تتجه الحكومة إلى خفض الدعم عن الطاقة وزيادة أسعار الوقود خلال الموازنة العامة الجديدة للعام المالي 2017 – 2018، وهو ما ظهر جليًا في تصريحات وزير المالية الأخيرة الذي أكد من خلاله أن قرار خفض الدعم على الوقود كان مطروحًا منذ عام ٢٠١٤ إلا أن ارتفاع أسعار الوقود عالميًا في ذلك الوقت تسبب في تأجيله، وهو ما دل على أن قرار خفض الدعم سيتم اتخاذه خلال الأشهر القليلة الماضية.
خفض الدعم في الموزانة الجديدة
بعد إقرار التعديلات الوزارية، بدأت الحكومة في إعادة للمراجعة الدورية لتداعيات قرارات الإصلاح المالي والاقتصادي التي تم اعتمادها في نوفمبر الماضي، وذلك في إطار إعداد الموازنة العامة الحديدة للعام المالي ٢٠١٧-٢٠١٨ المقرر تقديمها إلى مجلس النواب خلال الشهر القادم.
وتقوم الحكومة الآن ببناء الموازنة العامة الجديدة اعتمادًا على مجموعة من الإجراءات الخاصة بالاستمرار في البرنامج الاقتصادي من خلال خفض الدعم الموجه لعدد من القطاعات الخدمية مثل النقل سواء داخل القاهرة الكبرى وبين المحافظات، ورفع أسعار المواد البترولية مع بداية العمل بالموازنة العامة، وتشير المعلومات إلى أن مؤشرات النصف الأول من العام المالي الحالي تكشف أن إجمالي ما تم إنفاقه على المواد البتروليةً وصل إلى ما يقرب من ٣٥ مليار جنيه وهو ما تم تخصيصه لدعم المواد البترولية طوال العام المالي، مما يعني أن الحكومة أصبحت مجبرة على تحريك أسعار المواد البترولية وخفض الدعم، بحانب ما تم إقراره من زيادات في مخصصات السلع الغذائية.
كما أن هناك التزامًا من الحكومة لصندوق النقد الدولي بضرورة الاستمرار في برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي لضمان استمرار الحصول على شرائح قرض الصندوق طبقا للجدول الزمني، كما أن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد بل لابد من مواجهة زيادة الإنفاق على الجهاز الاداري في الدولة وتطبيق قرارات الإصلاح الضريبي.
سبب تأجيل القرار
وأكد الدكتور عمرو الجارحي، وزير المالية، أن الاقتصاد المصري شهد العديد من المعوقات خلال السنوات الأخيرة، بينها التغيير المتعاقب للحكومات منذ 2011، قائلًا: "إنه كان من الصعب لدى الكثيرين تصديق أن الحكومة قادرة على اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف، ورفع أسعار الوقود في نفس اليوم".
وأوضح الجارحي، أن قرار خفض الدعم على الوقود كان مطروحًا منذ عام ٢٠١٤ إلا أن ارتفاع أسعار الوقود عالميًا في ذلك الوقت تسبب في تأجيله، قائلًا:" نحن محظوظين بانخفاض أسعار البترول عالميًا".
وأشار إلى أن الاقتصاد المصري خلال الفترة من 1997 إلى 2003 كان قويًا على المستوى المحلي، لكنه لم يكن قادرًا على المنافسة عالميًا، لافتًا إلى أن الاقتصاد المصري تلقى خلال الأعوام الماضية مساعدات كبيرة للمرور من أزمته.
أمر سبق إعلانه
ومن جانبه، قال المهندس إبراهيم زهران، الخبير البترولي، إن مصر أصابها التصحر البترولي، حيث انخفضت نسبة اكتشافات الآبار البترولية في صحراء مصر، ولم يعد أمامنا سوى الغاز الطبيعي في البحر، وللأسف الغاز لا يعتمد عليه مثل السولار والبنزين وبقية المواد البترولية لذلك فقرار خفض الدعم هو أمر سبق وأعلنته مصر في إطار خطة خلال 5 سنوات لإنهاء الدعم.
وأضاف أن تخفيض الدعم حتى إلغائه في أي دولة يصاحبه عملية إنماء لباقي مصادر الدخل من صناعة وسياحة، وهذا ما تفتقر له مصر، لذلك فإن زيادة الأسعار والسلع أمر سيحدث دون أي قرارات تساهم في سد هذه الكارثة التي ستقع على رأس المواطن محدود الدخل.
سينعكس على أسعار جميع السلع
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور محمد نجار الخبير الاقتصادي، أن الحكومة أعلنت أكثر من مرة عن اتجاهها إلى اتخاذ قرار خفض الدعم عن الطاقة، موضحًا أن انخفاض أسعار البترول عالميًا سيخفف من الأعباء التي ستنتج عن قرار رفع الدعم.
وأضاف النجار، في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، أن قرار خفض الدعم وزيادة أسعار الوقود سينعكس على أسعار جميع السلع بدءًا من المواد الغذائية البدائية إلى أعقد المنتجات التكنولوجية، موضحًا أن الحكومة ستتجه إلى هذا القرار في محاولة منها لتخفيض العجز في الموازنة، خاصةً بعد ارتفاع نسبة العجز في الموازنة خلال الأشهر القليلة الماضية.