اعلان

من "الحمام الزاجل" إلى "لعب الأطفال".. هكذا تطورت وسائل التجسس

تقصي معلومات الأعداء وربما الشك في الأصدقاء، وفي الحروب والنزاعات، يبرز دور الجاسوسية، فمنذ الأزل والبشرية تحارب بعضها البعض من أجل مكاسب اقتصادية وسياسية، أو الاستيلاء على الأراضي والدول، أو منافع أخرى، وبداخل كل حرب كان هناك فريقا لا تقل أهميته عن المحاربين أنفسهم، وهم الجواسيس.

ولأهمية دور الجواسيس، كان لابد أن يكتمل دورهم على أكمل وجه، فهم ينقلون معلومات بدقة عن الأعداء، لذا ينبغي أن يعملون تحت ستار ما وألا يتم كشفهم، كذلك كانت لهم وسائلهم الخاصة التي تساعدهم على ذلك، وقبل اختراع وسائل التواصل الحديثة، كان الدول قديمة تتجسس على بعضها بطرق مختلفة.

كان الحمام الزاجل أحد أهم تلك الوسائل وأقدمها ينقل رسائل الجواسيس من داخل مكمنه إلى قيادته، رسائل قصيرة وصغيرة وأحيانا تكون مشفرة، حتى إن وقعت في يد أحد لا يفهمها، الأمر الذي أتبع وجود علم التشفير المعقد.

لم يكن الحمام الزاجل وحده الوسيلة السريعة، بل تطورت حينما تم اختراع الهاتف والراديو فكان يستخدم الراديو أحيانا كوسيلة يلجأ الجواسيس إلى الاستعانة بالإرسال الإذاعي لبث المعلومات السرية بطريقة خفية من خلال أحاديث عادية، أو إرسال برقيات تهنئة أو سماع برامج الراديو الأجنبية تسمع وتراقب أثناء الحرب العالمية الثانية حتى لا تنقل تعليمات للجواسيس أو معلومات سرية يتم نقلها تحت ستار الإذاعة البريئة.

كما كان الجواسيس أحيانا يستغلون الصحف اليومية في أعمال الجاسوسية بطريق غير مباشرة في نقل الرسائل السرية على طريقة الكود حيث يقوم الجاسوس بنشر برقية معينة في الصحف تحمل معنى متفقًا عليه بين الجاسوس وأعوانه (مثل ألف مبروك لعقد قران فلان، الآنسة فلانة) وعدد من الرسائل التي قد تبدو عادية للبعض لكنها تحمل معلومات هامة ينتظرها طرف آخر.

لم تكن التكنولوجيا متاحة بالقدر الكبير في الحربي العالميتين الاولى والثانية، فكانت تستخدم أجهزة اللاسلكي المختلفة لنقل رسائل الجواسيس بأشكال مختلفة ومنها صغيرة الحجم على شكل علبة كبريت وكلما صغر حجم جهاز اللاسلكي كلما صغر مجاله كذلك استخدام الحبرالسري، والشيفرة والكود.

تطورت وسائل التجسس فيما بعد وأصبحت تأخذ أشكال أصغر حجما يصعب كشفها فتكون على شكل قلم أو علبة كبريت أو علبة سجائر، أو زر قميص أو أشكال أخرى، ويثبت داخل المكان المراد التصنت عليه مثل: تحت المكتب أو على الحائط مثلما يحدث داخل السفارات حيث يقوم رجال الأمن بالكشف عن مثل هذه الأجهزة داخل أماكن الاجتماعات السرية وذلك باستخدام جهاز لمسح التصنت.

وهو الأمر الذي كان السبب في الكشف عن (فضحية ووترجيت) التي أدت إلى عزل الرئيس الأمريكي (نيكسون) حيث قام بعض رجال نيكسون بإخفاء عدد من هذه الأجهزة داخل مقر الحزب الديمقراطي للتنصت على ما يدور داخله أثناء فترة الانتخابات.

ومن أهم وسائل التجسس الحديثة كانت كاميرات التصوير بالأحجام الصغيرة فيمكن إخفائها داخل علبة السجائر أو الولاعة. وبعض الأنواع يمكنها التصوير في الظلام.

ثم تطورت وسائل التجسس لتصل إلى التصوير صوتا وصورة باستخدام أفلام التصوير "ميكروتس" رغم أنها صغيرة الحجم يمكن أن تحمل عددًا كبيرًا من الكلمات يتم تجهيز هذه الأفلام ويقوم الجاسوس بتصوير المستند المطلوب بالكاميرا السرية، بتصوير الصورة مرة أخرى لتصغير حجمها ثم يعاد التصوير أكثر من مرة حتى يتم اختزال حجم الصورة لتصبح في النهاية نقطة بواسطة سرنجة خاصة ثم يلصقها ضمن الكلام بأي كتاب ليحمل الكتاب بعد ذلك عائدًا إلى بلده، وهناك يتم تكبير الصورة وتحميض الفيلم.

ويلجأ بعض الجواسيس إلى استخدام الحقيبة الدبلوماسية كوسيلة مأمونة لنقل كل أنواع المحظورات عبر حدود البلاد، فاستخدمت الجاسوسية لنقل المستندات والوثائق السرية خارج البلاد، بفضل تمتع صاحبها بحصانة دبلوماسية تمنع تفتيش حقيبته.

أخذ التجسس منحنا آخر، حينما فكرت حكومات الدول في التجسس على مواطنيها مثلما يحدث مع سكّان الولايات المتحدة وبريطانيا، وعدة دول أخرى حيث قامت شركة تعرف باسم Illuminating Concepts بدأت مشروعًا يسمى بـ Intellistreetsحيث تقوم بتركيب مصابيح ذكية لاسلكية في القرى والمدن يمكن تشغيلها عن بعد بهدف الحفاظ على الانضباط والحماية. هذه المصابيح ليست مجرد مصابيح تقليدية، وإنما مزودة بنظام صوتي ولافتات رقمية لبث معلومات حية للناس مثل التحذيرات والتوجيهات في حالات الطوارئ، ولكنها بجانب ذلك وبجانب وظيفتها الأساسية وهي إنارة الطرقات بكفاءة فهي مزوّدة بكاميرات ومايكروفونات تعمل على مدار الساعة وتنقل ما تسجله مباشرة للجهة المنوط بها إدارة هذا النظام.

وللغرابة أن تصبح أجهزة التليفزيون أحد أهم وسائل التجسس بالطبع ليست أجهزة التلفزيون التقليدية التي تعتمد على الأقمار الصناعية، ولكننا نتحدث عن أجهزة التلفزيون المتصلة بالإنترنت Internet TV وهي منتشرة حاليًّا بكثرة في الولايات المتحدة وأوروبا. مجرد اتصال التلفاز بالإنترنت كفيلٌ بالحذر، ولكننا بصدد خطر أكبر وهو أنّ هذه الأجهزة مزودة بكاميرات أيضًا تسجل كل ما تقوم به. أطلقت شركة “إنتل” منذ فترة خدمة Web TV وزودت وحداتها بكاميرات لمراقبة سلوك المستخدم واقتراح البرامج التي سيشاهدها بناءً على سلوكه وطباعه، كما أنها ستساعدهم في اختيار إعلانات مناسبة أيضًا لميوله الشخصية وبهذا أيضًا يمكنك أن تُودّع الخصوصية.

الأمر لا يتوقف عند أجهزة التلفزيون فقط، فهناك منصات الألعاب الحديثة المزودة بكاميرات ومايكروفون تسمح للاعب أن يتفاعل مع اللعبة دون أجهزة تحكم ولأن المنصة متصلة بالإنترنت فهي تسمح في نفس الوقت لمن يرغب في مشاهدتك أثناء اللعب أن يخترق النظام ويستمتع بذلك ببساطة.

وعبر تحقيق استقصائي قامت به صحيفة "وول ستريت جورنال"، أوضحت أن شركة FinFisher التي ظهر اسمها اثناء الثورة المصرية قامت بعروض لأجهزة الأمن المصري حول أنظمة تجسس على المواطنين المصريين.

وثائق شركة FinFisher تقول أن منتجات الشركة تستطيع إصابة الحواسيب عبر تزوير مواقع انترنت، أو تزيف تحديثات لأنظمة مشهورة، ثم تقوم أنظمة المراقبة التي تطورها الشركة في متابعة كل ما يقوم به المستخدم على الانترنت. هذا يشمل البريد الالكتروني وعادات التصفح وحتى الوثائق التي يجري ارسالها.

وثائق الشركة تظهر أن باستطاعة أنظمتها اختراق نظم تشغيل مايكروسوفت وأبل. متحدث باسم أبل ذكر لصحيفة وال ستريت ان شركته تبحث باستمرار عن حلول لأي مشاكل قد تؤدي الى اختراق أنظمتها (والدليل استغراقهم 3 سنوات لاغلاق ثغرة)، في حين رفضت شركة مايكروسوفت التعليق.

التنصت على كم هائل من المكالمات الهاتفية يتطلب حواسيب تقوم بالبحث خلال الأصوات وتحديد موضوع المكالمة. الشركة المطورة لهكذا برامج تقوم بالدعاية لقدرة منتجاتها على تحليل الكلام بلغات متعددة والكشف عن كلمات معينة اذا وردت خلال المكالمة والموضوع العام للمكالمة وفي بعض الأحيان الشخص المتحدث.

ماسحات الشبكة تقوم بجمع البيانات من مواقع متعددة وتخزينها في قاعدة بيانات من أجل تحليلها لاحقًا. OSINT او الاستخبارات مفتوحة المصدر تقوم على جمع البيانات من مواقع عامة مثل السجلات الحكومية، وسائل الاعلام، الشبكات الاجتماعية إلخ ومن ثم تحليلها.

كما تقوم تقنية موقع "ديب ويب" على جمع المعلومات من مواقع لم تقم محركات البحث بفرستها. هذا يشمل الوثائق وصفحات الانترنت.

الأجهزة الطبية المزروعة هي أجهزة إلكترونية بها أجزاء عضوية تُزرع داخل جسم الإنسان بهدف الحفاظ على حياته لوجود خلل في أحد الوظائف أو الأعضاء. أحد الأمثلة الشهيرة جدًّا والمنتشرة بكثرة أجهزة تنظيم ضربات القلب المعروفة بصانع الخطو Pace Maker

وفي أحد التطورات لأجهزة المراقبة والتجسس، أصبح الأمر منتشرا خاصة في اللعب التي يستخدمها الأطفال مثل الدمى كأن تركب بها كاميرا مركبة وهي لاسلكية تصل إلى مسافة 100 متر تقريبًا بينها وبين جهاز التحكم.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً