وتطوير قدراتها العلمية والتكنولوجية وفق مخططات دقيقة وإستنادًا إلى خبراتها الذاتية فى مختلف التخصصات وبناء قاعدة من الكوادر المؤهلة على أعلى المستويات القادرة على الابتكار والإبداع والتطوير، وإعداد وتأهيل العناصر البشرية القادرة على التعامل مع نظم التسليح والأجهزة والمعدات الحديثة التى زودت بها في كافة التخصصات.

كما يتم التوجه الدائم نحو تطوير القدرة القتالية للأسلحة والمعدات المتقادمة وتعظيم الاستفادة منها وفقًا لمنظومة من التأمين الهندسي والفني داخل القوات المسلحة بما يضمن القدرة على تحقيق التفوق والتوازن مع تكنولوجيا التسليح العالمية، وتحقيق متطلبات تأمين وحماية ركائز الامن القومي المصري علي كافة الاتجاهات وإنجاز العديد من البحوث العلمية سواء فى المجالات العسكرية او المدنية التي تدعم جهود الدولة لتوفير مقومات الحياة الكريمة لابناء الشعب المصري.

وتعد الكلية الفنية العسكرية بمثابة أحد أهم الصروح العلمية والبحثية داخل القوات المسلحة، والتي قدمت علي مدار السنوات الأخيرة دورًا حيويًا في دعم وتشجيع البحث العلمي وبناء الكوادر الهندسية وتنمية قدراتهم القيادية والأبداعية، ليكونوا قادرين على مواكبة التطور العالمي الذي تتسارع وتيرته يوما بعد يوم.

وفي السياق نفسه برزت فكرة إنشاء الكلية الفنية العسكرية مع صفقة السلاح التى أبرمتها الثورة عام 1954 مع تشيكوسلوفاكيا، بعد أن فشلت فى الحصول على سلاح من الغرب لإعادة بناء الجيش على نظم حديثة، ومن ثم ظهرت الحاجة إلى إنشاء الكلية الفنية العسكرية لتخريج كوادر هندسية قادرة على تطوير معدات التسليح الحديثة والقيام بمهام التأمين الفنى لها. وتم إنشاؤها فعلًا عام 1958 بالتعاون مع أكاديمية برنو العسكرية التشيكية، لتخريج الضباط المهندسين للعمل بالقوات المسلحة المصرية.

وفى السابع والعشرين من أكتوبر 1957 صدر الأمر العسكرى الخصوصى رقم 344، والذى نص على: "بناء على توجيهات القيادة المصرية والدراسات التى قامت بها أجهزة القوات المسلحة بإنشاء كلية عسكرية للعلوم تقوم بتخريج ما يحتاجه الجيش من الضباط المتخصصين، وبذلك يستغنى الجيش عن الخبرة الأجنبية ويستقل بأبحاثه ودراساته وأعماله الفنية ويتحقق الهدف الذى يرمى إليه من إيجاد الجيل المرغوب فيه ". وقد بدأ العمل الفعلى بعد صدور أمر عسكرى خصوصى بتاريخ 17 نوفمبر 1958 بشأن مراحل الدراسة بالكلية وشروط الالتحاق، وذلك بقبول نخبة من ضباط القوات المسلحة للدراسة بها على عدة مراحل تمهيدية أولها المرحلة الأولى (وهى المتوسطة ومدتها سنتان) ثم المرحلة الثانية (وهى النهائية ومدتها ثلاث سنوات) وتضمن أيضا هذا الأمر العسكري شروط القبول بالكلية والأقسام العلمية ومهام الخريجين.

وفى نفس العام تم إنشاء الكلية العسكرية للعلوم في قصر عبد الرحيم صبري فى منطقة الدقي وتم تغيير اسمها ليكون الكلية الفنية العسكرية طبقا للأمر العسكري الصادر في 7 سبتمبر 1959.

وأكد اللواء دكتور مصطفى عبد الوهاب مدير الكلية الفنية العسكرية، أن الكلية تهدف في المقام الأول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي للقوات المسلحة المصرية من الموارد البشرية في كافة المجالات الهندسية والتقنية عن طريق إمدادها بالضباط المهندسين والباحثين القادرين على المشاركة في إنشاء وصيانة وتطوير نظم تسليح متكاملة مصرية تحقق الاحتياجات العملياتية للقوات المسلحة المصرية وتنافس نظائرها من نظم التسليح العالمية لتصبح الكلية الفنية العسكرية صرحًا تعليميًا وبحثيًا ومعرفيًا ذا ميزة تنافسية وتصنيف عالمى.

وأشار الي أن الكلية الفنية العسكرية أحد مراكز الدراسات العلمية فى القوات المسلحة والتخصصية فى فروع العلوم العسكرية والتكنولوجيا، ومرجعًا فى التطبيق العلمى والتكنولوجى فى النواحى الحربية، وتختص بتخريج ضباط مهندسين تتوافر فيهم الكفاية العلمية والعملية والقيادية، لتولى الوظائف الهندسية والفنية بالقوات المسلحة وتأهيل المتميزين منهم ليكوّنوا كوادر للبحث العلمى والابتكار فى مختلف المجالات الهندسية والتكنولوجية لتستفيد منهم القوات المسلحة فى مجالات تحديث نظم التسليح المتكاملة ذات التكنولوجيات المتقدمة والحرجة.

وتقوم إدارة الكلية بعقد الدراسات العليا العلمية والفنية حسب احتياجات القوات المسلحة ومنح شهادات الدبلوم ودرجات الماجستير والدكتوراه فى المجالات الهندسية والعلمية، وتأهيل وإعداد الضباط للعمل ضمن أعضاء هيئة التدريس بالكلية، كذلك إجراء البحوث الأكاديمية والتطبيقية التى تتصل بنواحى الدراسة بها والبحوث التى تتفق والسياسة العامة للبحوث الفنية بالقوات المسلحة، وإجراء الدراسات المستحدثة لتلبية متطلبات القوات المسلحة واقتراح الجديد فى مجال العلوم الهندسية والتكنولوجية، مما يعظم من إمكانيات المعدات الحربية واستخدامها القتالى التكتيكى والفنى، وإعداد الضباط المؤهلين لإبداء المشورة الفنية لأجهزة وقيادات القوات المسلحة.

وتشترك الكلية مع الأجهزة المختصة فى تخطيط وتطوير التعليم الهندسى والفنى بالقوات المسلحة للتأكد من أن ما يدرّس من معلومات علمية أو فنية يرتقى إلى المستوى المطلوب الذى يغطى احتياجات القوات المسلحة الحالية والمستقبلية، وتعمل على تقييم الدرجات العلمية والدراسات المعادلة فى العلوم الهندسية من الجامعات الأجنبية بالاشتراك مع وزارة التعليم العالى، والتوصية بمنح الألقاب العلمية للباحثين.

وعن عمليات التطوير داخل الكلية اشار الي حرص القيادة العامة للقوات المسلحة علي بناء وتطوير قدراتها العلمية والتكنولوجية وفق مخططات دقيقة، وإستنادًا إلى خبراتها الذاتية فى مختلف التخصصات، وكذلك بناء قاعدة من الكوادر المؤهلة على أعلى المستويات القادرة على الابتكار والإبداع والتطوير، وإعداد وتأهيل العناصر البشرية القادرة على التعامل مع نظم التسليح والأجهزة والمعدات الحديثة التى زودت بها في كافة التخصصات، والتوجه الدائم نحو تطوير القدرة القتالية للأسلحة والمعدات وتعظيم الاستفادة منها، وتحقيق متطلبات تأمين وحماية ركائز الأمن القومي علي كافة الاتجاهات، ومن هنا جاءت فكرة تطوير الكلية الفنية العسكرية، على نحو يمكنها من تنفيذ مهامها العلمية والهندسية والبحثية، فضلًا عن تبني مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية القائد الأعلي للقوات المسلحة، التي تدعو إلى اكتشاف ورعاية العباقرة والمتفوقين فى الرياضيات من طلبة المدارس الثانوية، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم.

كما تم تطوير الكلية واستحداث أقسام جديدة بداخلها، حتى وصلت إلى 7 أقسام شعب علمية، تعتبر آخر تلك الشعب التى تم تحديثها هى شعبة الهندسة البحرية، وتحتوى الشعب داخل الكلية على 38 قسمًا، منهًا 38 تخصصًا هندسيًا، تم اختيارها بعناية.

ومع كل تطور المستمر الذي تشهده الأسلحة المختلفة، يتبعه تطور داخل الكلية الفنية العسكرية، فالكلية مسؤولة عن تخريج ضابط مهندس يجمع بين العلم والانضباط، قادر على تحمل مسؤولياته بعد التخرج.

وأكد اللواء دكتور مصطفى عبد الوهاب مدير الكلية، أن دور الكلية لا يتوقف عند تخريج الطلاب فقط، ولكنها أيضا تولى اهتمامًا كبيرًا لتأهيل كافة المهندسين للحصول على الدرجات الدراسية الماجيستير والدكتوراه، مشيرًا إلى إلى أنه يتم أيضا تأهيل أعضاء هيئة التدريس، حيث يتم إلحاقهم للحصول على درجة الدكتوراه فى جامعات دولية في الولايات المتحدة الأمريكية والصين وكندا.

وأضاف أنه يتم متابعة تطوير نظم التعليم داخل الكلية من خلال 3 مجالس تعليمية، حيث يوجد بالكلية لجنة علمية للتعليم وهى المسئولة عن تطوير التعليم، ولجنة الدراسات العليا، موضحًا أن مجلس تعليم الكلية مهمته مراجعة كافة مواد الكلية، مشيرًا إلى أن القيادة العامة للقوات المسلحة تقدم كافة الدعم للكلية في سبيل تطويرها فى جميع النواحى العلمية والبحثية.

وفيما يتعلق بالعمل البحثى والابتكار داخل الكلية، أوضح أن العمل البحثى فى الكلية يتم تطويره بشكل كبير ومستمر، وتشارك به كافة منظومة الكلية، مؤكدًا على التواصل المستمر بين الأساتذة والطلاب لغرس مبدأ "روح الفريق" لدى الطلاب، حتى يكون الطالب قادرًا على العمل ضمن فريق عمل، وقادر على التصميم والإبتكار والاختراع، والتفكير بطريقة مبتكرة، مشيرًا إلى أن الكلية تمتلك كافة الإمكانيات، لتحقيق ذلك من خلال امتلاكها أحدث معامل وأجهزة تدريب، حتى يصبح الخريج ضابط مهندس مخترع ومبتكر ومصمم غير نمطى.

وأستكمل: الكلية تشارك فى جائزة الدولة التشجيعية لأعضاء هيئة التدريس، كما تم اختيار أستاذ بالجامعة لترشيحه هذا العام للحصول على جائزة الدولة التقديرية، مشيرًا إلى أنه تم إصدار المجلة العلمية الخاصة بالكلية، وتضم كتابات ومقالات لعدد كبير من العلماء بجميع أنحاء العالم، حتى تساعد الطالب على الوصول إلى أحدث المعلومات والأبحاث العالمية.

وفيما يتعلق بمعايير اختيار طلبة الكلية، أكد أن ذلك يتم وفقًا لأحداث المعايير، حيث يخضع الطالب للعديد من الاختبارات، بالإضافة إلى اختبارات للمواد العلمية التى تؤهله أن يصبح مهندسًا، مشيرا إلى أنه بدءًا من الدفعة القادمة سيتم إضافة اختبار قياس معدل الذكاء لدى الطالب.

واستطرد: إنشاء منظومة انتقاء المتفوقين فى الثانوية العامة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، حيث يتم مخاطبة 2000 أسرة من أوائل الثانوية العامة، ويتم الاتصال بهم مباشرة ودعوتهم لزيارة الكلية، لتعريفهم بمميزات الانضمام إلى الكلية، مشيرًا إلى أن أكثر من 50 % من دفعة هذا العام من الحاصلين على 98 % فى الثانوية العامة، مما يتيح الفرصة لتطوير المناهج وإثراء العملية التعليمية داخل الكلية، بالإضافة إلى إنشاء منظومة "النابغين فى الرياضيات" للطلاب فى المرحلة الثانوية، حيث يتم ضمهم داخل منظومة علمية مخصصة لهم.

وتابع: تحرص الكلية على تحقيق التكامل مع كبري الجامعات والمراكز العلمية والبحثية في مصر والدول الشقيقة والصديقة من خلال المشاركة والتنظيم للعديد من الملتقيات والمؤتمرات العلمية وأقامة المسابقات والمعارض التى تضم أحدث التطبيقات فى المجالات البحثية المختلفة، كما أن المنظومة التعليمية لا تعتمد علي الدراسات النظرية فقط، بل من خلال ممارسات عملية لتلك الدراسة، وفي ذات الوقت يتم تنمية المواهب الموجودة في المعاهد المصرية، بحيث يتم الاستفادة منها واختيار العناصر المتميزة والتعاون معهم بحيث يكون تفاعل بين الكلية الفنية وطلبة الجامعات المدنية.

كما تحرص أيضًا الكلية الفنية العسكرية، على تحقيق التكامل مع كبري الجامعات والمراكز العلمية والبحثية في مصر والدول الشقيقة والصديقة من خلال المشاركة والتنظيم للعديد من الملتقيات والمؤتمرات العلمية والمعارض التى تضم أحدث التطبيقات فى المجالات البحثية المختلفة، اضافة الي تبني مبادرة اكتشاف ورعاية العباقرة والمتفوقين فى الرياضيات من طلبة المدارس الثانوية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وتنظيم المسابقات العلمية من بينها المسابقة الدولية الأولى للإبتكار فى مجال المركبات الأرضية غير المأهولة والتي حملت إسم الفريق إبراهيم سليم مؤسس الكلية والتى تقدم لها 26 فريق من الجامعات المصرية والاجنبية، والمؤتمر الدولى الاول لبحوث وإبتكارات الطلبة فى مرحلة البكالوريوس بمشاركة 135 طالب يمثلون اكثر من 22 جامعة ومركز بحثي من مصر والدول الشقيقة والصديقة، وقدم خلالها اكثر من 58 ورقة بحثية تم تنظيمها في 16 جلسة علمية شملت مختلف التخصصات، كما حققت فرق مشتركة من طلبة الكلية وكليات الهندسة بالجامعات المصرية نتائج متقدمة في العديد من المسابقات الدولية التي شاركت بها، وحصل فريق الفراعنة المصري على المركز الرابع فى المسابقة الدولية للجامعات بعنوان ( مستكشف صحراء المريخ 2016 ) والتى تنعقد سنويًا بالولايات المتحدة الأمريكية، وشارك الفريق ضمن (63) جامعة تضم العديد من الجامعات المصنفة عالميًا، وتمثل (12) دولة.

وحصل الفريق المصرى من طلبة الكلية الفنية العسكرية على المركز السادس فى المسابقة الدولية للجامعات (التحدى – الطائرات الموجهة بدون طيار 2016 2016 UAS Challenge) والتى تنعقد سنويًا بالمملكة المتحدة. حيث شارك الفريق المصرى في فعاليات المسابقة ضمن17 جامعة من الجامعات المتميزة فى مجال الطائرات الموجهة بدون طيار بالمملكة المتحدة. والجدير بالذكر ان الفريق المصرى هو الفريق الوحيد من خارج المملكة المتحدة الذى نجح فى التأهل للنهائيات فى تلك المسابقة، فضلا عن تحقيق مركز متقدم في مسابقة الهندسة الصواريخية الدولية للجامعات وحصل فريق الكلية علي المركز 33 من بين 86 فريق يمثون العديد من الجامعات الامريكية والعالمية.

وعن تشجيع الكلية للكوادر العلمية والبحثية قال الطالب مقاتل علي رضا إنه شارك في مسابقة طائرة بدون طيار من ضمن فريق مكون من 15 طالبا منهم 11 من الكلية الفنية العسكرية و2 من الكلية الجوية و2 من معهد هندسة الطيران بإمبابة، والتي اطلق عليها اسم "سكاي سندر" وقمنا خلال الفترة الدراسية بالعديد من الخطوات والتي تابعنا فيها عدد من المشرفين وأعضاء هيئة التدريس، خاصة وأن تصنيع طائرة بدون طيار وبها العديد من التكنيكات المختلفة، مما تتطلب معها العديد من التخصصات المختلفة ما بين الاتصال والتوجية، واستطعنا الانضمام والمشاركة وحصلنا خلالها علي المركز السادس من بين 17فريقا خاض التصفية.

كما أضاف الطالب مقاتل محمد أحمد أنه تعلم الكثير داخل الكلية، وخاصة الالتزام، والعمل ضمن فريق، مشيرا إلى أنه يوجد فى الكلية مكتبة كبيرة يتم الذهاب إليها للحصول على المعلومات، التى نحتاجها فى الأبحاث، والمشاريع التى نقوم بتنفيذها.

وتابع: أن العلاقة مع أعضاء هيئة التدريس قائمة على التعاون، ونقل الخبرات إلى الطلاب، موضحا أن هناك اهتمام كبير بالجانب العملى داخل الكلية، وفي ذات الوقت يتم تنمية المواهب الموجودة في المعاهد المصرية بحيث يتم الاستفادة منها واختيار العناصر المتميزة والتعاون معهم بحيث يكون تفاعل بين الكلية الفنية وطلبة الجامعات المدنية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
وفاة والدة مي عز الدين بعد تدهور حالتها الصحية