هدد تنظيم القاعدة، في تصريحات مفاجئة له، عقب وفاة عمر عبدالرحمن، الأب الروحي للجماعة الإسلامية، بارتكاب أعمال إرهابية ضد الولايات المتحدة الأمريكية، محرضا عناصره حول العالم على ما أسماه "الثأر" لوفاة عمر عبد الرحمن، وعدم نسيان وفاة الشيخ وتنفيذ وصيته بالانتقام لموته.
وقال التنظيم الإرهابي في رسالة نشرتها المواقع التابعة للتنظيمات التكفيرية، كما نشرته مواقع تابعة للإخوان، إنه سعى طيلة السنوات الماضية إلى إخلاء سبيله، عبر خطف رهائن غربيين وأمريكيين، إلا أن الولايات المتحدة كانت متمسكة ببقائه في السجن.
وأضافت القاعدة في بيان رسمي لها "الشيخ رحمه الله صبر، وتشمّر للعقبى، وعانق البلوى، إلى أن لحق بالمولى، وذلك بعدما قرر الأمريكان قتله في السجن، من أَثْناء منع الأدوية عنه، كذلك علي الجانب الأخر صرحت بذلك أسرته الكريمة ألهمهم الله الصبر والسلوان"، مؤكدا على مطلبه من أنصاره بالثأر لعمر عبد الرحمن، متابعا "يا شباب الأمة وليوثها: تلك وصية الشيخ بين أيديكم، اجتهدوا في تنفيذها، ولا تدعوا الأمريكان ينعمون بالأمن والأمان، اقتلوهم، اقعدوا لهم كل مرصد، ازرعوا الخوف في قلوبهم، اثأروا لشيخكم، دمروا مصالحهم في كل مكان، أشعلوا الأرض نارا تحت أقدامهم، خذوا من دمائهم واشفوا صدور قوم مؤمنين".
وكان قد شنت الولايات المتحدة الأمريكية، خلال أشهر قليلة، غارة جوية على مقر تنظيم القاعدة في اليمن واستهدفت جمع معلومات مخابرات عن التنظيم، وأكدت وسائل الإعلام الأمريكية، أن القوات لم تضبط أي متشدد أو تأخذ أي أسرى من الموقع بعد الهجوم الذى قالت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" أنه أسفر عن قتل 14 من مقاتلي تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. وتعرضت القوات التي شنت الهجوم لإطلاق نار.
الغريب في الأمر، أن تنظيم القاعدة لم يكن على وفاق طيلة الفترة الماضية مع الجماعة الإسلامية، رغم تقارب وجهات النظر والمرجع الفكري لكلا الطرفين، إلا أن غياب تنظيم القاعدة عن المشهد في الفترة الماضية، وامتلاك تنظيم الدولة "داعش" للساحة الإعلامية بشكل منفرد، وتبنيه لأغلب الهجمات الإرهابية في جميع بقاع العالم، يجعل من توقيت الإعلان أمرا مثيرا للجدل.
وردا على تساؤلات "أهل مصر"، حول قدرة "تنظيم القاعدة" على توجيه تهديدات حقيقية للولايات المتحدة الأمريكية، يقول اللواء أحمد عبد الحليم أستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية، إن تنظيم القاعدة، وجد ضالته في الجماعة الإسلامية، خاصة عقب الأحداث الأخيرة بوفاة عمر عبدالرحمن، كما أنه يريد العودة للساحة بعد تصدر تنظيم الدولة لها، مما يعطي دلالات واضحة حول إمكانية تطور العلاقات بين التنظيمين، وإنشاء تحالفات جديدة لربما تمثل خطرا أكثر قوة وأشد بأسا على جميع دول العالم، بما فيها مصر والدول العربية، وليست الولايات المتحدة فقط.
وتابع عبدالحليم، في تصريحات خاصة، أن تنظيم القاعدة حاليا لا يمثل خطرا حقيقيا، مستكملا "التنظيم فقد الكثير من إمكاناته خلال الفترة الماضية، ويريد التحالف والاستقواء بالجماعات الإسلامية، وداعش"، متابعا، أن التنظيم فقد قوته ولم يعد للظواهري سيطرة عليه لاسيما في ظل انتشار راية تنظيم داعش في عدد من مناطق سوريا والعراق.
وفي إطار متصل، قال الدكتور رفعت سيد أحمد، الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي، إن الضربات الأخيرة التي تلقتها القاعدة وقياداتها، تعد نقطة تحول في قوة وتماسك التنظيم، مشيرًا إلى أن تصريحاته الأخيرة بشأن الهجوم على الولايات المتحدة، يعد محاولة لاستراد قوته وظهوره الذي أثرت عليه داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية بشكل كبير.
وتابع أن استهداف قادة التنظيم وقتلهم في مناطق مختلفة، انعكس بصورة متسارعة على أفراده، وقادها إلى السير في طريق الفشل والانهيار شيئا فشيئا، خاصة مع الاختفاء الواضح لزعيم التنظيم أيمن الظواهري الذي يبدو أنه يفضل عدم الظهور كلما قتل أحد قادته أو تم استهداف التنظيم وأفراده.