تساهم المتحصلات الضريبية بنحو 75% من إجمالي موارد الموازنة العامة للدولة، وتعتبر الضرائب بالنسبة لغالبية الموازنات في العالم هي المصدر الرئيسي لموارد الدول، والتي من خلالها يتم الانفاق على الخدمات التي تقدم من صحة وتعليم ورصف طرق.
ورصدت موازنة العام المالي 20162017 متحصلات ضريبية وجمركية تصل إلى نحو 433 لتساهم بنحو 936 مليار جنيه من إجمالي إنفاق الموازنة فيما تبلغ الإيرادات نحو 631 مليار جنيه، وبذلك يصل العجز إلى نحو 305 مليار جنيه، والذي يمول من خلال الاقتراض الداخلي من البنوك وهو ما أدى إلى تضخم إجمالي الدين العام ليصل إلى 100% من الناتج القومي الإ"جمالي.
كلما وجدت الحكومة نفسها عاجزة عن تدبير موارد إضافية لا تجد أمامها سوى زيادة الأعباء الضريبية والتي يتحمل معظمها محدودي الدخل.
الدكتور عزالدين حسانين، الخبير الاقتصادي والمصرفي قال، إنه بمقارنة مصر، بباقي الدول ذات الدخل المتوسط نجد أن مساهمة الضرائب في الناتج المحلي ما بين 35 الي 45%، ولكن في مصر نجد أن مساهمة الضرائب في الناتج المحلي الإجمالي لا تتجاوز الـ15%، وهذا يؤكد أنه يوجد خلل في المنظومة الضريبة وهذا ليس معناه أنه يجب زيادة الضرائب، ولكن يجب أن تكون الإدارة الضريبة أكثر تطورا وانضباطا وعدالة اجتماعية أكثر من المطبقة حاليا.
وأضاف أنه يجب العودة مرة أخرى لفرض ضريبة الثروة والتي كانت تصل إلى 5% على من يصل دخلة إلى أكثر من مليون جنيه، وكانت ستحقق نحو 5 مليارات جنيه، فضلا عن ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة والتي تم تجميدها عامين كانت ستحقق نحو 3 مليارات جنيه، وبذلك يصل إجمالي ما كان سيتحقق من الضريبتين الملغاة والتي تم وقف العمل بها نحو 8 مليار جنيه.
وأوضح أنه كان يمكن من خلال تلك الضرائب سابقة الذكر أن يتم رفع حد الإعفاء إلى 24 ألف جنيه، ولذا كنا سنجد أن من دخله 2000 جنيه شهريا معفي من الضريبة وكان هذا سيحقق رضا شعبي لشريحة كبيرة من المواطنين البسطاء.
وأشار إلى أن الخلل في المنظومة الضريبية وطريقة تحصيل الضرائب تسببت وعلى لسان أحد قيادات مصلحة الضرائب إلى أن التهرب الضريبي إلى نحو 250 مليار جنيه، فضلا عن أن التهرب الجمركي يصل إلى نحو 6 مليار جنيه أي أنه يوجد ما يقرب من 260 مليار جنيه تهرب ضريبي وجمركي يمكن تحصيلها بتشديد عمليات التحصيل.
وكشف أنه عندما تم تخصيص الأراضي في الكثير من المناطق كمناطق استصلاح زراعي ومنها المنتشر علي جانبي طريق القاهرة- الإسكندرية الصحراوي وغيرها من المناطق الأخرى تم تحويلها لمجتمعات عمرانية يباع فيها المتر ليس اقل من 5 الاف جنيه فيما أنه تم الحصول على الفدان بـــ 300 جنيه، ولذا نجد ان الفارق كبير جدا ويجب ان تحصل الدولة على حقها من خرق القانون والتربح الذي حققه اصحاب تلك الاراضي من خلال فرض غرامة على كل متر بنحو 200 جنيه وهذا يحقق ما لا يقل عن 12 تريليون جنيه، فكل مستثمر حصل على مئات الافدنة وحولها الي منتجعات يجب ان يتحمل ثمن تلك المخالفات، هذا بالإضافة الي اكثر من 300 ألف عقار مخالف، فضلا عن التعديات التي حدثت ما بعد الثورة على الاراضي الزراعية والمخلفات داخل كردون المباني بزيادة الادوار.
وأوضح أن المصريين العاملين بالخارج ينتظرون أي مبادرة جادة من الدولة من اجل تملك عقارات داخل مصر، وفكرة تخصيص اراضي للعاملين المصريين بالعملة الاجنبية فاشلة حيث أنه تم استغلالهم ورفع اسعار الاراضي اكثر من سعرها بنحو 4 اضعاف، ولذا فالمواطن وجد انه تعرض للنصب والاستغلال من قبل الدولة، ولكن بناء مجتمعات سكنية مخصصة للعاملين بالخارج بالعملة الاجنبية سوف يشجعهم على الشراء وان تبيعها الدولة بسعر اقل من السوق وتحقيق هامش ربح ليس كبير، وهذا سيساهم في زيادة تحويلات العاملين المصريين بالخارج وتوفير العملة الأجنبية بالبنوك، لان المواطن سيجد انه سيسدد بشكل مباشر ثمن الوحدة السكانية ويحصل عليها مباشرة ولا ينتظر ان يتفق على عملية البناء او متابعتها وهذا امر في غاية الصعوبة نظرا الي انه لا يعيش في مصر، وهذا ما يطلق عليه "المطور العقاري".
وقال الدكتور مصطفي عبدالقادر رئيس مصلحة الضرائب الاسبق، أن مشكلة المنظومة الضريبية في مصر ان القطاع غير الرسمي يشكل النسبة الاكبر من تكوين الاقتصاد المصري.
واضاف الي أنه من أجل زيادة مساهمة الضرائب في الناتج المحلي يجب أن يتم التعامل مع القطاع غير الرسمي بطريقة أفضل وتشجيعه وإعطاءه الفرصة للدخول في المنظومة الرسمية واعطاءه الحافز من أجل التحول لتلك المنظومة.
واشار الي ان نظام الاعفاءات الضريبية من أجل تنشيط الاستثمار غير مجدية ومعدل الاستثمار لن يرتفع بمزيد من الاعفاءات.
كشف الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الاسبق، انه يوجد أزمة كبيرة التشريعات الخاصة بالاستثمار في مصر، والتي اتخذت نفس المنهجية في الاعداد والتطبيق منذ اوائل السبعينيات وحتي الآن.
وقال أن تشجيع الاستثمار يجب أن يكون من خلال قانون استثمار واضح وصريح، ولا يعتمد على الاعفاءات الضريبية كما حدث خلال العقود السابقة.
وأكد ان زيادة الاستثمار من شأنه زيادة معدلات النمو مما يؤدي الي زيادة موارد الدولة، وهو الطريق الآمن الذي تتبعه كل البلدان وتعمل على تحقيقه.