يعتبر الإنجاب حلما يراود الملايين من النساء والآباء، إلا أن نسبة ليست بالقليلة منهم تتعرض لعراقيل تؤدي إلى عدم الإنجاب والعديد من الأمراض تكون السبب خلف هذا، إلا أن الأطباء في مجال الإنجاب لا يدخرون وسعا في الاكتشافات لبحث الحلول وكذلك الاستعاضة عن بعض الحلول بالحقن المجهري والتخصيب والتلقيح وغيرها من الحلول الأخرى.
وآخر هذه المقترحات والحلول كان تأجير الأرحام طريقة يلجأ إليها بعض الأزواج ممن لم يرزقوا بالأطفال بسبب وجود مشكلات فى رحم الزوجة تمنع حمل جنين لذلك يتم اللجوء إلى رحم امرأة أخرى لزرع الجنين الملقح من الزوجين فيه حتى الولادة بأن تؤخذ نطفة من زوج، وبويضة من زوجته، ثم توضعا في أنبوب اختبار طبي حتى يتم التلقيح، ثم تزرع في رحم امرأة أخرى نظير مال يدفع لها، وقد تفعل ذلك تطوعًا ويطلق على المرأة صاحبة الرحم اسم الأم البديلة بينما تكون صاحبة البويضة هي الأم البيولوجية. وعندما تلد الأم البديلة الطفل تسلمه للزوجين مقابل مبلغ متفق عليه وقد يصل المبلغ أحيانا إلى ثلاث مئة ألف دولار في أوروبا وأمريكا.
وظهرت تجارة الأرحام لأول مرة فى الهند عام 2002، ثم بدأ فى الانتشار بدول جورجيا وروسيا وتايلاند وأوكرانيا وبعض الولايات الأميريكية وفى عام 2010 انتقلت تجارة الأرحام إلى مصر.
حالة من الجدال المجتمعي والديني ثارت في المجتمع المصري إثر الإعلان عن وجود ظاهرة تأجير الأرحام، وبين شد وجذب ورفض وتأييد والبعض يعتبرها أملا وحلا نهائيا والبعض يعتبرها تحديا لإرادة الله، إذ صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العلم الإسلامي بتحريم هذا الأسلوب من أساليب التلقيح والشائع عند علماء الأزهر تحريمه ما عدا الدكتور عبدالمعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية (أعلى هيئة للفتوى بالأزهر) والعميد الأسبق لكلية أصول الدين بالجامعة الأزهرية الذي أجازه للضرورة.
وتحرمه جميع الكنائس لتنافيه مع مبدأ الأمومة وهناك من سمح به من البروتستانت غير أن الفاتيكان ما يزال يرفضه في القرار رقم 2376 يرى أنه عمل غير أخلاقي وتحظر المسيحية ظاهرة الام المستعارة بتاتًا بل تمنع التقنيات المساعدة للحمل برمتها في ما خلا الأدوية المساعدة على الحمل. بينما يتسامح الاسلام قليلًا مجيزًا اللجوء الى الام المستعارة شرط ان تكون متزوجة من زوج المرأة التي لا تقدر على حمل الجنين.
وتجيز تأجير الأرحام المملكة المتحدة وكندا وأستراليا واليونان والدنمارك وبلجيكا وإيران وإسرائيل وبولونيا وروسيا وأوكرانيا ورومانيا وألمانيا وهولندا بشروط صارمة وبعض الولايات الأمريكية والهند وتايلاند والأرجنتين والبرازيل وجنوب أفريقيا تجيزه وتضع له شروطا وقوانين.
وتحظره عدة دول ونجد في المقدمة فرنسا وإسبانيا وإيطاليا والصين ومقاطعة الكيبك الكندية وبعض الولايات الأمريكية وجميع الدول الإسلامية باستثناء إيران تمنعه وتجرم القيام به كما يحظره وفقا للقانون (النمسا، ألمانيا، إيطاليا، سويسرا).
ورغم أن إيران، بلد تتمتع بشدة قوانين الشريعة والمبادئ الدينية المحافظة، إلا أنه يتم استخدام تأجير الأرحام كحل لمشكلة العقم، ففي بعض المدن مثل (طهران وأصفهان) تعمل بعض المراكز الطبية المتخصصة لحل مشاكل الأزواج الذين يعانون من العقم بهذه الطريقة وتتم عملية تأجير الأرحام فى إيران على مستوى الدولة لأكثر من 12 عاما في المراكز الصحية المتخصصة بتقنيات إنجابية، ويتم دعم جميع المشاريع البحثية من ميزانية الدولة ويصل تأجير الأرحام في إيران من (50-100 ألف دولار).
