"عودة السياحة المصرية" كان ولايزال الحلم والشغل الشاغل للعاملين بالققطاع وللمصريين بشكل عام، وطوق النجاه للاقتصاد المصري الذي أصيب في مقتل، خلال السنوات الماضية، إلا أن للحكومة رأي آخر مغاير لكافة التوقعات والجهود المبذولة لرفع كفاءة القطاع واستعادة مكانته، كما كان في السابق.
وفي قرار مفاجئ، وعلى غرار قراراتها المثيرة للجدل، أعلنت الحكومة المصرية زيادة رسوم تأشيرة الدخول السياحية من 25 دولارا إلى 60 دولارا، على أن يطبق القرار من أول شهر مارس المقبل.
وخاطبت وزارة الداخلية بنك مصر، وهو المسئول عن بيع طابع “أبو سمبل” الذي يمثل التأشيرة السياحية التي تمنح للسائحين عند منافذ الوصول بالمطارات المصرية، إذا لم يكن لديه تأشيرة مسبقة من السفارة أو القنصلية المصرية في بلده قبل السفر.
القرار كان بمثابة صدمة حقيقية، للعاملين بالقطاع، بالإضافة إلى الشركات السياحية ومستثمري السياحة في مصر، حيث قال الدكتور عاطف عبداللطيف، رئيس جمعية "مسافرون" للسياحة والسفر، عضو جمعيتي مستثمري جنوب سيناء ومرسى علم، إن قرار رفع رسوم تأشيرة الدخول إلى مصر من مختلف المنافذ البرية والبحرية والجوية من 25 إلى 60 دولارًا في هذا التوقيت "جاء بمثابة الصدمة للقطاع السياحي بشكل عام".
وهاجم عاطف في تصريحات صحفية، توقيت قرار رفع رسوم التأشيرة لزيارة مصر، مضيفًا أنه غير مناسب على الإطلاق، خاصة أننا مقبلون في مارس المقبل على أكبر بورصة سياحية بالعالم وهي بورصة برلين التي ستقام في الفترة من ٨ إلى ١٢ مارس المقبل، وتشارك فيها أكثر من ١٨٧ دولة، ومصر تشارك بجناح تزيد مساحته على ٢٣٠٠ متر بهدف التنشيط للسياحة لمصر، خاصة أن قطاع السياحة يعاني على مدار 6 سنوات عجاف.
الأمر لم يتوقف على ذلك، فتوالت ردود الأفعال السلبية لمستثمري السياحة، مؤكدين أن هذا القرار في هذا التوقيت جاء بمثابة الصدمة للقطاع السياحي بشكل عام، مطالبين بإرجاء هذا القرار لمدة 3 شهور لحين تعافي السياحة وإبلاغ منظمي الرحلات الأجانب، كما أعلن النائب محمد عبدالمقصود عضو لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب، عن تقدمه ببيان عاجل لرئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، غدًا الأحد؛ لمراجعة أسباب القرار المفاجئ وإمكانية تأجيل تطبيقه أو إلغاءه، خاصة وأن أغلب ثمن التأشيرة تدخل خزينة الخارجية والباقي لمصلحة الجوزات ويمكنهما التنازل عن جزء منها لدعم السياحة إلى مصر في هذا التوقيت.
وفي سياق متصل، قال الخبير السياحي ثروت العجمى ، إن قرار زيادة رسوم التأشيرة لزيارة مصر، سيؤثر بالسلب على القطاع السياحي، ويزيد من تدهوره، مشيرا إلى أن هناك دول تقوم بمنح السياح الفيزا مجانيا، بينما في مصر التي تعانى من ركود القطاع السياحي، تقوم بزيادة الرسوم على التأشيرة، متسائلاً"كيف ينشط القطاع السياحي بعد قرارت الحكومة الغير مدروسة؟".
وتابع العجمي، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، إن الإتجاه لزيادة الرسوم على التأشيرة، بصدد القضاء على السياحة المصرية، وكان يجب أن يتم رفض القرار واللجوء إلى رئيس الوزراء لإلغائه، وإذا رفض رئيس الوزراء الاستجابة، فيجب اللجوء إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وشرح جميع الآثار السلبية التى سوف تقع على قطاع السياحة بسبب هذا القرار.
وفي ذات السياق، يرى الخبير السياحي عصام علي، أن العاملين بالقطاع السياحي تفاجئوا بقرار زيادة رسوم التأشيرة إلى 60 "ورقة الدولار"، مؤكدًا أن هذا القرار ترتب عليه جرح جديد لا يندمل، وذلك في ظل سعي وزارة السياحة لإعادة السياح إلى معدلاتهم الطبيعية كما كانوا عليه في عام 2010، وفي ظل الانفراجة التي أصبحت ملحوظة منذ يناير 2017.
وأضاف علي، في تصريحات صحفية له، أن الفترة الحالية لا تستدعي أي زيادة علي رسوم التأشيرة للسياح خاصة أن هناك أكثر من 30 دولة عالمية مازالت غائبة عن المقصد السياحي المصري، لافتا الى أن القرار سوف يشل نتائج 43 معرض سياحي لمصر حول العالم.
ومن جانبه انتقد عماري عبد العظيم، رئيس شعبة السياحة بالغرف التجارية سابقًا، قرار الحكومة بزيادة سعر التأشيرة السياحية لمصر، موضحًا أنه قرار خاطئ ومتسرع ولا يصب في مصلحة الوطن.
وقال عماري خلال مداخلة تليفزيونية مع الإعلامي سعيد حساسين مقدم برنامج "انفراد" المذاع عبر فضائية "العاصمة": إن هذا القرار ليس في صالح القطاع السياحي في ظل الظروف الراهنة، مشيرًا إلى أن القرار سيطبق في أول أسبوع من مارس المقبل وكان من المفترض أن يتم الانتظار عليه حتى يتم وضعه ضمن جداول البرامج السياحية للشركات.
واستنكر رئيس شعبة السياحة بالغرف التجارية سابقًا، اتخاذ قرار بزيادة سعر التأشيرة وسط حالة من التقليل في السعر في بقية دول العالم.
وقال الخبير السياحي محمد عثمان، إن قرار الزيادة كان صادما لجميع العاملين بالقطاع، وغير متوقع، فمصر تعانى منذ فترة طويلة من تدهور القطاع السياحي، ومع ذلك نجد قرارات الحكومة غير ناصفة للقطاع وتعمل على زيادة تدهوره، مستنكرا "دول العالم أجمع تسعى إلى اجتذاب مزيد من السائحين بإلغاء رسوم تأشيرة الدخول إلى بلادهم"، مشيرا إلى أن هذه الزيادة في رسوم تأشيرة الدخول ستقلل من الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية لاستعادة حركة السياحة الدولية.
يذكر أن رفضت غرفة شركات السياحة بالبحر الأحمر إبلاغ شركاء القطاع السياحي في الخارج من منظمي الرحلات بهذه الزيادة لاتخاذ ما يلزم نحو تضمين الأسعار الجديدة للتأشيرة على برامجهم السياحية.