اعتدنا على مشهد في عدد من الأفلام السينمائية تجالس فيه سيدة لبقة الحديث، سيدات المنزل، الأم وبناتها، أو ابنتها، تمسك صورة عدد من الشباب، تحاول إقناع الفتاة بأنه زوج مناسب ومثالي وعريس "لقطة"، الأمر نفسه يتكرر بالعكس، حينما تذهب المرأة ذاتها، إلى أسرة العريس حاملة له صور العديد من الفتيات، السمراوات والشقراوات الفاتنات وبنات الحسب والنسب، تمدح في تلك وتقنعه بهذه، من أجل أن تتم الزيجة ولها عمولة جيدة، هذه المرأة كانت تسمى "الخاطبة".
اشتهر وجودها في الأحياء الشعبية غير أن وجودها في المناطق والأحياء الغنية كان نادرًا، لسهولة تعارف أبناء الطبقة الغنية عبر ارتيادهم الأماكن ذاتها مثل النوادي والسينمات وغيرها، إلا أن أبناء الطبقة الفقيرة والأحياء الشعبية يشعرون بالحرج من التعارف المباشر وكانوا لا يزالون يحتفظون بالعادات والتقاليد التي تحتم "دخول البيوت من أبوابها" لذا كانوا يرسلون في طلب الخاطبة التي غالبًا تكون على دراية جيدة جدًا بكل بيوت المنطقة من كبيرها لصغيرها وشبابها وفتياتها وكان يخشاها من يكون سلوكه معوج فلن يجد أو تجد شريكا في منطقتها.
أخذت مهنة "الخاطبة" أشكالًا مختلفة مع التقدم في عصر الانفتاح ثم الألفية الجديدة وصولا إلى عصر الفيسبوك وسناب شات، ظل تطور الخاطبة يومًا بعد يوم وأحيانًا تختفي وأحيانا أخرى تظهر، لم يعد في عصر الانفتاح في السبعينات لوجودها معنى بشكلها المعروف، بل صارت تتخذ أماكن معينة تناسب شباب هذه المرحلة، ظلت الخاطبة تتردد على الحمامات الشعبية تتعرف على النساء من بنات العائلات والسيدات الكبيرة لتعرف بناتهن وتحتفظ بأوصافهن في مخيلتها وأحيانًا بصورة مسربة من الأم.
ثم انتقلت لتكون داخل النوادي، ترتدي الجيب الواسع وتعقص شعرها، وتنتعل الكعب العالي، تتعرف على فتيات الذوات وفي الأماكن الشعبية وفي أماكن التجمع الخاصة بهم، وفي التجمعات الخاصة بالحفلات وأحيانًا في إعلانات الجرائد القديمة.
تطورت الخاطبة حتى وصلت شكلًا جديدًا يناسب عصر التكنولوجيا، ومع استخدام الإنترنت، لجأ الشباب للبحث عن نصفهم الآخر، عبر الفيسبوك ولكن صفحة متخصصة ظهرت لتساعد الشباب في الحصول على فرصة مناسبة للزواج، لتحل هذه الجروبات والصفحات محل "الخاطبة".
تعتمد فكرة الصفحات والجروبات الحديثة على نشر بوست لمن يرغب في الزواج تصف طالب الشريك، مهنته، وظيفته، عمره ومواصفات شريك الحياة، الإعلانات لا تقتصر على الرجال فقط بل للنساء أيضا نصيب من الجرأة، أحد هذه الجروبات كان اسمه "النص التاني".
قواعد حازمة وضعها مؤسسو الجروب لضمان نزاهة الجروب وعدم استغلاله بشكل سيء من قبل راغبي المتعة والتسلية، تضم البنود التي يجب على الأعضاء الالتزام بها، ومنها ألا يلتزموا بدعم زواج الرجل على زوجته للمرة الثانية، وأن يكون المتقدم قادر ماديًا على تحمل تكاليف الزواج، ويكون قادرًا على الإنفاق على أسرة، إضافة إلى زيادة عمر الشاب عن 24 عامًا، وعمر الفتاة عن 21 عامًا، أي بعد انتهاء فترة الدراسة للجنسين والتجنيد للرجال والالتزام بالسرية التامة للبيانات الشخصية وأرقام الهواتف، حيث لا يُسمح إلا بتداول المعلومات العامة، التي لا تكشف عن هويتهم، مضيفة أن الاحتياطات لا تمنع غير الجادين عن اختراق الجروب، الذين يتم طردهم فور اكتشافهم.