أفتي المرشد الأعلى الحالي آية الله خامنئي، أنه يجوز استخدام طريقة الأمومة البديلة في الطب لحل مشاكل الأسر الذين يعانون من العقم، وإجراء الإخصاب الاصطناعي، ففي رأيهم، استخدام مثل هذا الأسلوب يجب أن يتوافق مع المعايير الأخلاقية والقانونية وهي أن تكون المرأة المانحة (الأم البديلة) متزوجة، وموافقة زوج المرأة أن تحمل طفل رجل آخر، دفع جميع تكاليف المواد (الغذاء والأدوية وغيرها) للمرأة المانحة خلال فترة الحمل (9 أشهر) وما بعد الولادة (40 يوما).
وفي دولة مثل الهند وهي أول دولة في العالم تجريه، يرى المانعون له أن فيه خطرا على الطفل وأنه يفتح الباب للاتجار بالأطفال وسرقتهم وانتهاز النساء خاصة الفقيرات والمعدمات وهذا ما لوحظ في الهند ودول أوربا الشرقية وجنوب شرق آسيا غير أن المجيزين يتعاطفون فيه مع العاقر وحقها في الحصول على أطفال وحق المراة في التصرف بجسدها مثلما شاءت.
وتقدر عمليات تأجير الأرحام تجاريا الهند بأكثر من مليار دولار سنويا. فخلال فترة الحمل تعيش بعض الأمهات في مساكن خاصة يطلق عليها النقاد "مصانع إنتاج الأطفال". وأسست طبيبة هندية دارا مخصصة لإجراء هذه العمليات وتمنع لوائح الدار على النساء ممارسة الجنس خلال فترة الحمل، وتؤكد الدار على عدم تحمل الطبيب ولا المستشفى ولا الزوجين أصحاب الجنين المسؤولية في حالة حدوث مشكلات وإن كانت الأم حامل بتوأم، فهي تتقاضى نظير ذلك أجرا مضاعفا يصل إلى 10 الاف دولار، وإن حدث إجهاض خلال ثلاثة أشهر، تتقاضى 600 دولار. ويدفع الزوجان نحو 28 ألف دولار نظير الحمل الذي ينتهي بنجاح.
وتعتزم الحكومة الهندية حظر "تأجير الأرحام" على الأجانب وغير المتزوجين والشواذ، في ظل مشروع قانون مقترح يهدف إلى حماية النساء الفقيرات من الاستغلال. سمح فقط للمتزوجين المصابين بالعقم، الذين مرّ على زواجهم مدة لا تقل عن خمس سنوات، بالإنجاب عبر عملية "تأجير الأرحام" من أمهات مختلفة، شريطة أن تكون الأم البديلة (الرحم المستأجر) من أقارب الزوج العقيم.
تأجير الأرحام بدأ يأخذ طورا جديدا في الإعلان عنه في الوطن العربي ليس مصر وحدها وهناك صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى تعلن فيها بعض السيدات استعدادهن للتأجير بمقابل مادى يبدأ من 20 ألف جنيه إلى 25 جنيه، ويكون تحديد المقابل المادى حسب الحالة المادية للوالدين.
وفي وقت سابق أعلنت دار الإفتاء المصرية رأيها في تأجير الأرحام عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وقالت: "لا يجوز شرعًا أن تستنبت المرأة في رحمها بويضةً من امرأةٍ أخرى مخصبة؛ سواء كانت مخصبةً من زوجها أو من غيره، وسواء كانت صاحبة البويضة امرأة أجنبية أو قريبة أو ضرة تشترك معها في الزوج نفسه".
وتابعت: "وقد أجمع الفقهاء المعاصرون أثناء بحث هذه المسألة على حرمتها؛ لأن هناك طرفًا ثالثًا غير الزوج صاحب النطفة والزوجة صاحبة البويضة، ولا يمكن الجزم مع وجود الطرف الثالث بتحديد الأم الحقيقية لهذا الطفل.. فهل الأحق به صاحبة البويضة التي تخلق منها الطفل وحمل كل خصائصها الوراثية؟ أو الأحق به الأم الحاضنة صاحبة الرحم الذي تم فيه نموه وتطوره وتبدله حتى صار جنينًا متكاملًا؟ فكان هذا الفعل حرامًا، والقول بالتحريم هو ما عليه قرار مجمع البحوث الإسلامية بمصر وقرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة".