كشفت صحيفة "هارتس" الإسرائيلية أن معركة تحرير الموصل ليست فقط لتحرير المدينة من احتلال تنظيم داعش الإرهابي الذي استمر سنتين ونصف بل أيضًا معركة ستُحدث تحول في مكانة التنظيم في العراق وفي المنطقة كلها.
وقالت الصحيفة: "عندما ستتحرر الموصل كليًا من سيطرة داعش سيضطر التنظيم إلى اتخاذ قرار استراتيجي، يمكن أنه الأهم في تاريخه وهو التركز في مناطق سيطرته في سوريا أو توزيع قواته في دول عربية أخرى والعودة إلى طريقة عمل القاعدة،هذه الطريقة التي تعتمد على التنازل عن إستراتيجية احتلال المناطق".
ووفقًا للصحيفة فإن الإحصائيات الجديدة، تؤكد أن قوات التنظيم في الموصل تبلغ 2.500 مقاتل مقابل إحصائيات سابقة تحدثت عن 5 آلاف الى 7 آلاف مقاتل.
وتوقعت الصحيفة، أن الحرب في غرب الموصل ستستمر أسابيع طويلة إذا لم يكن أشهر، حيث أنها ساحة مدنية صعبة تقدر بحوالي 750 ألف مواطن يعيشون في الموصل باكتظاظ في أحياء كثيرة وهذه الأشياء تصعُب على إدارة الحرب الجوية أو القصف المدفعي، وتصعُب أيضا على حركة المدرعات هناك.
وقالت الصحيفة أن الاستراتيجية العراقية التي تم تنسيقها مع الجيش الأمريكي بنيت على إدخال القوات البرية الكبيرة وإبعاد التنظيم إلى الأحياء التي يسهل قصفهم فيها جوًا، مضيفة أن التناسب البري في الحرب بين القوات المهاجمة والقوات التي تتعرض للهجوم يكون في العادة 5: 1، وفي الموصل يسعى الجيش العراقي الى الوصول لنسبة 20: 1، واذا كان عدد مقاتلي داعش يبلغ 2000 فان القوات العراقية قد تبلغ 40 – 50 ألف مقاتل، وللجيش العراقي الذي يعمل بالتعاون مع المليشيات المحلية لا توجد صعوبة في الوصول إلى هذا التفوق العددي وكذلك المظلة الجوية التي ستكون تحت تصرفه، غير محدودة، ولكن السؤال هو ما هي طبيعة الحرب التي سيفرضها داعش على هذه القوات.
وأوضحت الصحيفة أنه في شرق الموصل الذي تم تحريره في الشهر الماضي كان مستوى المقاومة ضئيل نسبيًا، لكن المعركة في هذا الجزء من المدينة تحتاج إلى ثلاثة أشهر حتى التحرير.
ويتبين من التقارير في المواقع المدنية أن التنظيم أستعد جيدًا للجزء الثاني من المعركة، فقد أنشأ حواجز أسمنتية عالية وزرع مئات العبوات الناسفة ووزع القناصة في الأماكن الحيوية وتوجد له صواريخ كتف مضادة للدبابات وصواريخ مضادة للطائرات، وفقًا للصحيفة.
وقالت الصحيفة، أن هناك إمكانية أخرى وهي أن لا يحارب داعش حتى الرصاصة الاخيرة، ويبدأ بسحب قواته في مراحل متقدمة من المعركة، ومن أجل حدوث ذلك بدأ الجيش العراقي في استخدام الحرب النفسية التي تشمل بث الراديو والتلفزيون، وقام بنشر صور جثث مقاتلي داعش في الشوارع، ونشر معلومات عن عدد القوات الكبيرة التي ستدخل إلى المدينة.
الحرب الحقيقية في المدينة لم تبدأ بعد، لكن على مشارفها الجنوبية والشمالية حقق الجيش العراقي أهداف استراتيجية هامة وحسب تصريحات قادة عراقيين بارزين، يتوقع أن يدخل الجيش خلال اسبوع،ولكن كلما اقترب موعد الحسم العسكري كلما زاد الخوف من اليوم التالي وفقًا للصحيفة.
وقالت الصحيفة من القائد الشيعي مقتدى الصدر، نشر في هذا الاسبوع خطته لاستقرار الوضع في الموصل بعد تحريرها، وبهذا فهو يجبر الحكومة العراقية على البدء من فحص مستقبل المدينة والدولة بشكل عام، من خلال 29 بند يؤكد على الحاجة إلى الحفاظ على وحدة الدولة والمصالحة الوطنية بين أبناء جميع الطوائف وفرض القانون والنظام من قبل الدولة وليس من قبل المليشيات المحلية، ويطالب بمغادرة القوات الاجنبية بعد المعركة، ليس فقط القوات الامريكية، بل أيضا القوات الايرانية وغيرها.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الوثيقة الهامة تقترح أيضا تشكيل وفد من رؤساء القبائل كي ينتقل من جنوب العراق إلى الموصل من أجل التقريب بين الطوائف، ويطلب الصدر من المليشيات الشيعية التي تعمل تحت إمرة ايران الاندماج في الجيش العراقي النظامي لمنع وجود أكثر من جيش في الدولة.
واختتمت الصحيفة تقريرها مؤكدة أنه إذا كانت إعادة السيطرة على الموصل ستحدد مصير تنظيم داعش فإن الطريقة التي ستدار بها المدينة بعد الحرب ستحدد المستقبل السياسي للعراق. وحتى الآن لم يتم صياغة خطة توضح ترتيبات الاعمار ومصادر التمويل، وتقاسم السيطرة على المدينة أيضًا، خلافا لسوريا التي تستطيع روسيا فيها أن تفرض النظام، فإن مواجهة هذه الأسئلة في العراق ملقاة على الحكومة التي تعبر عن الوحدة والتصميم في الحرب ضد داعش، ولكنها لم تنجح بعد في كسب ثقة السنة.