لا يعتبر اللجوء السياسي جديدًا فقد شهدت معظم الدول العربية والأوروبية لجوء البعض إليها في الآونة الأخيرة بسبب الحروب، وقد شاهدنا عبر التاريخ عشرات الأمثلة لأسباب مختلفة، بعضها سياسية أو دينية، أو بسبب الأمراض.
1-الغجر
أتت غجري، من فكرة خاطئة حول أن الغجر ترجع أصولهم لمصر، ولكن الأبحاث والتحليلات رجحت أن أصولهم ترجع لشمال غربي الهند، وبدأوا عام 1300 ميلاديًا في هجرة هائلة للغرب، إذ أُطلقت عليهم ألقاب مثل الذين لا يجب لمسهم Astingani، وارتبطت هذه السمعة بهم في كل بلاد أوروبا التي عاشوا بها.
وحُصر الغجر لسنوات في أعمال بسيطة، مثل الحدادة وعزف الموسيقى، وفي عام 1308 ميلاديًا هزم العثمانيون الغزاني وقواته، لذلك انضم لهم الكثير من الغجر بعدما تغيرت هويتهم ولغتهم كثيرًا، وانتشروا مع العثمانيين على طول أوروبا وعرضها.
2-حجاج "بليموث"
هؤلاء الحجاج هم الرواد المهاجرين الذين انفصلوا عن الكنيسة الإنكليزية، وبالتالي ألقت الحكومة الإنكليزية القبض على بعضهم وقدمتهم للمحاكم، وأعدم بعضهم، لتقرر مجموعة منهم الرحيل والهجرة إلى هولندا عام 1608.
وباستخدام مساعدات مالية حصلوا عليها من إنكلترا، أبحرت بهم سفينة صغيرة من هولندا عام 1920، ورست في البداية في إنكلترا لينضم إليهم انفصاليون آخرون، وتوزع المهاجرون على سفينتين، الأولى تُدعى "سبيدول" والثانية "مايفلاور"، وأبحرتا من ميناء "بليموث" البريطاني، في سبتمبر 1920.
وانتهى المطاف بهم بعد ذلك في ولاية بليموث الأميركية، وجذبهم إليها وجود نهر صغير، ليقرروا أن تكون هذه المدينة وطنهم الجديد، وكان عامهم الأول صعبًا لقلة الطعام، والعمل الشاق، والطقس المتغير، وتسبب ذلك في موت نصفهم نتيجة تفشي الأمراض بينهم.
3- اليهود الأسبان
أصدر الملك فريناند والملكة إيزابيلا، ملك أسبانيا، في عام 1492، مرسومًا يُدعى المرسوم الأحمر، الذي بموجبه طُرد كل اليهود الإسبان من البلاد، وفي ذات العام رحب السلطان العثماني بايزيد الثاني باللاجئين اليهود في بلاده.
واستقر حوالي 250 ألف يهودي في الإمبراطورية العثمانية، وعاش هؤلاء اليهود "السفارديم" عصرهم الذهبي، خاصة بعدما نقلوا الطباعة للدولة العثمانية، وبدأوا في استثمار أموالهم في البلاد، وعرض عليهم السلطان مدينة طبريا الواقعة بفلسطين ليستقروا بها، وبالفعل قبل اللاجئون اليهود أن يعيشوا في هذه المدينة.
4-البروتستانت الفرنسيين
ألغى الملك لويس الرابع عشر في عام 1685م مرسوم نانت، الذي كان يحمي الحرية الدينية في فرنسا، وأعطى البروتستانت أسبوعين مهلة يتحولوا بعدها إلى الكاثوليكية أو يغادروا البلاد، وهاجرت مجموعات من "الهوغونوت" أو المسيحيين الكلفانيين البروتستانت من فرنسا لهولندا والسويد، وأيرلندا، وإنكلترا، وروسيا.
وكان لهؤلاء اللاجئين دور مؤثر في تنشيط الاقتصاد البريطاني، بعدما أدخلوا على المجتمع العديد من الأشياء الجديدة مثل الطباعة، وصناعة الساعات والصناعات المعدنية، واخترع الفرنسي المهاجر دينيس بابين طنجرة الضغط التي كانت البداية الحقيقية لمحركات البخار.
5- القوط والجرمان
واجهت الإمبراطورية الرومانية في القرن الرابع الميلادي أزمة لجوء كبيرة، إذ غزت قوات الهون البلاد من الجهة الشرقية، واجتاحت القبائل الجرمانية والقوطية الذين فروا باتجاه الإمبراطورية، وخلال سنوات قليلة احتل 200 ألف قوطي ضفاف نهر الدانوب شمالي روما، يتوسلون للحصول على ملجأ، وقبلهم الإمبراطور الروماني الشهير فالنس القوط في إقليمه؛ ليساعدوه على قتال الفرنسيين.
وبعدما قبلت الإمبراطورية الرومانية الغربية القوط على أرضها، جعلتهم يقيمون في خيام، أصبحت فيما بعد فخاخا للموت؛ لقلة الطعام والعوامل الجوية السيئة، ولم يجد اللاجئون وسيلة للمعيشة سوى ببيع أطفالهم.